كفى حصاراً لغزة ..

3aaa2baf6f58bd4e1f0307962a6b31f4
حجم الخط

الجيب البشري في غزة، الاكثر اكتظاظا في العالم، يسجل الشهر القادم عقداً على عيشه في ظل إغلاق خانق. نحو مليونين من بني البشر، الكثيرون منهم ولدوا في عهد الاغلاق، محبوسون في ظل تجربة انسانية مخيفة، وكأنه يراد اختبار كم من الوقت يمكن لبني البشر ان يصمدوا وهم منقطعون عن العالم، عن محيطهم الثقافي، وعن كل أفق اقتصادي أو وطني. الى داخل هذا الجيب، كي تبقيه على قيد الحياة، تحقن إسرائيل حقنا محددة وغير كافية من مواد البناء؛ وهي تسمح ايضا بعبور الاغذية والأدوية، وبشكل شاذ، حتى بخروج بضع مئات – اقل بقليل من الف شخص منذ كانون الثاني 2016. قطاع غزة ممسوك من خناقه بكماشة تمسك إسرائيل بأحد طرفيها وتمسك مصر بالطرف الثاني، حيث اغلقت معبر رفح، باستثناء بضعة ايام في السنة. مؤخرا، كما أفادت «هآرتس»، وضع الأردن ايضا حاجزاً غير رسمي في وجه سكان غزة. فقد روى مواطنون غزيون بأنهم يصطدمون بمصاعب الحصول على اذون الدخول الى المملكة – او ما يسمى «عدم الممانعة» – الذي بدونه لا تسمح اسرائيل بخروجهم من القطاع، ولا يسمح الأردن بدخولهم اراضيه. وهكذا سُدّ مسار محتمل آخر للخروج من القطاع، والذي بحد ذاته يمثل طريق آلام لا تطاق تفرض على المواطنين ممن يرغبون بالسفر للتعليم، لتلقي العلاج الطبي، او حتى لتنسم الهواء خارج القطاع.  ليس للاغلاق على غزة أي مبرر. فهو لم يمنع نار الصواريخ، ولم يحدث العصيان المدني المرجو ضد حكم «حماس»، وهو يشكل دفيئة لنشوء اليأس وجولات العنف، التي جعلت حياة سكان الجنوب لا تطاق. وفضلا عن ذلك، فان المفاوضات التي تجريها اسرائيل مع تركيا على ترميم العلاقات بينهما قد تؤدي الى تسهيلات مهمة في الاغلاق، ما يشهد على أن الاغلاق فقد مبرره الامني، وهو يستخدم الان كورقة مساومة سياسية – ليس بين اسرائيل والفلسطينيين، بل بينها وبين دولة ثالثة. مواطنو غزة، الذين اعتقدوا بانهم حبسوا في مدنهم فقط بسبب حكم «حماس»، مطالبون الان بأن يبدوا الصبر الى أن تسوى موجات البث بين اسرئيل وتركيا. حكومة اسرائيل مطالبة بأن ترفع فوراً الإغلاق عن قطاع غزة، تكف عن اللعب بحياة نحو مليوني انسان، وتعرض عليهم حلولا عملية للخروج من القطاع، كي يتمكنوا من تحقيق ما يعتبر في العالم المتنور حقوق انسان اساسية. الغيتو الفلسطيني هذا يجب أن يفتح.