عندما اصطحب رئيس حكومة إسرائيل وزراءه إلى مرتفعات الجولان السورية المحتلة وبعد اجتماع عقدوه هناك.. أعلن أن هذه أرض إسرائيلية مطالبا العالم بأن يغير فى خرائطه الجغرافية ليمد حدود الدولة العبرانية اليهودية إليها، وفور ذلك انتقده ما يسمى بالمجتمع الدولى بكلمات رقيقة ناعمة سواء تلك التى صدرت عن الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبى أو غير ذلك.. الأمر الذى دعا نتنياهو إلى أن يصرح بعد أيام مؤكدا ما سبق أن قاله من أن الجولان ستبقى جزءا من إسرائيل. وهنا سكت المجتمع الدولى مع أنه فى حالات أخري، مثل النزاع بين روسيا وأوكرانيا على اقليم «القرم» ثار وملأ الدنيا طنينا وبرغم أهمية وقوة روسيا إلا أنه وقع عليها عقوبات.. فلماذا لم يفعل ذلك مع إسرائيل رغم كل القرارات الدولية المعروفة؟؟ اننا لن نجيب فالمسألة معروفة والمخطط الصهيونى معروف وهو يسعى إلى اقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.. وإسرائيل تؤكد مطامعها التوسعية منذ بيجن وحتى اليوم.. والغرب الأوروبى والأمريكى يساندها اما لتداخله عضويا مع رموزها.. واما لاتفاق مصالحهما المشتركة التى تستهدف تفتيت الدول والقومية العربية وكذلك الحضارة العربية الإسلامية ـ التى انصهرت فيها حضارات المنطقة ـ والتى اعتبرتها استراتيجية الهيمنة والسيطرة الأمريكية ـ وحلفاؤها ـ هى العدو الرئيسى الباقى بعد سقوط النظام الشيوعى وتفكيك كتلته فى بداية تسعينيات القرن الماضي. ومن ثم.. فان المهم فى معادلة ما يجرى هو الموقف العربي، بمعنى كيف قابلت الأمة العربية هذا التصعيد الإسرائيلى بالغ الخطورة؟ وهل تكفى بيانات الشجب والتنديد وما صدر عن اجتماع مجلس الجامعة العربية ـ على مستوى المندوبين الدائمين؟ وهل تجدى بيانات وتعليقات الحكومة السورية الغارقة فى مشاكلها؟ أغلب الظن.. أن كل ذلك بلا نتيجة، وان إسرائيل سوف تمضى فى إعداد الجولان وتهويدها ومن ذلك بناء مواقع دفاعية عليها ومستوطنات وطرد مواطنيها السوريين ليذهبوا إلى دمشق أو.. إلى أى مكان.. فالمهم أن يبتعدوا؟ وبعد، فهل من مصلحة الدول العربية أن تسكت وتوفر جهودها لبناء ذاتها.. وكفى المؤمنين شر القتال؟ إن قراءة التاريخ وما جرى ويجرى واستشراف المستقبل الذى يبدو واضحا، يؤكد يقينا أن الهدف هو ما أشرنا إليه قبل سطور وهو هدم وتفتيت الأمة العربية التى هى قلب العالم الإسلامى ومحور ارتكاز الدول النامية ـ أى دول الجنوب فى آسيا وافريقيا ـ بل انها ظهير دول أخرى فى أمريكا الجنوبية واللاتينية وفى أوروبا ذاتها.. ولعلنا بغير تفاصيل نسترجع معا ما فعلته الجماعة الإرهابية والتنظيم الدولى وكيف تسللت إلى حكم مصر.. والموقف العظيم للشعب وقواته المسلحة والنظامية وما صاحب ذلك من كشف عورات دعم دول كبرى لهذه الجماعة.. وما تهتك من أسرارها ـ ولا يزال ـ وكيف كانت تخطط فى المنطقة.. وكيف كانت إسرائيل ـ ولا تزال ـ تؤيدها.. ولهذا لم يحدث أى خلاف أو.. احتكاك بينهما.. بل ـ ومنذ قيام إسرائيل وحتى هذه اللحظة ـ لم يثبت أن رصاصة واحدة من هذه الجماعة ـ واتباعها ـ قد انطلقت تجاه الصهاينة، وأكثر من ذلك لم تحدث فيها أى عمليات اغتيال وتدمير كما حدث ويحدث فى البلاد الإسلامية العربية!! من هنا.. فإذا كان نتنياهو.. يهذي.. كما يقول البعض.. فما الذى نفعله نحن؟ هل نهذي؟ أم.. نخطط للمواجهة.. أم.. نفكر؟ اننا نؤكد مجددا.. ان أى دولة عربية من المحيط إلى الخليج ـ فى مهب الريح إذا استمر تنفيذ المخطط الجهنمى لإسرائيل والجماعة الإرهابية بدعم من القوى التى تتربص بنا وتريد اقامة الشرق الأوسط الجديد الكبير الذى يقوم على الجغرافيا وليس التاريخ.. والذى ستحكمه المصالح الامبريالية وليست مصائر شعوبه وحقوقها فى الحياة! ونضيف أن «إيران» و«تركيا» وغيرهما من الدول التى تساهم بشكل ما فى هذا المخطط.. لن تكون بعيدة عن نيرانه.. وفى مرحلة منه سوف يهدمونها!! وأخيرا.. فانه ليس هناك داع لأن نقول ما ينبغى أن يحدث، فهو معروف، فالحياة العربية يجب عليها ومن الآن.. أن تلفظ الذين يشكلون عليها عبئا لكى تتاح الفرصة للمخلصين والشرفاء.. الراغبين فى العطاء دون الاكتفاء بالجلوس فى مقاعد المتفرجين.. والتسلى بما يجري!! و.. أخشى القول صراحة ـ وقلبى ينزف حسرة ـ أن نكون نحن ـ خير أمة أخرجت للناس ـ الذين نهذي.. ومثال ذلك أنه فى يوم ذكرى أفراحنا وانتصاراتنا خرج بعض الذين يدعون الثورية للتظاهر.. ومع انهم قلة قليلة جدا جدا إلا أن بينهم أفرادا ما كنت أظن انهم يحاولون اطفاء نور الشمس ويعكرون صفو الحياة ويقودون هتافات كان يرددها الإرهابيون الملاعين الخوارج الذين لفظهم الشعب تماما! وما كنت أظن أنهم سيغوون الشباب إلى الضلال السياسي.. ويا ليتنى أعرف لماذا.. ومن يقف وراءهم؟ وإلى أن أعرف.. ستستمر دهشتى وأقول: لك الله يا.. مصر.
عن الاهرام