الدولة الفلسطينية ستقوم قريباً رغم معارضة نتنياهو

اسرائيل
حجم الخط
بنيامين نتنياهو كرئيس وزراء منتخب أعلن بأن في ولايته التالية لن تقوم دولة فلسطينية. بجملة واحدة عبر نتنياهو عن الغرور، قصر النظر التاريخي، والمس الشديد بهوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.
ان السياقات التاريخية بين الشعوب لا يقررها رجل واحد ومن جانب واحد؛ فهي نتيجة الأماني القومية ومنظومة العلاقات الدولية التي تتعاطى معها. وفي سلوكه يعطي نتنياهو الانطباع بأنه يؤمن بقدرته على اصدار الاوامر لواقع الحياة. احيانا، مثلما في الانتخابات، ينجح. ولكن في موضوع الدولة الفلسطينية يخطئ. دولة فلسطينية ستقوم في السنوات القادمة، لأسباب عديدة.
في الضفة الغربية وفي غزة يعيش قرابة أربعة ملايين فلسطيني. وهم يريدون اقامة دولة خاصة بهم، وليس العيش تحت الاحتلال. وفي ضوء الشرعية الدولية لمطلبهم، فآجلا أم عاجلا سيحققون مطلبهم، بالمزج بين المفاوضات، الدبلوماسية الجماعية، والانتفاضة الشعبية. ما لا يفهمه رئيس الوزراء، يمكن لكل تلميذ في الصف الأول في العلوم السياسية أن يفهمه.
كما يوجد إجماع عالمي، من الحائط الى الحائط، يؤيد اقامة دولة فلسطينية على اساس حدود 67 مع شرق القدس عاصمة لها. القوى العظمى الرائدة في العالم تؤيد هذه الفكرة، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وطالما كانت اسرائيل مستعدة للمفاوضات، فإن هذه ساحة الحسم. ومع انصرافنا عن حل الدولتين، ستنتقل الساحة أغلب الظن الى مجلس الامن.
يتردد الأميركيون الآن بين إعطاء ضوء أخضر للفرنسيين للعمل وفق صيغتهم – حدود 67، تبادل للأراضي، عاصمتان في القدس، المبادرة السعودية، ترتيبات أمنية – أو ربما العمل على اقتراح خاص بهم بالتنسيق مع الاتحاد الاوروبي. قرار مجلس الامن ملزم. صحيح أنه لا يمكن فرضه، ولكن هذه مسألة وقت الى أن يتحقق، بمرافقة ضغوط سياسية واقتصادية، أو لا سمح الله بعد جولة عنف.
اضافة الى ذلك، فإن العالم العربي البراغماتي، برئاسة مصر، الاردن، والسعودية، يرى في اقامة دولة فلسطينية هدفا أعلى. علاقاتنا معه، مثل اتفاقات السلام مع مصر والاردن، أيضا متعلقة بذلك.
السبب الاساس لإقامة دولة فلسطينية هو أن اسرائيل لا يمكنها أن تواصل كونها قوة احتلال إلى الأبد. لا مكان في التاريخ الحديث يدوم فيه احتلال شعب لشعب آخر وبالتأكيد منذ عصر ما بعد الاستعمار.
العدل. نعم، يوجد أمر كهذا. مثلما استحققنا دولة قبل زمن طويل من قيامها، هكذا يستحق الفلسطينيون الاستقلال. فهم أمة، مع ثقافة، رواية وطنية، ورموز دولة. اليوم أصبح هذا مسألة حرية. من المرغوب فيه أن نفهم بأن حريتنا لن تبقى على قيد الحياة إذا لم يكن لجيراننا حرية.
هناك فوارق مهمة في الموقف مع الفلسطينيين. للطرفين اسباب وجيهة للضغينة، ولكن كل هذه لن تسمح للفلسطينيين بأن يشطبونا من الخريطة، ولن تسمح لنا بأن نواصل التحكم بمصيرهم. اسرائيل، تحت حكومتها الجديدة، يتعين عليها أن تقرر اذا كانت ستصطدم بكل الساحة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وستعاني من مقاطعات الاتحاد الاوروبي، وستقبل الدولة الفلسطينية في شروط غير مرغوب فيها.
كبديل، يمكن لاسرائيل، مقابل اقامة مثل هذه الدولة، ان تحقق انجازات مهمة في مجالات الأمن، الاقتصاد، والعلاقات الدولية والاقليمية. والتقدم المشترك مع الفلسطينيين (ابو مازن) وحده، تحت رعاية اميركية، يمكنه أن يضمن لنا الترتيبات الامنية اللازمة التي تمنع تحول الضفة الى فرع إسلامي متطرف. اما استمرار الاحتلال فيجعل حماستان نتنياهو نبوءة تحقق ذاتها. ثمة حاجة الى الحكمة والشجاعة من أجل إنقاذ المشروع الصهيوني، وهما حاجتان تنقصان جدا في مطارحنا.

عن «معاريف»