في بلادنا، لا يجادل أحد في أننا الأحوج لحماية البيئة وبكافة مصادرها، ومن ضمن الإجراءات المطلوب القيام بها في هذا الصدد هو تطبيق القوانين البيئية، وكذلك إلزام المشاريع الاقتصادية، وخاصة القريبة من الشوارع أو الأماكن العامة، وبغض النظر عن حجمها بإجراء دراسات تقييم الآثار البيئية للمشروع، وأن تتم الدراسات بأيدي فلسطينية وعلى أسس موضوعية، ويجب سن وتطبيق القوانين الملزمة، الآن وقبل أن يصبح ما تم تدميره أو تلويثه صعب الإصلاح.
وفي دول عديدة في العالم، يتم مخالفة من يقوم بإلقاء النفايات في الشوارع والأماكن العامة، سواء أكانت هذه النفايات سجائر أو بقايا طعام أو غير ذلك.
ويتمتع عمال البلديات في هذه الدول، بتلك الصلاحيات التي يتمتع بها أفراد الشرطة فيما يتعلق بمخالفة من يلوث الشوارع، ومن الأمثلة على ذلك دولة سنغافورة، حيث لفت انتباهي خبر قبل أيام، حول مخالفة لشخص قام بإلقاء عقب سيجارة في الشارع، والمخالفة شملت قيامة بتنظيف الشارع ولمدة ثلاثة أيام، وهو يرتدي زي عمال النظافة في تلك الدولة.
وفي بلادنا، ما زلنا نرى إلقاء وتراكم النفايات بشكل عام، سواء أكانت نفايات سائلة مثل المياه العادمة، أو النفايات الصلبة وبأنواعها وخاصة النفايات المنزلية والتي هي في ازدياد دائم، والتي نراها في الشوارع أو على جوانبها، ولنأخذ مثلا الشوارع التي تمتد من قلنديا وحتى بداية مدينتي البيرة و رام الله، مرورا بشارع كفر عقب، وحتى في شوارع بعض المدن الرئيسة، حيث اصبح من الطبيعي رؤية شخص وهو يلقي مثلا قشرة برتقال وهو يسير في الشارع العام ودون أن نجد من يتنبه لذلك أو يمنعه من ذلك،
ونحن نشاهد ذلك يحدث تقريبا يوميا، حيث ترى أشخاصا، وفي مختلف الأعمار يرمون النفايات وبأنواعها في الشارع وفي الأماكن العامة، والأدهى أو الأكثر إزعاجا حين يتم إلقاء هذه النفايات من داخل السيارات، وكذلك بأنواعها، ودون مبالاة إلى أماكن هي ملك للجميع.
وقد يكون هؤلاء اعتادوا على ذلك، أو يقومون بذلك وبشكل عفوي، وبالتالي فالتوعية والتربية مطلوبتان هنا، وربما هذا صحيح، ويحتاج إلى وقت وجهد وطاقم وطاقة وبرنامج وخطط وما إلى ذلك، ولكن اعتقد أننا بحاجة إلى إجراءات فورية وملزمة لإيقاف هذا العبث والتخريب والدمار للبيئة، وهذه الإجراءات تتمثل بتطبيق قوانين ملزمة، وبشكل فوري، لأن الآثار الصحية والبيئية لتراكم النفايات قد يكون من الصعب أو المستحيل إصلاحها، وإن تم ذلك يكون بتكلفة عالية جدا.
وهناك العديد من البلديات في العالم تقوم بتطبيق قانون البيئة الذي يتم تطبيقه على كافة المناحي البيئية في المدينة، حيث يمنح القانون مفتشي البلدية نفس القوة التي يتمتع بها أفراد الشرطة، ويؤهلهم لفرض عقوبات سواء أكانت بالسجن أو بالغرامة المالية على ملوثي البيئة، ومن ضمن ذلك إلقاء النفايات في الشوارع والأماكن العامة من الأفراد ومن داخل السيارات.
ومثل هذه القوانين معمول بها وبصرامة في العديد من الدول مثل ألمانيا، وفي ولايات من الولايات المتحدة الأميركية، حيث تصل غرامة إلقاء النفايات من السيارات مثلا إلى عدة مئات من الدولارات، وفي مناطق أخرى تكون العقوبة بالسجن.