نتنياهو يُزَوِّر «البطولة»: تدخل عسكري في القاهرة!

thumb
حجم الخط

كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو النقاب، يوم أمس، في ظل احتفالات إسرائيل بذكرى إعلانها، عن أن التهديد بإرسال قوة عسكرية إسرائيلية لإنقاذ أعضاء السفارة في القاهرة، عند مهاجمتها إبان الثورة في العام 2011، هو ما دفع السلطات المصرية للعمل على تخليصهم.
ومرة أخرى يضبط الصحافيون نتنياهو يكذب، عندما قال إن التهديد كان موجها لحكم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، وهو ما لم يكن موجوداً عند اقتحام جماهير مصرية للسفارة الإسرائيلية. حينها كانت مصر تحت حكم المجلس العسكري، ولم تكن قد جرت أية انتخابات، لا رئاسية ولا برلمانية.
وادعى نتنياهو أنه هدد بإرسال قوة عسكرية من أجل إنقاذ أفراد السفارة الإسرائيلية بعد تعرضها لاقتحام من جانب آلاف المتظاهرين المصريين في العام 2011. وجاء هذا الادعاء في كلمة ألقاها في الخارجية في حفل أقيم في ذكرى من قتلوا وهم يخدمون في السلك الديبلوماسي. وحسب ادعاء نتنياهو فإن تهديده هو ما قاد إلى الخاتمة الناجحة بالإفراج عن المحتجزين في السفارة.
وقال نتنياهو: «قبل بضع سنوات، جابهنا حصاراً كان يزداد وثوقاً فرض على رجالنا في سفارة إسرائيل في القاهرة. جمهور مشاغب وصل ليذبح رجالنا، وفي ذلك المساء استخدمنا كل الأدوات المتوفرة لدينا، خصوصاً التهديد بعملية إنقاذ ينفذها الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي رجح الكفة وقاد القوات المصرية ـ التي كانت حينها تحت حكم الإخوان المسلمين ـ مع تنسيق دقيق من هنا، إلى النهاية الناجحة للحادث».
ولكن خلافا لكلام نتنياهو، لم يكن «الإخوان» يحكمون مصر حينها، وإنما كان الحكم بيد المجلس العسكري بقيادة وزير الدفاع حينها المشير محمد حسين طنطاوي. وكان معلوماً أن قوات خاصة مصرية تحركت إلى مقر السفارة الإسرائيلية، وأخرجت رجال أمن كانوا محتجزين فيها، بعد أن أفلح المتظاهرون في اقتحامها. وفي تلك الليلة أصيبت إسرائيل بالذعر، وكان التحرك الأبرز هو مخاطبة كل من تعرفه ولها صلة به في مصر، وعندما شعرت أن الوقت ينفد وأن مصير مَن في السفارة في خطر استخدمت نفوذها لدى الإدارة الأميركية التي ضغطت بشدة على القاهرة لإنقاذ الإسرائيليين. وقد أنقذت القوات الخاصة المصرية ستة من أفراد الأمن في السفارة، وفي اليوم التالي وصلت إلى القاهرة طائرة عسكرية خاصة أقلتهم إلى مطار اللد.
ومن وجهة عملية يبدو أن تهديد نتنياهو بإرسال قوة عسكرية هو في أفضل الأحوال ادعاء فارغ، وفي أسوأ الأحوال تعبير عن الفزع الذي أصابه. إذ من يجرؤ في ذلك الحين على إرسال قوة إسرائيلية إلى قلب القاهرة لإنقاذ عدد قليل من أفراد السفارة من دون أن يتهم بالجنون. ومع ذلك يسعى نتنياهو لكسب النقاط من خلال ترداد ادعاءات تظهر بطولة. لكن، كما سلف، ليس فقط الجزء المتعلق بحكم «الإخوان» هو ما ليس صحيحاً، بل إن الادعاء بأن تهديده هو ما قاد إلى تدخل القوات المصرية أيضاً غير صحيح.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد نشرت حينها أن محاولات إسرائيل للتواصل مع طنطاوي بهدف حثه على تحريك قوة لإنقاذ مَن في السفارة باءت بالفشل. ولكن ما قاد إلى تحريك القوات المصرية باتجاه السفارة كان حصول اتصال هاتفي من الرئيس الأميركي باراك أوباما مع طنطاوي. وقد تدخل أوباما بعد أن طلب منه نتنياهو ذلك.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن أن إسرائيل وجهت تهديدا لمصر بإرسال قوات خاصة لإنقاذ السفارة التي بقيت مغلقة منذ ذلك الحين وإلى وقت قريب. ومعروف أن إسرائيل أعادت في أيلول الماضي افتتاح سفارتها في القاهرة بعد توثيق العلاقات مؤخراً بين الحكومتين.