الكذبة الكبرى لحكومة نتنياهو هي عبارة "لا شريك فلسطينيا" للتسوية. فرئيس الوزراء يدعو الرئيس عباس الى محادثات مباشرة، فورية وبلا شروط مسبقة كل يوم تقريبا. وفي الوقت ذاته فانه يوسع المستوطنات كي يمنع على الارض كل امكانية لاقامة دولة فلسطينية، ويثقل يد الاحتلال بوسائل قمع عسكرية واقتصادية، ويعلن بصوت عال بأن في ولايته لن تقوم دولة فلسطينية ابدا. فعلى ماذا يفترض بابو مازن أن يجري معهم مفاوضات؟ في اقصى الاحوال على ان يتولى رئاسة بلدية رام الله. بالفعل، فليس السؤال اذا كان يوجد شريك في الطرف الفلسطيني، بل لاي تسوية يوجد شريك كهذا. محمود عباس، الذي أدرت معه مفاوضات طويلة، هو الاكثر اعتدالا بين الزعماء العرب، وبديله سيكون قوميا "متطرفا" أكثر بكثير. هو رجل سلام، يؤمن باستراتيجية المفاوضات ويرفض كل عنف و"ارهاب". للزعامة الفلسطينية مواقف اساسية بالنسبة للتسوية الدائمة: دولة مستقلة مع حدود تقوم على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي متفق عليه ومتوازٍ. الدولة الفلسطينية حتى حسب مفهومهم ستكون مجردة من الجيش. وهم يوافقون على ترتيبات امنية على طول الحدود، مع تواجد للجيش الاسرائيلي محدود بالزمن على طول نهر الاردن، ولكن ليس لترتيبات امنية معناها على الارض ضم الغور؛ وهم يصرون على عاصمة في شرقي القدس ولكنهم يوافقون على مدينة موحدة في ظل التعاون بين البلديتين، والاعتراف بغربي القدس كعاصمة لاسرائيل. يقسم الحرم بين المساجد وبين "المبكى" الذي يبقى تحت سيادتنا. مسألة اللاجئين تحل فقط بموافقة اسرائيل. هذه المواقف ليست سهلة بالنسبة لقسم مهم من الرأي العام الاسرائيلي وليس فقط لنتنياهو. ولكن دون صلة بمن هو الزعيم الفلسطيني في هذه النقطة الزمنية، فان هذه هي المواقف الاساس للحركة الوطنية الفلسطينية البراغماتية، والتي برأيهم تشكل حلا وسطا تاريخيا – فاذا كنا نريد تسوية الدولتين، فان علينا ان ندير مفاوضات على أساس هذه المواقف. محمود عباس ليس زعيما ذا نزعة قوة بين الزعماء، وهو ليس معصوما عن الاخطاء الجسيمة. ولكن اذا ما انتظرنا ان يكون محب صهيون رئيس فلسطين، وان تكون هذه ديمقراطية جيفرسونية تسمح للجيش الاسرائيلي بالعمل فيها بشكل حر، فلن تكون تسوية ابدا. نحن سنكون محكومين بان نكون دولة ثنائية القومية، دولة ابرتهايد منبوذة ومقاطعة من العالم. في الوضع الحالي لا يزال يوجد شريك في رام الله، يمكنه ان يصل الى تسوية على اساس هذه المواقف، والتي ستقرر لاسرائيل اخيرا حدودا دائمة في الشرق. هذا هو المفتاح، على اساس خطة السلام السعودية من العام 2002 لعلاقات طبيعية بين اسرائيل ومعظم الدول العربية، وكذا لتحسين دراماتيكي لعلاقات اسرائيل الدولية. المشكلة هي ان حكومة نتنياهو غير مستعدة لاي تسوية تقوم على اساس المساواة بين دولتين، في ظل الاعتراف المتبادل والمتساوي بين الحركتين الوطنيتين ومفهوم امني اقليمي براغماتي. وهي تسعى الى رؤيا كابوس مسيحاني، انطلاقا من فكر عنصري وخطير. لا يوجد شريك في القدس.
الشرطة "الإسرائيلية": نحن في حالة حرب ولا يوجد تفسير آخر
07 أكتوبر 2023