"حماس" تسعى لرسم "خطوط حمر" جديدة على حدود غزة

20160605082356
حجم الخط

 تعكس أحداث إطلاق النار في حدود القطاع، يوم أول من أمس، التصعيد الأكثر خطورة منذ إنهاء الحرب الأخيرة بين اسرائيل و»حماس» في نهاية آب 2014. ولكن هناك أهمية أخرى للتطورات في غزة. لأول مرة منذ الحرب يبدو أن الذراع العسكرية لـ «حماس» تقف من وراء اطلاق القذائف واطلاق النار من السلاح الخفيف على قوات الجيش الاسرائيلي. الاحداث في الميدان لم تنته بعد، لكن يبدو أن هذه محاولة من حماس لوضع خطوط حمر لاسرائيل على خلفية جهود الجيش الاسرائيلي للكشف عن الانفاق الهجومية التي حفرتها «حماس» تحت الحدود الى داخل المناطق الاسرائيلية. بعد أكثر من سنة ونصف السنة بعد «الجرف الصامد» عاد المتحدثون الاسرائيليون وأكدوا، سواء في الارشادات والتوجيهات للجيش أو عبر الميكروفونات، الموقف ذاته: تلقت «حماس» من الجيش الاسرائيلي ضربة لم يسبق لها أن تلقتها، لهذا فان «حماس» مردوعة، وهي ليس فقط لا تطلق بنفسها الى داخل اسرائيل منذ انتهاء الحرب، بل إن عدد الحوادث الاجمالي في حدود القطاع هو الأقل منذ أكثر من عقد. وعندما يقوم احد التنظيمات السلفية الصغيرة باطلاق النار فان الاجهزة الامنية في «حماس» تبادر بسرعة الى إيقافه. هذا التحليل – الذي كان تعبيره الاخير بتصريحات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بعد زيارته نفقا تم الاعلان عنه في نهاية نيسان – كانت صحيحة الى أن أصبحت غير صحيحة. ألمحت «حماس»، مؤخرا، الى مسؤوليتها عن احداث اطلاق النار. وايضا قوتها النسبية مثل حقيقة أن النار وجهت نحو قوات الجيش الاسرائيلي التي تهتم بالبحث عن الانفاق القريبة من الجدار – أمام حي الشجاعية في شرق غزة وفي منطقة كيبوتس حوليت التي اكتشف فيها النفق الأخير – هذا يشير الى مسؤولية «حماس» عن اطلاق النار. ويصعب القول إن خمسة احداث متواصلة يمكن أن تحدث في يوم واحد دون أن يرغب المسيطر الوحيد في القطاع بذلك. إن ما يحدث هنا هو لعبة تلميحات متبادلة بين الطرفين في محاولة منهما لوضع ميزان الردع من جديد.  وكما كتب هنا، أول من أمس، فان «حماس» تعرف أن اسرائيل قد كشفت عن نفق هجومي واحد، وترى اعمالا اخرى يتم بعضها غرب الجدار داخل اراضي القطاع، وتسمع تصريحات حول الحل التكنولوجي الكامل للكشف عن الانفاق وتدميرها، الذي قد يصبح جاهزا خلال عامين. في هذه الظروف فان قيادة «حماس» متأرجحة بين التهديد المستقبلي وبين الخطر الفوري.  التهديد المستقبلي هو أن تسحب اسرائيل من «حماس» بشكل منهجي ورقة الانفاق، والخطر الفوري يكمن في قرار المبادرة والعمل، ما سيجر الطرفين بيقين الى جولة عسكرية اخرى تكلف «حماس» ضحايا كثيرين. والمدنيون في غزة سيواجهون كارثة انسانية رابعة (الرصاص المصبوب، عمود السحاب، والجرف الصامد). لا توجد لدينا صورة كاملة عن الاحداث، لكن يبدو أن «حماس» تمتنع الى الآن عن الحسم.  اطلاق النار من القطاع ما زال اشارة تحذيرية وليس دعوة الى حرب شاملة. وفي الخلفية تقف المنطقة العازلة الامنية بين «الرصاص المصبوب» في 2009 وبين «عمود السحاب» في 2012، حيث اتفق الطرفان بوساطة مصرية على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها داخل اراضي القطاع، في المنطقة العازلة وحتى مسافة 500 متر غرب الجدار.  بعد «عمود السحاب»، بناء على طلب من مصر، وافقت اسرائيل على تقليص المسافة الى 100 متر فقط. ولا شك أن هذا القرار قد سهل على «حماس» حفر 33 نفقا هجوميا اكتشفها الجيش الاسرائيلي قرب الجدار اثناء عملية «الجرف الصامد»، والآن يبدو أن «حماس» تحاول احباط عمل الجيش في عمق 100 متر. اسرائيل مدركة لأبعاد اعمالها المحتملة في الآونة الاخيرة، لكنها لا تستطيع الصمت على التهديد اذا اكتشفت وجود انفاق تم حفرها. وفي الخلفية هناك ظروف الحياة التي تزداد خطورة في القطاع. في الشهر الاخير أوقف الجيش الاسرائيلي نقل الاسمنت الى القطاع بعد أن تبين مرة اخرى أن «حماس» تستغل جزءا كبيرا منه في بناء الانفاق، وهناك تأثيرات اخرى لذلك: توقفت عملية اعمار آلاف المنازل وتوقف عمل آلاف الغزيين الذين يعتمدون على البناء، حيث أصبحوا دون عمل. هذه ايضا اسباب من شأنها أن تُسرع اندلاع المواجهة العسكرية القادمة. عن «هآرتس»