لعل غياب أحد منظري العروبة كلوفيس مقصود، الذي ربطته بـ"النهار" علاقة خاصة، يعيد تسليط الضوء على اضمحلال مفهوم العروبة الذي ينطفئ يوماً بعد آخر في ظل هيمنة الاسلاميين على معظم الشعوب العربية. حتى في الدول التي لم تقم فيها ثورات اسلامية، بدأ المتشددون يقتحمون مواقع السلطة ان بالانتخابات النيابية أم في الشارع حيث يجد هؤلاء شعبية متزايدة في الاوساط المتوسطة الدخل والفقيرة.
لا مشكلة مع الاسلام، ويجب عدم الخلط اطلاقاً بين المسلمين والاسلاميين او بالأحرى المتأسلمين الذين يلتحفون بالدين الاسلامي، وهم من كل دين براء، اذ هم يقتلون أسراهم ويعدمون ابرياء ويحرقون مختطفين ويغتصبون نساء ويخطفون رجال دين ودنيا ويفجرون الكنائس والمساجد ويدمرون القلاع الاثرية. باختصار انهم يدوسون الانسانية ويدفنونها تحت التراب.
في ظل هذه الموجات التكفيرية والاجرامية وما سبقها وما قد يتبعها، تبدو الحاجة متزايدة ومضاعفة عشرات المرات، الى اعادة احياء مفهوم العروبة بما هو جامع لكل الطوائف والمذاهب والاحزاب والاعراق والجنسيات. لقد تمكن العالم العربي، في ظل مفهوم العروبة، من ان يتقدم فكرياً واجتماعياً وسياسياً، لكن اعداء الامة العربية سرعان ما بادروا الى تفكيك هذا المعطى الحضاري، ليعيدوا احياء العصبيات الضيقة، والانتماءات العشائرية، والولاءات المذهبية، للقضاء على كل الانجازات التي تحققت، وتلك التي كانت آيلة الى التحقق.
هكذا نخسر اليوم وجهاً من وجوه العروبة المضيئة، ومع ان معرفتي به لم تتعمق، الا ان صيته كان سبقه، وفكره تغلغل في منزلنا كما على صفحات "النهار". واذا كان كلوفيس مقصود يلتحق اليوم بركب من سبقوه من كبار هذه الامة، وبمفكري هذا اللبنان، فان التحدي في المحافظة على الفكر النير، وحمله مشعلاً ينير دروب امة تكاد تفقد كل ما تملك.
عن النهار اللبنانية