مـاذا وراء مـبــادرة الــســيـســـي؟

timthumb
حجم الخط

انتشرت في الدوائر السياسية في اسرائيل، أول من أمس، نظرية عن الملابسات التي دفعت الرئيس المصري الى أن يقول الان ما قاله عن السلام الحار مع اسرائيل. وحسب هذه النظرية، فقد جند بنيامين نتنياهو، بالصمت او بالتنسيق، السيسي كي يسرع ويضمن دخول كتلة "المعسكر الصهيوني" الى الائتلاف. لا يوجد شيء يفعله الاسرائيليون افضل من دغدغة أنفسهم والاستمتاع بذلك. فهذه النظرية تبدو صائبة في اللحظة الاولى، ولكن أزمة القاهرة أكثر شدة من أن تبحث لنفسها عن مخرج في لقاء مصالح مؤقت بين السياسيين الاسرائيليين، مهما كانوا كبارا. فالدبلوماسية المصرية تتابع عن كثب منذ عشرات السنين العلاقات الملتوية بين القوى في الكنيست. ويعرف مستشارو السيسي جيدا بان دخول "المعسكر الصهيوني" الى الحكومة لن يغير سياستها جوهريا. وهو بالتأكيد لن يجعلها حكومة يسارية. لقد وجه السيسي في خطابه، أول من أمس، اهتمامه الى مستوى أعلى بكثير. وبشكل استثنائي، توجه مباشرة الى وسائل الاعلام الاسرائيلية وطلب منها أن تنشر اقواله على الجمهور. وقد جاءت اقواله بطلاقة، وهي ثمرة تخطيط مسبق. فالرئيس المصري قلق من أن يكون صيف 2016 أكثر حراً من المعتاد. قبل بضع ساعات من اقوال السيسي أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا اولاند، عن تأجيل المؤتمر الدولي الذي سيبحث في مبادرته لاحياء المسيرة السلمية. مبادرة باريس، التي لاقت حماسة في رام الله ولكنها رفضت من اسرائيل، تدفن بذلك ببطء. وعن اقتراح السلام العربي، الذي ذكره السيسي في حديثه، فان احدا هنا لا يتحدث. اما الورقة الأميركية فتدخل في تعطل مؤقت، مع خيار التمديد: واشنطن تعيش حملة انتخابات قد تتوج دونالد ترامب، وتدفن نهائيا كل تسوية تتضمن تنازلات اسرائيلية. القاهرة قلقة منذ فترة طويلة من أن ابو مازن، في أواخر حياته السياسية، سيبادر الى خطوات أحادية الجانب، مثل التوجه الى مجلس الأمن مطالبا بالاعلان عن نهاية الاحتلال او رفع دعوى ضد حكومة اسرائيل في لاهاي على ارتكاب جرائم حرب. ومثل هذه الخطوات من شأنها أن تثير اسرائيل عليه، ومن هناك تبدأ الشعلة بإشعال الحقل. اذا نشب عنف في الضفة، فمن شأنه أن ينتقل الى غزة، واذا ما اصيبت غزة بالعدوى فستكون احتمالاتها في أن تتسرب الى سيناء كبيرة . الرئيس المصري، المحوط بالاعداء، يتوجه لاسرائيل، المحوطة بالاصدقاء، ويهرع ليوقظها من نومها. مسيرة السلام - من الداخل او من الخارج – هي قرص التهدئة للجماهير، كما يرغب الرئيس في أن يقول. وبغيابها، او بانعدام الفرصة لمستقبل أفضل، من شأن الجماهير أن تبحث عن خلاصها في أماكن اخرى.