«حزب الله» والسلفيون الفلسطينيون: مراجعة.. فمواجهة للتكفيريين

dfd0f85f-3e11-43cf-aa00-0395a2a2c09e
حجم الخط

يبدو أن اللقاء الذي جمع، أمس، «حزب الله» و «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة»، قد أسس لمرحلة جديدة في العلاقة بين الحزب والتنظيمين السلفيين بعد مرحلة من الشكوك المتبادلة بين الجانبين.
هي ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها الحزب مع هذين الطرفين، لكن اللقاء، الذي أتى بعد فترة طويلة من اللقاء الذي سبقه، جاء ليشير الى اتفاق جديد في ظل مرحلة دقيقة تعيشها المخيمات، وخاصة مخيم عين الحلوة، مع دخول ظاهرة تكفيرية استحوذت على تأييد بعض الشباب، من دون أن تشكل ظاهرة مقلقة، إلا أن بروزها مع التطورات الفتنوية في المنطقة استدعى مشاورات جدية لتطويقها في مهدها.
كان ذلك لب المحادثات التي جرت لدى استقبال عضو المجلس السياسي لـ «حزب الله» الحاج حسن حب الله وفداً قيادياً من «عصبة الأنصار» و «الحركة الإسلامية المجاهدة» ضم القيادي المركزي في «العصبة» أبو طارق السعدي وأبو سليمان السعدي مسؤول العلاقات في «العصبة» وأبو إسحاق إبراهيم المقدح معاون رئيس «الحركة الإسلامية».
لقاءات «عصبة الأنصار» و«الحركة» لم تقتصر في المرحلة الحالية على «حزب الله»، بل هي شملت أيضاً «حركة أمل»، وذلك في سبيل نقاش كيفية تحييد الفلسطينيين في لبنان عن الانجراف وراء حركات غريبة عن واقع هذا الشعب.
الحركتان الفلسطينيتان أجرتا في الفترة الأخيرة مراجعة هامة لموقفهيما الذي كان منتقداً في شكل كبير لقتال «حزب الله» في سوريا، وانتقل اليوم الى «تفهّم» هذا الجانب. والمفيد في اللقاء الأخير كان اتفاق الجانبين على رفض أي تورط فلسطيني في الحرب السورية، أو في غير سوريا من الدول العربية، بعد التأكيد على أن البوصلة هي على الدوام باتجاه فلسطين وقتال العدو الإسرائيلي. إلا أن الجديد في الأمر كان انضمام المشروع التكفيري الى توجس «عصبة الأنصار» و «الحركة الإسلامية المجاهدة» مع كلام بالغ الأهمية من قبل هاتين الحركتين غير موافق على هذا المشروع الذي بدأت إرهاصاته في عين الحلوة.
وإذا كان ثمة اتفاق على أن لا ظاهرة «داعشية» في عين الحلوة، بل تأييد محدود من قبل شبان في المخيم، فإن الحزب سمع كلاماً واضحاً حول أهمية عدم السماح لهذا المشروع بالتغلغل في المخيمات التي يجب أن تبقى محيدة عن الصراعات.
إذاً، ثمة تفاهم بين الحزب والتنظيمين السلفيين على أهمية استقرار عين الحلوة، وهذا الاستقرار حاجة فلسطينية ولبنانية، وثمة تشديد فلسطيني على ضرورة التواصل مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وقد طلب هؤلاء المساعدة في تسوية أوضاع بعض الموقوفين الفلسطينيين بجنح بسيطة، مع التأكيد على الانفتاح الكامل على الدولة اللبنانية.
باختصار، تأتي هذه اللقاءات تتويجاً لمراجعة من قبل هذين التنظيمين لتاريخ من البرودة مع «حزب الله»، وهي مراجعة لم تأت اليوم، بل أسسس لها اللقاء الأول بين الطرفين قبل أعوام ثلاثة والذي أدى في ذلك الحين إلى اتهامات بالتخوين لهذين التنظيمين، لكن مواجهة تلك الاتهامات كان لها الفضل في تفهم شريحة كبيرة من الفلسطينيين لسياسة الحزب الذي يحتفظ اليوم بعلاقات جيدة مع فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» ناهيك عن فصائل «تحالف القوى الفلسطينية».
من هنا، أعاد اللقاء الأخير الاعتبار الى القضية الأولى للجوء الفلسطيني في لبنان، ألا وهي حق العودة، والالتزام بالسيادة اللبنانية بعد شكوك كثيرة.. والتأكيد على عدم الاحتكام إلى السلاح لحل الخلافات بل عبر الحوار. وثمة عمل كثير بات على عاتق التنظيمين، وغيرهما من الفصائل الفلسطينية، لضبط الأوضاع في المخيمات، عين الحلوة خصوصاً، قبل استفحال خطر التكفيريين، وهو موضوع استحوذ على جانب هام من نقاش لقاء الأمس.