الوقت المستقطع بين زيارتي حكومة الوفاق الوطني برئاسة الحمد الله إلى قطاع غزة، لم يكن مجرد وقت ضائع، البعض ربط الزيارة الأولى بأسباب تكتيكية تتعلق بالمؤتمر الاقتصادي الدولي لإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة وتذكير العالم، من خلال هذه الزيارة بأن هناك حكومة توافق وطني وحيدة هي التي ستتلقى أموال الدعم، أما الزيارة الثانية، فقد رأى فيها البعض أن حكومة الحمد الله، أرادت تذكير العرب قبل انعقاد قمتهم في شرم الشيخ بأن المساعي لتمكين الحكومة من أن تقوم بدورها في قطاع غزة آخذة بالتبلور، وان كافة أوجه الدعم الموعودة يجب أن تبدأ دون إبداء مبررات حول الانقسام والانفصال في الوضع الفلسطيني، لعدم قيام الدول العربية بالوفاء بالتزاماتها لدولة فلسطين.
غير أن الزيارتين في الواقع كانتا محكومتين بأسباب غير موضوعية، الأولى تتعلق بموافقة إسرائيلية من عدمها على مثل هذه الزيارة، علماً أن "وزراء غزة"، أيضاً، لم يتمكنوا في ذلك الوقت من الوصول إلى رام الله، وعندما سمحت إسرائيل بهذه الزيارة، تمت بالفعل دون أي ارتباط بالمؤتمر الاقتصادي الدولي، وكذلك الزيارة الثانية، فإنها لم تتم بالتزامن مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية، بل ارتباطاً، بما تم خلال الوقت المستقطع بين الزيارتين، من جهد دولي، لعبت فيه سويسرا الدور العلني، من أجل إيجاد مناخ يوفر أرضية صالحة لإعادة تعمير قطاع غزة في إطار خارطة طريق سياسية، تقف من ورائها دول غربية وإقليمية وعربية، الزيارة الثانية، جاءت لمناقشة المعطيات المتوفرة والآليات المحتملة على خلفية هذه الجهود، تزامن ذلك مع قرب انعقاد القمة العربية لا يعني أي ارتباط بها.
في الفترة بين الزيارتين، الوقت المستقطع، كانت هناك الورقة السويسرية التي وضعت لنفسها عنوان إيجاد حل لمسألة رواتب موظفي السلطة عموماً، وموظفي الحكومة السابقة، حكومة حماس على وجه الخصوص، باعتبار أن حل هذه المسألة هو الشرط الأساسي للعبور إلى الملفات الشائكة الأخرى، خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح وإعادة الإعمار.
ولوحظ، أنه بالتوازي مع الجهد السويسري، بطابعه الإداري التنموي أساساً، كما هو معلن، كانت هناك جهود دولية، تقودها الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، رغم أن هذه الجهود، بدت متناثرة من خلال تصريحات أميركية لها علاقة بالتوترات مع حكومة نتنياهو، قبل وبعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، وتصريحات أوروبية قادتها فرنسا، من خلال التوجه إلى مجلس الأمن لطرح القضية الفلسطينية على مجلس الأمن، كلا الجهدين، الأميركي والأوروبي، يتحدثان في الجوهر عن مسألة أساسية واحدة: العودة إلى المفاوضات، وإن بأفق جديد وبإصرار أشد، وباستثمار معلن لردود الفعل السلبية لتصريحات نتنياهو أثناء حملته الانتخابية، وربما كشكل من أشكال الرد على نجاحه الكبير في هذه الانتخابات وللتأكيد على أن إمكانية حصار حكومة نتنياهو، باتت أكثر احتمالاً إذا ما أصرّ على تنفيذ أقواله فعلاً، خيبة الأمل من نتائج صناديق الاقتراع في إسرائيل، من قبل المجتمع الدولي، كانت ربما وراء ما قيل عن عملية مراجعة للسياسات، وهنا من الممكن أن نتفهم ما يتحدث به حزب الليكود، من أن العراقيل من قبل أحزاب اليمين لتشكيل حكومة نتنياهو الجديدة، قد تدفع بالحزب إلى توخي تشكيل حكومة وحدة وطنية مع التكتل الصهيوني بزعامة هيرتسوغ، وهنا، الأمر لا يعود إلى أسباب حزبية أو لمجرد الضغط على أحزاب اليمين التي تحاول ابتزاز نتنياهو، بل إن للأمر أبعاده السياسية، ذلك أن حكومة وحدة وطنية، وليس حكومة يمين وتأثيرات اليمين المتطرف، من شأنها أن تجعل من حكومة نتنياهو، تحت حصار سياسي دولي، تقوده القوى الصديقة لإسرائيل.
