دخول «العمل» إلى الائتلاف يخدم كحلون، نتنياهو، وهرتسوغ

images
حجم الخط

ولّدت الانباء عن المفاوضات بين هرتسوغ ونتنياهو نوعين من ردود الفعل. الاول، الغضب: كيف يتجرأ رئيس حزب العمل على التنكيل بناخبيه هكذا، كيف يتجرأ على خيانتهم؟ والثاني، الهزء: كيف يهين رئيس "العمل" نفسه امام نتنياهو؟ كيف تفقده الرغبة في الوظيفة صوابه. عندما يرد الجميع بلغة واحدة، يثور الشك: لعل خطوة هرتسوغ أقل خيانية واقل هزءاً مما توصف. فعسيرة هي حياة رئيس المعارضة. إذ ان لم يتمتع بالشك، فبمَ سيتمتع؟ لثلاثة اشخاص على الاقل هناك مصلحة واضحة في دخول "العمل" الى الائتلاف: كحلون، نتنياهو، وهرتسوغ. كحلون يستصعب اداء مهامه كوزير للمالية عندما يكون الائتلاف يعتمد على 61 نائبا فقط. في السنة الاولى لولايته لم يحقق الكثير: فهو بحاجة الى وقت كي يثبت بان تعيينه كوزير للمالية أعطى ثماره، وهو يحتاج الى جناح يساري داخل الحكومة يعفيه من الحاجة ليصطدم المرة تلو الاخرى مع وزراء اليمين. كحلون، اكثر من نتنياهو، يحتاج الى هرتسوغ في الحكومة. مصلحة نتنياهو واضحة هي الأخرى: توسيع الائتلاف سيسهل على اداء الحكومة. والمثال الابرز على صعوبة العمل مع ائتلاف ضيق هو صفقة الغاز. فلو كان العمل، كله او جزء منه، او "اسرائيل بيتنا" او "يوجد مستقبل" شركاء في الائتلاف، فان الاتفاق مع شركات الغاز كان سيحظى منذ زمن بعيد بالمصادقة، في الحكومة وفي الكنيست. لدخول "العمل" الى الحكومة يوجد فضل اضافي من ناحية نتنياهو. فهو يحسن شيئا ما صورة حكومة اسرائيل في الغرب، قبيل الصراع السياسي الذي يتوقع الجميع أن يحصل في اواخر ولاية اوباما، بين تشرين الثاني وكانون الاول. دخول هرتسوغ لوزارة الخارجية سيقدم العلاج المسبق للمرض. مصلحة هرتسوغ ايضا مكشوفة. فاستمرار الوضع الحالي سيؤدي آجلا ام عاجلا الى تنحيته. فـ "المعسكر الصهيوني" برئاسته لا ينجح في قيادة المعارضة. والاخطر من ناحيته هو أنه يفقد الجمهور. فاحد لا يرى اليوم فيه وفي حزبه بديلا للحكم. والوضع سيئ لدرجة أن الانضمام للحكومة لا يمكن له أن يسيء له أكثر. ربما العكس: فالميزانيات ستعود لتضخ الى القطاعات المقربة من الحزب، ورؤساء المدن والمجالس واعضاء المركز سيكونون سعداء. والمهم، كوزير للخارجية ستكون له فرصة لاثبات كفاءاته وولائه للوطن. الجمهور، الذي يتجه يمينا أكثر فأكثر، سيقدر هذا. سيقدر حتى استعداد هرتسوغ للدخول في مفاوضات. السنوات التي جعلته رجلا راشدا قضاها هرتسوغ في "هرتسوغ فوكس نئمان"، مكتب محامين كبير وثري في البلاد. ومثل الكثير من المحامين التجاريين، يؤمن بانه في النهاية كل مواجهة تنتهي بحل وسط، وفي نهاية كل مفاوضات يوجد اتفاق. في السياسة تختلف قواعد اللعب: ليس دوما من يدخل في مفاوضات مستعدا للمساومة. احيانا تكفيه المفاوضات. يعشق  نتنياهو الاخذ ولكنه يكره العطاء (المفاوضات بالعبرية هي لفظياً الاخذ العطاء). وهو يصر على كل حرف عندما تكون القوة في يده، ويكون مرنا للغاية عندما يقتنع بان السكاكين على رقبته. ويشهد على ذلك الاميركيون، الاوروبيون، الفلسطينيون، لبيد، بينيت، الاصوليون، وحتى داني دانون. كان ينبغي لهرتسوغ ان يفهم بانه يسير نحو طريق مسدود: هذه المرة السكين على رقبته هو. نتنياهو مستعد ليعطيه حقائب، ولكن ما يحتاجه كي يجعل انضمامه محترما لن يعطيه اياه: لا طرد البيت اليهود، لا قوة للتأثير على قرارات الكابنت. المعسكر الصهيوني، وللدقة ما سيبقى منه، سيكون عبئا زائدا في حكومة يمينية صرفة.  مثل هذه النتيجة لا تبرر الانشقاق. ايهود باراك، الذي شق حزب العمل في 2011 كي يبقى وزير الدفاع في حكومة نتنياهو، كان يمكنه أن يتواسى بالتأثير الذي كان له على قرارات الحكومة، في الفترة التي كانت فيها توقعات لحسم المسألة الايرانية. فبمَ سيتواسى بوجي؟