حتى أهله وعشيرته وأصحاب لغته الأم، الإنجليزية، كانوا يخطئون في كتابة اسمه، ويقال إنه هو شخصياً كان يكتب اسمه كل مرة مختلفة عن الأخرى أحياناً، أكثر من ذلك، فإن اسم عائلته لم يتكرر وليس هناك شبيه له، إنه وليم شكسبير الذي ترك الحياة قبل أربعة قرون بالضبط.. اسمه الشهير كان وراء أعمال روائية ومسرحية وشعرية خالدة، لكن اسمه كان مدعاة للسرقة بالضبط كما هي أعماله. ما سأسرده في السطور التالية، ليس تشكيكاً في إنجليزية شكسبير على الإطلاق، فمن المؤكد أنه سليل أسرة إنجليزية عريقة وأصيلة، لكن ما سأشير إليه هو فقط، لإثارة إجابة عن سؤال ما زال قيد التداول، ما هي الحجج التي يوردها البعض لتأكيد أصول شكسبير العربية، أولاً من خلال اسمه، فالبعض يقول إنه الشيخ زبير، خاصة أن بعض المطبوعات التي صدرت لأعماله، وهو على قيد الحياة كانت تفصل في كتابة الاسم، بين شيك ـ سبير Shake – Spear، هذا ما قاله العقيد القذافي في أحد خطاباته الشهيرة، ولا لوم على القذافي، إذ إن أمير الأدب العراقي، وأستاذ الأدب المقارن بجامعة بغداد، الدكتور صفاء خلوصي، المتوفى في لندن العام 1997، يقول إن «شكسبير» لا معنى له بالإنجليزية، فهو ليس إنجليزياً، بل شرقي الجذور والده أو جده من أهالي البصرة واسمه الشيخ «زبير»! للتخلص من مشكلة الاسم، صدر بعض المطبوعات بلندن، من دون ذكر اسم شكسبير على الغلاف «موقع فضائية العربية»، كما أن هناك 80 طريقة لكتابة شكسبير، بالإنجليزية!!! وأكثر من ذلك، فإن شكسبير ذاته، كان يوقع اسمه الأول، بطريقة مختلفة، وهناك صور لتوقيعه كالآتي: willm بدلاً من william، والقصد توقيع بالاسم وليس إمضاء. هناك توافق على عظمة ما أنتج شكسبير، شعراً ورواية ومسرحاً، إلا أن هناك بعض من تشكّكوا في تلك العظمة، الكاتب المسرحي الشهير، انتقد «الموسيقى» في مسرحيات شكسبير الشعرية على أساس أن جمالها يغيب المعنى الواهي للنص من قبل المتلقي، أما أعظم روائيي العصر، تولستوي، فقد انتقد شكسبير، أيضاً، خاصة مسرحية الملك لير، على أساس موضوعي، ذلك أن تولستوي ـ كما قال في نقده ـ لا يشجع عبادة الشخصية ولا عبادة الأفراد الأصنام، بينما شكسبير يفعل ذلك!! أما العرب، فلم يكتفوا بالبحث عن طريقة لكي يحوّلوا هذا الإنجليزي إلى عربي، بل ترجموه إلى العربية، وأشهر المترجمين العرب لأعمال شكسبير هو أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة القاهرة محمد عناني، عميد المترجمين العرب، الذي انشغل بترجمة أعمال شكسبير ولم يبقَ سوى «السونيتات» التي ستظهر هذا الشهر احتفالاً بذكرى الكاتب الإنجليزي الكبير. وإذا تجاوزنا الترجمات القيمة لأعمال شكسبير، فإن لهذا الأخير فضلاً في ترويج مسرح وسينما لدى العرب، فترة طويلة من الزمن، إذ تمت ترجمة وتحوير العديد من أعمال شكسبير، لتظهر في أفلام سينما عربية، بأسماء كتاب رواية أو سيناريو، من دون أي ظهور لصاحب الفكرة الأساسية، شكسبير، مع أن بعض هذه الأعمال السينمائية والمسرحية فعلت ذلك، لكن على نطاق محدود: فيلم «ممنوع الحب»، إخراج محمد كريم العام 1942، «حبك نار» لإيهاب راضي 1958، «الغيرة القاتلة» لعاطف الطيب 1982 (عن مسرحية عطيل) ومسرحية «ترويض الشرسة» لشكسبير تم تناولها في أكثر من معالجة: فيلم «آه من حواء» لفطين عبد الوهاب، و»استاكوزا» لإيناس الدغيدي. لتبرير مقنع للسرقات من مسرحيات شكسبير، يقول بعض العرب، إن شكسبير هو الذي سبق وسطا على تراثنا، ليس فقط عندما استخدم وحوّر اسم عطا الله، إلى عطيل في المسرحية التي تحمل نفس الاسم، هذا العطا الله أسود البشرة من المغرب العربي، بل ان شكسبير «لطش» معظم أحداث مسرحياته من ألف ليلة وليلة، فمسرحية عطيل التي كانت من ترجمة أولى بالعربية من قبل الشاعر خليل مطران، ثم عاد الدكتور صفاء خلوصي وترجمها تحت اسم «عطا الله» فإنها مستمدة من حكاية «قمر الزمان وعشيقته» والفرق بين القصتين أن ديزدمونة لم تكن خائنة، أما مسرحية «العاصفة» لشكسبير فهي تشبه حكاية جزيرة «الكنوز» في ألف ليلة وليلة، حتى أن شخصيات القصتين متشابهة إلى حد كبير، ثم إن مسرحية «تاجر البندقية» تشبه حكاية سرور التاجر وزين العواصف!! (الدكتور جليل كمال الدين ـ موقع الساخر). شكسبير بعد أربعة قرون على وفاته، لم يكتف السلف بالبحث عن جذوره، وتعظيم أعماله، بل إن بعض الإنجليز يَشُكُّون في وجوده أصلاً، بينما البعض الآخر، يعتقد أنه ليس هو من كتب وأبدع هذه الأعمال، مسرحياته تشير إلى وعي عميق، وتتناول مفردات فريدة ومُعقَّدة، من عرفوا شكسبير، الممثل، وسائس الخيول، ومتدني التعليم، لا يمكن له أن يلمّ بكل ذلك. وحتى بعد وفاته، أراد شكسبير أن يسخر من كل هؤلاء، فقد عرف أنه عظيم وأن قبره سيصبح مزاراً للناس، فقد كتب بيتين من الشعر، حرص على أن يكتبا على قبره: «مبارك الرجل الذي يحفظ هذه الأحجار، واللعنة على من يتجرَّأ على العبث بعظامي»، وفي ترجمة أخرى: إيّاكم أيها الزوار والفوضى حول القبر، الهدوء كل الهدوء للعظام العظيمة بداخل جوفه!!
يديعوت : حرب 7 أكتوبر: أربعة أوجه للإهانة الإسرائيلية!
09 أكتوبر 2023