زيارة الحمد الله الثانية، أوحت بنتائجها الشفهية ـ حتى الآن ـ أن هناك حلحلة في مواجهة العقبات التي كانت عصية على الحل، بوادر حلول توازت مع تصريحات أكثر عقلانية من قبل طرفي الأزمة، منحت الجمهور الغزي سبباً للتخلي ولو نسبياً وبتردد كبير عن احباطه وعدم ثقته التي تعود إلى تجارب سابقة، تمكين حكومة الحمد الله في غزة مقابل صفقة تتعلق بالموظفين ورواتبهم وتوافق أولي حول معبر رفح، وحل مشكلة الكهرباء، كلها إشارات إلى أن ما حدث بين الزيارتين، من خلال تدخل دولي ـ إقليمي ـ عربي، مهد الطريق أمام حل محتمل ولو بصعوبة، مقابل استعصاء شديد ليس له من حل على المستوى المتطور على الأقل.
مع ذلك، هناك العديد من الألغام التي من المتوقع أن تنفجر في طريق البحث عن حلول ناجحة للمعيقات، في طليعتها، عدم التوافق الداخلي لدى الأطراف صاحبة الشأن والقرار، هناك خلافات واضحة معلنة في الأوساط القيادية لحركة حماس ـ على سبيل المثال ـ حول الورقة السويسرية، هناك خلاف حول أن أي حل يتوقف على اعتبار الأرض المحتلة هي أراضي 1967، هو حل منقوص يتناقض مع الحقوق التاريخية، لكن إذا ما اعتبر الجميع أن الحل يبدأ بخطوة واحدة، في ظل ظروف بالغة التعقيد، فبالإمكان التغلب على كل هذه الألغام، المهم النوايا والإرادة.. فهل تتوفران لدى أصحاب القرار؟!
غير أن الزيارتين في الواقع كانتا محكومتين بأسباب غير موضوعية، الأولى تتعلق بموافقة إسرائيلية من عدمها على مثل هذه الزيارة، علماً أن "وزراء غزة"، أيضاً، لم يتمكنوا في ذلك الوقت من الوصول إلى رام الله، وعندما سمحت إسرائيل بهذه الزيارة، تمت بالفعل دون أي ارتباط بالمؤتمر الاقتصادي الدولي، وكذلك الزيارة الثانية، فإنها لم تتم بالتزامن مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية، بل ارتباطاً، بما تم خلال الوقت المستقطع بين الزيارتين، من جهد دولي، لعبت فيه سويسرا الدور العلني، من أجل إيجاد مناخ يوفر أرضية صالحة لإعادة تعمير قطاع غزة في إطار خارطة طريق سياسية، تقف من ورائها دول غربية وإقليمية وعربية، الزيارة الثانية، جاءت لمناقشة المعطيات المتوفرة والآليات المحتملة على خلفية هذه الجهود، تزامن ذلك مع قرب انعقاد القمة العربية لا يعني أي ارتباط بها.
في الفترة بين الزيارتين، الوقت المستقطع، كانت هناك الورقة السويسرية التي وضعت لنفسها عنوان إيجاد حل لمسألة رواتب موظفي السلطة عموماً، وموظفي الحكومة السابقة، حكومة حماس على وجه الخصوص، باعتبار أن حل هذه المسألة هو الشرط الأساسي للعبور إلى الملفات الشائكة الأخرى، خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح وإعادة الإعمار.
