انتهت الافراح والاحتفالات. ويمكن العودة الى السؤال الذي ما زال مزعجا: ما الذي خطر ببال الجنرال اللاسامي، نائب قائد الفيرمخت، عندما قال إن ثمة أفعالاً هنا تُذكر بأفعال الأغيار؟ ما الذي يتحدث عنه بحق الجحيم؟. لنبدأ بالتفاصيل المعروفة للجميع: 1- عن انتشار وتعاظم هتافات "الموت للشعب الذي لم يختره الله". 2- عن روتين الدعوات العلنية لعدم تشغيل أبناء الشعب الذي لم يختره الله، وعدم الشراء منهم وعدم تأجيرهم الشقق، بل طردهم من الارض المقدسة (كل هذا بمصادقة الحاخامية والحاخامات). 3- عن انتشار الزعرنة التي تعتبر كل شيء "غير مختار" هو هدف مشروع للاهانات والاضطهاد والتحريض والتشهير، واذا أمكن القتل. 4- عن فريق كرة القدم الذي أقسم أن لا يلعب في صفوفه إلا أصحاب الدم الطاهر. وايضا المشجعين الذين يحبون هتافات "الموت لمن لم يخترهم الله". 5- عن المجتمع الذي يخرج من اوساطه من ينفذون القتل والفتك واحراق الكنائس والمساجد. 6- عن منتخبي الجمهور الذين يشجعون القتل في الشوارع بدون محاكمة. 7- عن عضو الكنيست (وزوجته) اللذين يطلبان بالفم الملآن بالفصل العنصري بين الطاهرين والدنسين في غرف الولادة. باختصار، ليس بالأمر المهم، مجرد مواضيع اعتيادية لم تعد تستفز أي أحد، لا مناص من توسيع القائمة لتشمل المزيد من الامور الصغيرة. 8- عن رعاة روحانيين يقومون بنشر كراسة ارشاد وتوجيه حول متى يُسمح ويجدر قتل الاغيار واولادهم وهم لا زالوا رعاة لقطعانهم. 9- عن الحركة من اجل الحفاظ على طهارة الدم والشعب التي تطارد من "لم يخترهم الله" الذين يتجرأون على التواصل مع بنات الشعب الذي اختاره الله وتدنيسهن بالبذرة الدنسة. وحول رئيس هذه الحركة المقدسة الذي ينشر على صفحته في الفيس بوك دعوة واضحة بالقتل الجماعي لـ "الشعب الذي لم يختره الله" وهو يعرف أن هذا لن يضر به. 10- عن عشرات بل مئات وآلاف الاعلانات عن الاعمال التي تتفاخر بأنها لا تقوم إلا بتشغيل أبناء الدم الطاهر. 11- عن الحاخام السفارادي الذي صرح أن "الاغيار خُلقوا لخدمة أبناء الشعب المختار" (أسلافه في تصريحات كهذه قالوا إن الشعوب الصليبية خُلقت فقط من اجل خدمة الشعب المختار في حينه، أما حاخامنا فقد حول جميع الشعوب الى خدم لنا). 12- عن وزير التعليم ووزيرة الثقافة اللذين يعملان ليل نهار من اجل تغيير التعليم والثقافة والفنون حتى يتحدث الجميع بصوت واحد وكرجل واحد وشعب واحد وبلاد واحدة وتوراة واحدة وموقف واحد. 13- عن القضاء اللامع الذي بفضله يحُظر على الذين "لم يخترهم الله" شراء اراضي الدولة الذي هو مسموح فقط لأبناء الشعب المختار. 14- عن مئات الحاضرات التي تشدد على طهارة سكانها المختارين، والذين "لم يخترهم الله" يُحظر عليهم دخولها كي لا يلوثوا الطهارة بوجودهم. وكل شيء بشكل قانوني. 15- عن قانون "املاك الغائبين" الذي يسري ايضا عندما يكون الغائبون موجودين على مسافة قريبة من أملاكهم المسروقة. فقط في قوانين الشعوب المختارة يوجد "غائبون حاضرون". وفي عائلتي ايضا كان غائبون حاضرون قبل أكثر من 70 سنة. وقد تمت مصادرة أملاكهم ايضا. لكن الشعب المختار في حينه كان شعبا آخر (شعب أكثر اختيارا). 16- عن الحقيقة السعيدة بأن أملاك "المختارين" ستبقى الى الأبد أملاك "المختارين" حتى بعد آلاف السنين من التقادم. وفي المقابل، أملاك "غير المختارين"، حتى لو كانوا يمسكون بها فعليا، تتم مصادرتها وتؤخذ وتُسلب ويتم اعطاؤها لأبناء الشعب المختار. لأن الله وعد بذلك. 17- عن مجتمع يبقي تحت سيطرته ملايين الرعايا، عديمي حقوق الانسان والمواطن ممن يسحقون تحت الجهاز الذي يسمى "ادارة مدنية" وعلى رأسها جنرال. 18- عن الدولة التي تسجن مليونا ونصفا من البشر في سجن كبير هو "غيتو غزة". 19- عن الحكم الذي يفرض على ملايين الناس القضاء غير العادل وغير الرحيم. إنه قضاء "مسرحية" يهدف الى اعطاء القمع العسكري صبغة القانون والعدالة. 20- عن وزيرة العدل التي تحطم الجهاز القضائي من اجل تحرير الزعماء من عبء القانون. 21- عن الحكومة التي تسيطر على من تحتلهم، واحيانا تسيطر على جمهورها، بمساعدة قوانين الطواريء التي تمنحها الصلاحيات المطلقة "لاعتبارات أمنية". (أين سمعتم عن شيء كهذا، بحق الجحيم؟). 22- عن دولة ليس فيها طريقة قانونية للزواج بين "المختارين" و"غير المختارين"، خلافا لجميع الديمقراطيات في العالم. 23- عن حكومة يؤمن نصف الاعضاء فيها أن من حق الشعب المختار الانتشار الى الشرق الى أن تتم السيطرة على كل المناطق التي وُعدوا بها من السماء. 24- عن دولة مصممة على الادعاء أنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط" رغم أنها فعليا "الثيوقراطية العسكرية الوحيدة" في كل العالم. 25- عن الدولة التي تثبت أن علم النفس الرخيص يصدق احيانا: الولد الذي يتعرض للضرب سيقوم بالضرب عندما يكبر. هذا هو، هذا هو كل شيء أو معظمه على الأقل. وبسبب كل هذه الامور الصغيرة والبسيطة يذكر الفيهرر غولان ما يذكره. غريب، غريب جدا، أليس واضحا بأنه لا يوجد على الاطلاق ما يمكن التشبيه به.