درج البروفيسور اللامع في ادارة الاعمال، بوعز رونين، على رفع يديه جانبا في "وضعية الشجرة الباكية"، كما وصفها، ليقول لنا، نحن طلابه الفضوليين، "ما الذي يمكن عمله؟"، وبهذه الكلمات عبر باستهزاء، مقلداً مديري الشركات الذين التقاهم. وبعدها كان يصف جملة معاذيرهم للفشل التجاري، مجموعة من "القوى العليا" التي اتهمها المديرون بالفشل، وكان السطر الاخير مشابها لدى الجميع – هذا ليس ذنبنا، بل بسبب الظروف الموضوعية. لقد اختص البروفيسور في تشخيص أعناق الزجاجات في المصانع وبتحريرها. "يمكن عمل اكثر مما حصل"، كما درج على القول. فحتى المشاكل المعقدة يمكن حلها، وهذا مثل تحرير الانسدادات في القنوات. وحتى لو لم يكن هناك حل مئة في المئة فهذا لا بأس به، فحتى 70 أو 80 في المئة افضل من لا شيء. الدولة ليست مشروعا، ولكن المبدأ مشابه. عنق الزجاجة الوطني والتهديد الاساس على مستقبلنا هو القصة الممجوجة والنازفة مع الفلسطينيين ذاتها. لا أدخل في هذه اللحظة في المسائل الاخلاقية، لان لها وجها مزدوجا. يكفي أن نقول اننا نعيش هنا بفضل انتصارنا، اما هم فيعيشون هنا بفضل أننا اكثر اخلاقية منهم بسبع درجات. لو كانوا هم من انتصروا لما تبقى هنا أي واحد منا، وعندما تقف حريات معينة لطرف واحد مقابل حق حياة الطرف الآخر، فان الجواب مركب. ثلاثة مبادئ يجب أن توجهنا عندما نفتح عنق الزجاجة الوطني: 1. محظور أن نعرض حياتنا للخطر: فليس حكم الضفة كحكم غزة، ولا يمكننا أن نتركها تماما. 2. لا للدولة ثنائية القومية: فهذا مثل الحليب مع السردين بالزيت، بيضة العين مع الشوكولاتة، سيارة مجرم مع عبوة جانبية، كل هذا لا يسير جيدا معا، في اقصى الاحوال يتقدم قليلا وبعدها ينفجر. 3. لا للابرتهايد: هذا حقا ليس نحن. هذا قليل مثل التحرشات الجنسية، فهذا منفر وكريه حتى قبل القانون ولكن الان يذهب الناس في هذا الى السجن ايضا. في القرن السابق الابرتهايد جرجر نفسه قليلا كيفما اتفق، ولكن حسناً أن هذا انتهى، ولا يمكن أن يعود. الساذج والفج هما قريبان ويسكنان بالجوار. من يعتقد أنه يمكن الوصول إلى اتفاق شامل ونهائي مع الفلسطينيين، ينبغي تصنيفه بما لا يقل عن واحد من هذين اللقبين. في ذات التصنيف يمكن أن نحصي ايضا من يقول: "رغم أنه لا احتمال، من واجبنا أن نواصل المحاولة للوصول...". فما المعنى من السير إلى اللامكان؟ وحتى من يقول: "نوافق على دولة فلسطينية ولكن فقط بهذا الشرط وذاك"، في الواقع يقول الجمود. ولكن "الجمود" ليس ثابتا حقا، فهو يوصلنا إلى البندين 2 و 3 أعلاه، وفي النهاية ايضا إلى البند 1. هناك حاجة لشيء آخر، هذا لن يكون مئة في المئة لأنه لا يوجد حل كامل، ولكن هذا سيكون افضل مما هو موجود. "عدو الجيد هو الجيد جدا"، درج البروفيسور على القول. ولكن "الجيد" هو بالتأكيد جيد بما فيه الكفاية. شركاؤنا في الحل هم الاميركيون وغيرهم من الدول الصديقة، وليس الفلسطينيين الذين خداعهم هو عقيدتهم. هم لا يريدون دولة منشودة خاصة بهم، بل ان يختلطوا مع تلك الناجحة الخاصة بنا. ينبغي الاعلان عنهم كدولة في حدود مؤقتة. دولة يوجد لنا معها خلاف اقليمي، وعن كل ما تبقى من المشاكل نبحث لاحقا في نادي الأعضاء، بعد أن نكون دفنا أم مشاكلنا. واذا لم يوافق الفلسطينيون على أن تكون لهم دولة منذ الآن فسينكشف أمام عيون الجميع وجههم الحقيقي.
الحرب المفتوحة، أم تسوية مؤقتة أم دائمة؟
31 أكتوبر 2023