ولوحظ، أنه بالتوازي مع الجهد السويسري، بطابعه الإداري التنموي أساساً، كما هو معلن، كانت هناك جهود دولية، تقودها الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، رغم أن هذه الجهود، بدت متناثرة من خلال تصريحات أميركية لها علاقة بالتوترات مع حكومة نتنياهو، قبل وبعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، وتصريحات أوروبية قادتها فرنسا، من خلال التوجه إلى مجلس الأمن لطرح القضية الفلسطينية على مجلس الأمن، كلا الجهدين، الأميركي والأوروبي، يتحدثان في الجوهر عن مسألة أساسية واحدة: العودة إلى المفاوضات، وإن بأفق جديد وبإصرار أشد، وباستثمار معلن لردود الفعل السلبية لتصريحات نتنياهو أثناء حملته الانتخابية، وربما كشكل من أشكال الرد على نجاحه الكبير في هذه الانتخابات وللتأكيد على أن إمكانية حصار حكومة نتنياهو، باتت أكثر احتمالاً إذا ما أصرّ على تنفيذ أقواله فعلاً، خيبة الأمل من نتائج صناديق الاقتراع في إسرائيل، من قبل المجتمع الدولي، كانت ربما وراء ما قيل عن عملية مراجعة للسياسات، وهنا من الممكن أن نتفهم ما يتحدث به حزب الليكود، من أن العراقيل من قبل أحزاب اليمين لتشكيل حكومة نتنياهو الجديدة، قد تدفع بالحزب إلى توخي تشكيل حكومة وحدة وطنية مع التكتل الصهيوني بزعامة هيرتسوغ، وهنا، الأمر لا يعود إلى أسباب حزبية أو لمجرد الضغط على أحزاب اليمين التي تحاول ابتزاز نتنياهو، بل إن للأمر أبعاده السياسية، ذلك أن حكومة وحدة وطنية، وليس حكومة يمين وتأثيرات اليمين المتطرف، من شأنها أن تجعل من حكومة نتنياهو، تحت حصار سياسي دولي، تقوده القوى الصديقة لإسرائيل.
زيارة الحمد الله الثانية، أوحت بنتائجها الشفهية ـ حتى الآن ـ أن هناك حلحلة في مواجهة العقبات التي كانت عصية على الحل، بوادر حلول توازت مع تصريحات أكثر عقلانية من قبل طرفي الأزمة، منحت الجمهور الغزي سبباً للتخلي ولو نسبياً وبتردد كبير عن احباطه وعدم ثقته التي تعود إلى تجارب سابقة، تمكين حكومة الحمد الله في غزة مقابل صفقة تتعلق بالموظفين ورواتبهم وتوافق أولي حول معبر رفح، وحل مشكلة الكهرباء، كلها إشارات إلى أن ما حدث بين الزيارتين، من خلال تدخل دولي ـ إقليمي ـ عربي، مهد الطريق أمام حل محتمل ولو بصعوبة، مقابل استعصاء شديد ليس له من حل على المستوى المتطور على الأقل.
مع ذلك، هناك العديد من الألغام التي من المتوقع أن تنفجر في طريق البحث عن حلول ناجحة للمعيقات، في طليعتها، عدم التوافق الداخلي لدى الأطراف صاحبة الشأن والقرار، هناك خلافات واضحة معلنة في الأوساط القيادية لحركة حماس ـ على سبيل المثال ـ حول الورقة السويسرية، هناك خلاف حول أن أي حل يتوقف على اعتبار الأرض المحتلة هي أراضي 1967، هو حل منقوص يتناقض مع الحقوق التاريخية، لكن إذا ما اعتبر الجميع أن الحل يبدأ بخطوة واحدة، في ظل ظروف بالغة التعقيد، فبالإمكان التغلب على كل هذه الألغام، المهم النوايا والإرادة.. فهل تتوفران لدى أصحاب القرار؟!