الجيش ليس ساحة سياسية

9_1438885591_3192
حجم الخط

الخلافات التي نشأت، مؤخراً، بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول التصريحات العلنية لضباط الجيش الاسرائيلي تتعلق بجذور طريقتنا الديمقراطية. هناك من سيزعم، من اجل التشهير برئيس الحكومة، بأن وزير الدفاع يتصرف بشكل صحيح عندما يمنح دعمه للتصريحات العلنية لضباط الجيش. ولكن يجب القول بشكل واضح ما هو دور المستوى العسكري وما هو دور المستوى السياسي. لقد عرفنا دائما أنه يجب علينا الفصل بين الجهاز السياسي والجهاز العسكري، وأن هناك أهمية كبيرة للحفاظ على هذا الفصل. لأنه يجب على الجيش العمل في اطار الانضباط والولاء المطلق لتوجيهات المستوى السياسي. الضابط العسكري الذي يعتقد أن الحكومة أو وزراءها لا يتصرفون بشكل صحيح، لا يمكنه الهجوم على الحكومة وهو بالزي العسكري – ليس بشكل مباشر أو غير مباشر. واذا كان الامر مستعجلا بالنسبة له ليقول اقوال كهذه، فان عليه الاستقالة من الجيش وأن يُسمع آراءه في الاطار الخاص أو السياسي. والامر ذاته يوجد في القانون، حيث إن على موظفي الدولة عدم انتقاد الحكومة في الوقت الذي يوجدون فيه تحت مسؤوليتها. هذا أحد الامور الاساسية في النظام السليم. ويتم الحسم حسب طريقتنا الديمقراطية في الانتخابات. واولئك الذين يعملون في الدولة ويخدمون في الجيش الاسرائيلي ايضا، ملزمون بالتنفيذ بناءً على الانصياع للموقف السياسي. من المحظور علينا أن نكون ساذجين أو أن نتصرف وكأننا لا ندرك ذلك. إن التصريح العلني الذي يحمل انتقادا لاحداث اجتماعية سيكون دائما متعلقا بالجدال السياسي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وسيحمل في جوهره انتقادا لسلوك الدولة. إذا أخذنا على سبيل المثال اقوال نائب رئيس الاركان، يئير غولان: «اذا كان هناك ما يخيفني في ذكرى الكارثة، فهو رؤية أحداث حدثت في اوروبا بشكل عام وفي المانيا بشكل خاص، وأحداث أخرى تشبهها تحدث اليوم في اوساطنا في العام 2016». يصعب تجاهل المضمون والتأثير الواسع. اضافة الى الجدال الذي يثور بسبب ما يحدث في اسرائيل، فان هذا يحمل انتقادا غير مباشر تجاه تيارات في المجتمع واحزاب سياسية. يجب وضع خط واضح ووضع حدود مسؤولية من يخدم في الجيش الاسرائيلي. إن اقوال غولان لم تكن زلة لسان، بل امور تم قياسها وحسابها. ايضا التوقيت والمكان تم اختيارهما بدقة. كل شخص مثقف يمكنه أن يفهم الردود المتعاطفة والخلافات السياسية التي تثيرها هذه الاقوال. عندما نسمح بتصريحات علنية لضباط الجيش الاسرائيلي مثل تصريحات نائب رئيس الاركان، فاننا سنحطم الحدود بين المسموح والممنوع لضباط الجيش الاسرائيلي في كل ما يتعلق بانتقاد البنية السياسية والمجتمع في اسرائيل. وسيبدأ الضباط بطرح مواقفهم بناءً على ارتباطاتهم السياسية وسيحظون بالتشجيع والتأييد بناءً على الانقسام السياسي، وخلال فترة قصيرة سنرى ضباطاً في الجيش الاسرائيلي يحملون مواقفهم السياسية. هناك الكثير لنفعله من اجل تحسين قدرات الجيش الاسرائيلي وفعاليته. من الافضل أن يواجه ضباط الجيش موضوع القيم والقدرات داخل صفوف الجيش نفسه، وأن لا يقوموا باقتحام الاطار الاجتماعي – السياسي.