رسالة الـ 83 سناتوراً، الذين يبدون الاستعداد لتأييد اتفاق بعيد المدى يزيد بشكل كبير المساعدات الأمنية لاسرائيل، خطوة مهمة لكونها من الحزبين، وهي تعكس التأييد الواسع لاسرائيل في مجلس الشيوخ. ومع ذلك، فقد رفعت الرسالة إلى البحث الجماهيري الاختلافات بين الدولتين في هذه المسألة. من المهم أن نفهم أن الخلاف لا يتركز على حسابات الارقام بل في الرؤية الاستراتيجية للتهديدات في الشرق الاوسط، في فكر وتقديرات ومواقف الدولتين، وهاكم الاختلافات المركزية الثمانية: 1. الاختلاف في الرؤية الاستراتيجية: في فكر اسرائيل، فان الاتفاق مع ايران مس أمنها وبالتالي يجدر بالولايات المتحدة، التي قادت الاتفاق، ان تساعدها على مواجهة ما فيه من مخاطر. ومن الجهة الاخرى ترى ادارة اوباما في الاتفاق انجازا استراتيجيا سيقلص التهديد النووي على اسرائيل. 2. الاختلاف الايديولوجي: ترى الادارة في الولايات المتحدة في المسيرة السلمية الجواب الافضل لأمن اسرائيل، بينما ترى اسرائيل مخاطر أمنية كبيرة ستنشأ بالذات في أعقاب اتفاق السلام (اوسلو وغزة في الخلفية). اضافة الى ذلك، تشكك الادارة في تماثل القيم والمصالح التي شكلت اساسا للمساعدة السخية لإسرائيل في السنوات الماضية. 3. الاختلاف في التوقعات: توقعت إسرائيل زيادة مليار دولار في السنة على الاقل في المساعدات. اما الادارة فتعرض ارتفاعا الى 3.7 مليار أي بزيادة 20 في المئة. وحقيقة أن العلاوات التي خصصها الكونغرس والمعدة للدفاع ضد الصواريخ أدخلتها الإدارة في أساس المساعدات، تجعل العلاوة العامة هامشية عمليا. وتطلب الادارة من اسرائيل التزاماً بعدم طلب علاوات خاصة من الكونغرس تتجاوز المساعدات التي يتفق عليها. اما اسرائيل فترى في حقها في التوجه إلى الكونغرس مرونة لا يجوز لها أن تتخلى عنها. 4. الاختلاف في فهم القيود المالية في ميزانية الولايات المتحدة: تشير الادارة الى التقليص في ميزانية البنتاغون والى الصعوبة في تقديم المساعدات الامنية لحلفاء آخرين (اسرائيل تتلقى اكثر من نصف المساعدات الخارجية الأميركية). اما اسرائيل بالمقابل فتشير الى التأييد الاستثنائي لها في الكونغرس والى المنافع الامنية للولايات المتحدة كنتيجة لتعزيز قوتها. 5. الاختلاف في تقدير سياسة الادارة التالية: تشير ادارة اوباما الى المصاعب التي ستكون لكل ادارة مستقبلية – جمهورية كانت أم ديمقراطية – لزيادة المساعدات لاسرائيل، وتشير الى تصريحات ترامب حول أن "على الدول التي تتلقى المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة أن تدفع مقابلها" كمثال على ذلك. أما في اسرائيل في المقابل فيقدر الكثيرون بان كل ادارة مستقبلية تقريبا ستغير الموقف السلبي لأوباما تجاه الشرق الاوسط، وسترى في تعزيز اسرائيل جزءاً لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية. 6. الاختلاف حول التركيبة الداخلية للرزمة: منذ الغاء مشروع طائرة هلفي في نهاية الثمانينيات سمح لاسرائيل بأن تستبدل نحو ربع المال الدولاري بالشيكل لغرض مشتريات من الصناعات الامنية الاسرائيلية سبق أن تضررت. اما الادارة فتؤيد الغاء هذا الترتيب في رزمة المساعدات، حتى وان كان بالتدريج. ويدور الحديث عن مس شديد بالصناعات الامنية المحلية وعبء بمقدار 3 مليارات شيكل على ميزانية الدفاع. 7. الربط بالموضوع الفلسطيني وبإرث الرئيس: يخشى نتنياهو من أنه إذا منح اوباما فرصة ليثبت مرة اخرى تأييده الذي لا جدال فيه لأمن اسرائيل من خلال الاتفاق، فان الامر سيسهل على الادارة العمل في الساحة الفلسطينية حتى في مواضيع لا يوجد فيها اتفاق مع اسرائيل. 8. الاختلاف في موضوع الثقة الشخصية: تعاني العلاقات بين اوباما ونتنياهو من نقص اساسي في الثقة نشأ مع السنين وبلغ ذروته في المواجهة بين الرجلين بعد الاتفاق النووي مع ايران. ويجعل انعدام الثقة قدرة الزعيمين غلى الوصول الى لقاء قمة يحسمان فيه المسائل المركزية للمساعدات الامنية صعبا. لقد اتخذت حكومة اسرائيل في صيف 2015 نهجا كديا حيال الادارة وأدارت كتفا باردة للاقتراحات الأميركية لاعطاء جواب أمني شامل للمخاطر النابعة من الاتفاق مع ايران. اما رفض البحث مع وزير الدفاع في موضوع تعويض اسرائيل قبل اقرار الاتفاق والتصويت عليه، وكذا الخطاب الاستفزازي في الكونغرس، فقد أضعفا موقف إسرائيل جداً. تجد اسرائيل نفسها في بحث احادي البعد عن المساعدات وليس في بحث شامل في جملة المسائل المهمة لامنها، وذلك امام ادارة مصابة واكثر تصلبا في مواقفها. نوصي باستئناف الاتصالات مع الأميركيين للوصول الى توافقات شاملة في المواضيع الامنية، وعلى رأسها الجواب على التهديد الايراني طويل المدى، الحفاظ على التفوق النوعي الاسرائيلي، رفع مستوى مكانة اسرائيل في مواضيع الاستلهام الايديولوجي والاستخباري واتفاق امني يزيد المساعدات لاسرائيل بشكل حقيقي وليس رمزيا، لا يمس بصناعاتها الامنية ويحافظ على حقها في طلب علاوات من الادارة التالية والكونغرس، اذا ما تجسدت التوقعات المتشائمة عن تعزز ايران، "داعش" او انعطافة سلبية اخرى في المنطقة.