استجابت «إسرائيل» لطلب تركيا بتجديد تزويد قطاع غزة بمواد البناءعبرمعبر كرم أبو سالم للمساعدة على «ترميم المباني» هذا ما تناقلته وسائط الإعلام «الإسرائيلية» الثلاثاء الماضي.
وقال يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «إن «إسرائيل» وافقت على إعادة تزويد القطاع بالأسمنت للمساعدة على ترميم المباني التي تم تدميرها خلال العدوان على غزة عام 2014م عقب وقف تزويد الفلسطينيين بهذه المواد مدة شهر كامل بدعوى«التدخلات التي قامت بها حماس في الآلية المخصصة لتوزيع هذه المواد على المتضررين الفلسطينيين من أجل الحصول على كميات خاصة بها، التي تلزمها لمواصلة عملها بمشاريع الأنفاق».
إلى هنا الطلب التركي أثمر ويستحق الإشادة لأن التخفيف من وطأة الحصار له مردوداته الإيجابية على حياة أبناء غزة المأساوية، لكن ما بعد هذا يلتقي الطلب التركي والتجاوب «الإسرائيلي» على لعبة خطرة.
معلوم أن «إسرائيل» لم تقم وزناً لقرارات الشرعية الدولية في شأن حقوق الشعب الفلسطيني وهي لم تصغ للنداءات والمطالب الدولية والإنسانية في شأن جرائم حروبها ضد الإنسانية وحرب إبادتها العنصرية لأبناء غزة من خلال حصارهم منذ سنوات عديدة.
ورفضت «إسرائيل» النصائح الأمريكية بعدم الإفراط في ممارستها القمعية للفلسطينيين وتجاهلها المطالب بوقف القاطرة الاستيطانية المندفعة في الأراضي الفلسطينية، وتعاملت «إسرائيل»مع التحركات والمواقف الدولية في شأن الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية وممارسة الجرائم الوحشية كما لو أنه تدخل في شؤونها الداخلية.
فكيف جاءت التطورات على هذا النحو في شأن المطالب التركية؟
اللافت هنا أن التجاوب «الإسرائيلي» مع الطلب التركي جاء بعد أن كانت تركيا طلبت إلى«إسرائيل» منحها موطئ قدم في غزة، وأثار ذلك ردود أفعال فلسطينية وإقليمية وعربية. والتجاوب «الإسرائيلي» مع الطلب التركي يأتي في مرحلة متقدمة من تداولاتهما حول علاقاتهما وهي كانت على الدوام قوية واستراتيجية ولم تضعفها أي خلافات بما في ذلك حادث الباخرة مرمرة الذي طوته التفاهمات رغم الضجة الإعلامية التركية.
قد يبدو التجاوب «الإسرائيلي»مع الطلب التركي مرجحاً للكفة التركية، بيد أن الأمر ليس بهذه القراءة السطحية إذ إن ما جرى مقايضة لمصلحة «إسرائيلية» وهذا ليس مجرد حكم مسبق يجافي الحقيقة.
جاء التجاوب «الإسرائيلي» مع الطلب التركي بعد اكتشاف «تل أبيب» لنفق كبير شرق حدود القطاع كما ذكرت وسائط إعلام «إسرائيلية» وهو واحد من الأنفاق التي أقامتها حركة «حماس»، وعلى هذا جاءت ردود الفعل «الإسرائيلية».
القضية هنا بالنسبة لـ«حماس» كما منظمات المقاومة الفلسطينية أنه من حق الشعب الفلسطيني مواجهة العدوان ومقاومة الاحتلال، لكنها بالنسبة ل«إسرائيل» قضية أمنية تعني الكيان الصهيوني ومستوطنيه.
إذا عدنا قليلاً إلى الوراء وتذكرنا ما كان أثير ومن مصادر صهيونية عن مفاوضات «إسرائيلية» مع «حماس» حول فصل القطاع عن الضفة ومررنا على إضاعة الوقت والفرص لإنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني يتضح أن الأتراك وال«إسرائيليين» يديرون لعبة ذات أهداف عديدة، من بينها تحويل الانقسام السياسي الفلسطيني إلى حال انفصال القطاع عن الضفة وإنشاء«دولة»وهي إلى ذلك توفر ل«إسرائيل» وضعاً في القطاع وضماناً من الأتراك بعلاقة مع«حماس». والجدير بالإشارة إلى أن الطلب التركي من «إسرائيل» الحصول على موطئ قدم في غزة سيصير متوافراً وهو لن يكون قاصراً على فرض الوصاية التركية على غزة وحسب، بل لأن الاهتمام التركي منصب على مصر في أمنها واستقرارها ودورها خاصة وما يرتبط بالأمن القومي العربي.
هل ستمضي الأمور كما هو مرسوم لها تركياً و«إسرائيلياً»؟
هذا ما ستجيب عنه الأحداث والتطورات القادمة.
عن الخليج الاماراتية