أخيرا عاد الحديث حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وأصبح على جدول أعمال ملوك ورؤساء المنطقة العربية والأوروبية، وأثير خلال سباق الترشح لرئاسة الجمهورية الأمريكية ومن قبل المفكرين العالميين.
وذلك عقب إثارة من جديد المبادرة الفرنسية تمهيدا للدعوة إلى عقد مؤتمر دولى للسلام بباريس لوضع حل للاحتلال الإسرائيلى والتوصل إلى اتفاق سلام يمهد لانشاء دولتين مجاورتين تعيشان فى أمن وسلام.
ويرى المراقبون أن هناك أجواء إيجابية قد تساعد على تقريب وجهات النظر الإسرائيلية والفلسطينية.. ففرنسا ترى انه لابد من التوصل إلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية وهناك حديث حول احتمالات إدانة مجلس الأمن لسياسة الاستيطان الإسرائيلية لأن الرأى العام العالمى قد ضاق بالجرائم التى ترتكب كل يوم ضد الفلسطينيين، إلى جانب الجهود التى تبذل من قبل مصر لدعم وتفعيل المبادرة الفرنسية من خلال عضويتها فى مجلس الأمن ورئاستها للجنة الوزارية العربية المعنية بدعم القضية الفلسطينية، ولا ننسى التقرير القانونى الخاص بالحماية الدولية للشعب الفلسطينى الذى اعدته الأمم المتحدة بباريس، وطرح خطة سياسية إسرائيلية تفرز حل الدولتين وتعيد إلى أذهاننا رؤى ناحوم جولمين رئيس المؤتمر اليهودى العالمى الأسبق.. إلى جانب أيضا ما يتردد عن توجهات الإدارة الأمريكية القادمة إزاء رفضها للتصعيد الإسرائيلي، وما أكده «نعوم تشومسكي» الفيلسوف السياسى العالمى فى حديثه المتميز للأهرام بأنه ـ لا يستبعد تحقيق سلام عادل بين فلسطين وإسرائيل وفق حل للدولتين، وفى مواجهة مؤشرات التفاؤل، فإن المراقبين متشائمون للغاية، ذلك لأن علاقات القوى ليست مؤهلة حاليا لإقرار صلح حقيقى وعادل بين الطرفين لأن الفاعلين على الساحة لايسعون إلى إقرار حل تفاوضى فلقد مرت 25 سنة على مؤتمر مدريد للسلام والذى قام بوضع الإسرائيليون والفلسطينيين فى مواجهة مباشرة لأول مرة. كما مرت 23 سنة على اتفاقات أوسلو التى سمحت بالاعتراف المتبادل، وإنما لايمكن التقدم نحو صلح إسرائيلى فلسطينى لأن القوة المسيطرة داخل إسرائيل ترفض أى حل وسط، كما أن حركة الاستيطان فى الضفة الغربية وفى القدس الشرقية مستمرة بشراسة واصرار لتخلق موقفا يضعف فرص تحقيق دولتين متجاورتين تعيشان فى أمن وسلام، ولاننسى أن الرأى العام الإسرائيلى وحكومة اليمين واليمين المتطرف لايشجعون منذ أكثر من عقدين التفاهم والتصالح مع الفلسطينيين.. كما أن«انتفاضة السكاكين»، التى تسببت فى اغتيال ووفاة مائتين من الضحايا معظمهم فلسطينيون قد تسببت فى تصلب الرأى المسبق لمعسكر «الصقور» فى حين أن معسكر «الحمائم» مضطر أن يوائم موقفه... وبنيامين نيتانياهو يردد فى كل مناسبة إنه مستعد للتفاوض دون شروط ولكن الاسرائيليين يعلمون أنه غير صادق.. أما محمود عباس فهو يقطع النفس ذهابا وإيابا لحث الرأى الدولى والإقليمى على تحريك الأمور.. وهذا لم يسفر حتى الآن عن نتيجة، كما انه يواجه موقفا معقدا، فإسلاميون حماس يسيطرون على قطاع غزة الذى تحول إلى «جيتو» يهودى يتم اجبار الإسرائيليين على السكن به ويخضع لحصار إسرائيلى يفجر جميع أنواع الاحباط والأحقاد. وإن العنصر الوحيد الذى قد يعطى للمبادرة الفرنسية مصدقية هو إمكان فرنسا إنه فى حالة تأزم الموقف سوف تعترف تلقائيا بإسرائيل.
عن الاهرام