الذين وضعوا في التداول فكرة انتخاب ميشال عون رئيساً لمدة سنتين، يعرفون انها لن تمرّ لأنها تتطلب تعديلاً دستورياً يبدو مستحيلاً أمام إستحالة تأمين النصاب النيابي، ثم ان من فُرض عليه الصيام دهراً عن قصر بعبدا، لن يقبل بأن يكتب التاريخ انه فطر ببصلة فخامة مختصرة على طريقة لله يا محسنين!
لكنها فكرة لمزيد من الوقت الضائع الذي بدأ يرسّخ القناعة، بأن البلد يمشي مترنحاً برئيس أو من دون رئيس، هذا في حين يتّسع التناقض بين الحلفاء، ففي حين يقول سليمان فرنجية "إن الانجاز الأهم تحقق في ما خص الملف الرئاسي، وهو ان الرئيس من فريقنا ويجب ان لا نخسره سواء كان ميشال عون او سليمان فرنجية"، يأتيه الرد مزدوجاً:
أولاً عندما ينعى نبيه بري كل الآذاريين بالقول "ان ما يحصل حولنا ومنّا وفينا ومن داخلنا يؤكد الموت السريري لما يسمّى ٨ و١٤ آذار"، وهذا نعي يفترض ان يكون مبعث شكرنا العميم للرئيس النبيه، اولاً لأن الأمور والمعايير اختلفت كما قال، وثانياً لأن اختلافها يفترض ان يفتح كوة في الأزمة المقفلة ليصبح النعي إعلان ولادة الحل!
ثانياً عندما يسارع الشيخ نعيم قاسم الى الإعلان ان عون كان وسيبقى مرشّح "حزب الله" الى ان يعلن عزوفه عن الترشح، وبما يعني انه لا يرى الإنجاز الذي أشار اليه فرنجية إلا من خلال عون، وهو ما يدفعنا مع فرنجية طبعاً الى طرح السؤال: ولكن ماذا تنتظرون للنزول الى مجلس النواب لإستكمال الإنجاز وإنتخاب عون، فها هو فلاديمير بوتين يبلغ سعد الحريري [على ذمة جريدة "السفير"] ان أمر الانتخاب منوط بالسيد حسن نصرالله!
بري يحاول عبر نعي ٨ و١٤ آذار المشكور تكراراً، ان يشقّ مخرجاً عبر محاولة جديدة لدفع اللجان الى الاتفاق على قانون انتخاب، بعيداً من التمسك بمشاريع قوانين صيغت دائماً على نية إلحاق الهزيمة بالفريق الآخر بين الآذاريين، ولهذا يحضّ على استخراج قانون مقبول من ١٧ مشروعاً ملغوماً، مؤكداً ان ليس هناك من يمكن ان يزايد عليه في الحرص على الميثاقية، في رد واضح ومحق على الذين حاولوا القول إن اصراره على عقد جلسة لتشريع الضرورة في غياب المكوّن المسيحي طعن في الميثاق!
لكن بري الذي يضمن الأكثرية الكافية لعقد جلسة التشريع، يتمهل في إنتظار ولادة قانون انتخاب يكون بمثابة مرثية نتلوها على ضريح ٨ و١٤ آذار، ولتكون الكرة للمرة الـ٣٩ في شباك اولئك الذين اختزلوا المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً، عندما أقفلوا على الرئيس العتيد في صندوق "الأربعة الأقوياء" وسلموا المفتاح إلى "حزب الله" المشغول في سوريا واليمن باعتبار ان بعبدا تحصيل الحاصل!
عن النهار اللبنانية