ينبغي لاسرائيل أن تؤدي التحية لنائب رئيس الاركان على أقواله الشجاعة. ففي خطاب يوم الكارثة، الاربعاء الماضي، قال اللواء يائير غولان إنه يلاحظ في اسرائيل وجه شبه مع سياقات وقعت في اوروبا وفي المانيا قبل الكارثة. «اذا كان ثمة شيء يخيفني في ذكرى الكارثة، فهو ملاحظة سياقات تبعث القشعريرة وقعت في اوروبا بشكل عام وفي المانيا في حينه ... وايجاد دليل عليها هنا في اوساطنا، اليوم، في 2016». وفي اعقاب هجمات من وزراء ونواب من اليمين، نشر الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، الخميس الماضي، بيانا ايضاحيا، جاء فيه أن غولان لم يقصد التشبيه بين الجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل والسياقات في المانيا قبل 70 سنة، وان «التشبيه سخيف وعديم الاساس».
غولان، الذي يبدو انه فزع من الانتقاد الذي وجهه له اليمين، سارع لاضفاء الغموض على اقواله، لدرجة أنه من الصعب أن نفهم ما تقصده. ولكن رغم الايضاح المشوش، ينبغي الاستماع لاقواله بإصغاء شديد. فحتى لو لم يقصد مباشرة الجيش الاسرائيلي أو الدولة، فقد تحدث غولان عن مؤشرات وظواهر ينبغي أن تقلق كل اسرائيلي يهمه مصير المجتمع والدولة. ينبغي الاعتراف بأن المجتمع والدولة، وكذا، ايضا الجيش واذرع الامن، تمر في السنوات الاخيرة في سياقات خطيرة من شأنها أن تدهور اسرائيل الى واقع جديد وخطير. فالخطاب الجماهيري تحول في هذه السنوات ليصبح عنيفا وكاسحا، بتحريض من الحكومة، مع مظاهر منتشرة ومتكررة لظواهر ما قبل الفاشية.
كما يترافق الخطاب الجماهيري القومي المتطرف مع تشريع مناهض للديمقراطية، هدفه إضعاف أجهزة التوازن والرقابة في الدولة وتفكيكها بمنهاجية، وهذا ايضا مؤشر مقلق لا مثيل له. جهاز القضاء، المجتمع المدني، جمعيات اليسار، عالم الثقافة والفن وكذا الاعلام، كلها تقف امام تهديد حقيقي بسبب المس باستقلالها وادائها. كما أن مظهر الكراهية، التحريض، والعنف تجاه الاجانب والعرب اصبحت عاديئة ومقبولة، وهذا ايضا بتشجيع من حكومة اسرائيل.
كل هذه المؤشرات وكثيرة غيرها يجب أن تذكرنا بما نسي. فأحد الدروس الاهم للكارثة هو تجاهل مؤشراتها المبكرة، التي اوصلت النظام النازي الى حيث وصل. لقد سعى اللواء غولان الى التحذير من ذلك. فلا داعي لانتقاده او مهاجمته، بل ينبغي الاستماع الى اقواله وفحص اسرائيل في ضوئها.
عن «هآرتس»
-