العلاقة الأميركية- السعودية تزداد سوءاً

f30
حجم الخط

في الأسبوع الماضي وصل الرئيس براك أوباما في زيارة الى السعودية. ولكن هذه لم تكن جولة جذور باتجاه الماضي، بل جولة مع تلميح للمستقبل، حيث هدفت الى وضع الأسس لـ «إرث اوباما» الذي يحاول الرئيس الأميركي تركه خلفه عندما يغادر البيت الابيض بعد أقل من سنة. حاول اوباما في زيارته اظهار أن كل شيء على ما يرام في العلاقة بين واشنطن وحلفائها في الخليج، وضمان تذكر ولايته كولاية تم فيها الحفاظ على العلاقات الخاصة بين واشنطن والرياض. هذه العلاقة كانت في الماضي العمود الفقري للسياسة الأميركية في المنطقة، ونموذجا للطريقة التي تدافع فيها الولايات المتحدة عن حلفائها في أرجاء العالم – تايوان وكوريا الجنوبية والسعودية. واضافة الى ذلك سعى اوباما لتحقيق هدفين عمليين:الاول، تجنيد دعم السعودية لمحاربة «داعش». والثاني، الاتفاق مع السعودية على تعويضات وضمانات تؤدي الى إنهاء الازمة في العلاقة بين واشنطن والرياض في أعقاب الاتفاق النووي مع ايران في الصيف الماضي. لكن السعودية قررت عدم الانضمام لهذه المسرحية، بل التشويش عليها. فقد اختار الملك السعودي سلمان عدم القدوم الى المطار واستقبال اوباما. أما وسائل الاعلام السعودية فقد استقبلت الضيف بهجوم كبير عليه وعلى سياسته. وبرسالة فظة بأنه يتصرف كمن نسي اصدقاءه الحقيقيين. وهذا تلميح للعلاقة الغرامية بين اوباما وايران على حساب العلاقة التقليدية مع الرياض. من هنا فان العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تسوء. فواشنطن لم تعد بحاجة للنفط السعودي كما كانت في السابق. وقد تكون توصلت الى استنتاج أن ايران هي شريك ناجع أكثر يمكن الاتفاق معه في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط مثل مستقبل العراق واليمن وسورية ايضا. ويمكن أن هذه كانت خلفية هجوم اوباما على السعودية في المقابلة التي أجراها مع صحيفة «أتلانتيك»، التي انتقد فيها ايضا رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو. فقد اتهم اوباما نتنياهو بأنه لا يقوم بمدح الرئيس الأميركي كونه يفهم مشكلات المنطقة. وقد اتهم السعودية بالمسؤولية عن المشكلات في المنطقة والنار المشتعلة في العراق وسورية. لا تقتصر المشكلة على ادارة اوباما، بل تتعداها الى مستويات اخرى في السياسة الأميركية العامة. اثناء زيارة اوباما للرياض للالتقاء مع الملك سلمان ورؤساء دول الخليج الذين اجتمعوا في العاصمة السعودية في قمة مشتركة، واصل اشخاص من الكونغرس الأميركي السعي لاجراء تحقيق حول علاقة شخصيات سعودية رفيعة المستوى بالهجوم الارهابي في 11 ايلول في الولايات المتحدة. السعودية من ناحيتها هددت أنه اذا استمرت السياسة الأميركية والقضاء الأميركي في هذا التحقيق، وحاولا الحاق الإضرار بالممتلكات السعودية واستغلالها من اجل تعويض الضحايا في الولايات المتحدة، فان السعودية ستقوم بسحب استثماراتها من الولايات المتحدة. يصعب القول إنه يوجد في المملكة من عرف أو شجع عمليات ابراج التوائم في أيلول 2001. ولكن من الواضح أن سنوات من نشر الايديولوجيا الوهابية في أرجاء العالم قد ساهمت في تطرف الاسلام الذي أضر بالولايات المتحدة قبل 15 سنة عن طريق «القاعدة»، وهو يغرق الآن الشرق الاوسط بوساطة «داعش». ولكن اذا كان استنتاج الولايات المتحدة هو أن ايران أفضل، فهم سيدركون هذا الخطأ بسرعة. لقد قدمت السعودية على مدى السنين خدمات مهمة للمصالح الأميركية في المنطقة، وتركها هو رسالة خطيرة للعالم السني في الشرق الاوسط ولأصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة وخارجها. نأمل أن الادارة القادمة في البيت الابيض تقوم ببلورة سياسة شاملة تجاه مشكلات الشرق الاوسط وأن تجد الحلول لاصدقاء الولايات المتحدة في الخليج.