نافذة أمل وحيدة اسمها الـ»بي.دي.اس»

02081811996676870438248832764733
حجم الخط

يطالب الوف بن بعدم الانفعال من مقاطعة اسرائيل («هآرتس»، 28/4). أنا أوافقه ولكن ايضا بدون الانفعال لا مناص من القول: الـ»بي.دي.اس» هي اللعبة الوحيدة الموجودة، هي الامل الاخير للتغيير الذي يتمناه الوف بن ايضا. انها الوسيلة الوحيدة لمنع اسرائيل من الاستمرار في جرائمها، ولا يوجد سواها الا سفك الدماء الامر الذي لا يرغب فيه أحد. العقاب والمقاطعة هي ادوات غير عنيفة وشرعية لا مثيل لها (اسرائيل تنصح العالم دائما باستخدامها ضد اعدائها) حيث ثبتت فعاليتها. وايضا من يشارك بن تحفظاته يجب ان يعترف: انه لا يقترح أي بديل واعد «بلورة تأييد من الداخل»، كما يقترح هو امر لا يمكن ان ينجح امام غسل الادمغة والجهل والعمى والحياة الجيدة وغياب المعارضة والتطرف في المجتمع الاسرائيلي. نظرا لأن الحديث عن وضع سيئ، فمحظور ان يستمر، لا يمكن ترك الامر حتى يقول الرأي العام الاسرائيلي بالتكرم والتغير. فهو لا يمكن ان يفعل ذلك برغبته ولا يوجد سبب لفعل ذلك طالما انه لا يدفع ثمن جرائمه ويعاقب عليها. غير ديمقراطي؟ من يدعون هكذا يسجلون ذروة اخرى من الوقاحة الاسرائيلية: السماح باستمرار القمع والاضطهاد باسم الديمقراطية.       بدأ بن مقاله بوصف الفانتازيا: كيف يفرض العالم عقوبات على اسرائيل. الحقيقة ان هذه ايضا فانتازيا تخصني، تعبير عن لهفة من يرون الخطأ كل يوم ويأملون أن يأتي العقاب. حين تقوم شرطة حرس الحدود بقتل امرأة وشقيقها بحجة انهما «قاما برمي سكين» والمجتمع يتثاءب من الملل، تصحو الرغبة بضرورة الهز والعقاب. لكن الحديث ليس عن رغبة بالانتقام بل رغبة بالتغيير. يعتقد بن أن المقاطعة ستؤدي الى تصلب موقف اسرائيل. اثبت الماضي العكس. التنازلات السياسية القليلة التي قدمتها اسرائيل جاءت دائما بعد ان دفعت ثمنا قليلا، أو وجدت نفسها امام تهديد واضح. صحيح ان كوريا الشمالية وكوبا لم تخضعا للمقاطعة، لكن هذه ليست ديمقراطيات، والرأي العام هناك تأثيره قليل. الاسرائيليون وبناء على تجربة الماضي، مدللون اكثر. اغلق امامهم مطار بن غوريون ليومين وتعال لنر ما يحدث، اطلب اذن دخول على مدخل كل منتجع، ولنر من سيقول «ارض اسرائيل لشعب اسرائيل». ولم نقل شيئا بعد عن النقصان والازمة الاقتصادية الصعبة والمتواصلة، التي ستلزم الاسرائيليين بالرد اخيرا: هل كل هذا جدير للاستمرار بجنون الاحتلال، هل هم مستعدون لدفع الضرائب والعيش بنمط معين من اجل مناطق لم يزوروها ابدا ولا يهمهم مصيرها بالفعل. الرد الاول على المقاطعة سيكون كما يصف بن: ماتساده، وحدة، تحرش وتصلب. ولكن كرمشة عين ستبدأ بالظهور الاسئلة وفي اعقابها الاحتجاج. اسرائيليون 2016 غير مبنيين للعيش في سبارطا، ولا في كوبا، ان يسافروا في سيارات من الخمسينيات والاصطفاف في الطابور من اجل شراء اللحوم في سبيل استمرار وجود النار المقدسة. سيبيعون الكنا من اجل فارنا – وهذا جيد. واذا أدى هذا الى بقاء الكنا في دولة واحدة ديمقراطية، فهذا جيد. مروان البرغوثي في رئاسة حكومة ديمقراطية لا يخيفني يا بن. الـ»بي.دي.اس» لم تبدأ بعد بتنغيص حياتنا هنا. في الوقت الحالي لا يتم الحديث عن حرب اقتصادية حقيقية بل عن حركة تغير بالتدريج الحوار الدولي حول اسرائيل. يمكن وجود اسس لاسامية على هامشها، ولكن في الاساس هي حركة احتجاج لاصحاب ضمائر يريدون فعل شيء. التدهور الاقتصادي في اعقاب نشاطها قد يحدث بسرعة، وليس بالضرورة بشكل متدرج. في جنوب افريقيا جاءت جالية رجال الاعمال للحكومة وقالت: كفى، لا يمكن الاستمرار اكثر. هذا قد يحدث هنا ايضا. وهذا يخلق عندي الامل الكبير، يا بن، حيث لا ارى سوى الـ «بي.دي.اس».