كان نائب رئيس الاركان، يائير غولان، يعرف عما يتحدث عندما شبه بين «سياقات تبعث على القشعريرة وقعت في اوروبا بشكل عام وفي المانيا بشكل خاص قبل 70 أو 80 سنة» وبين ما يحصل «في اوساطنا اليوم في 2016».
غير أنه الان ليس فقط لن يعطيه وزير الدفاع الجديد الاسناد، بل سيسرع تعيين افيغدور ليبرمان فقط السياقات التي حذر منها.
رئيس الوزراء، الذي يحوز برأيه احتكار الدرس التاريخي للكارثة، هاجم أقوال غولان. فالدرس الاساس لنتنياهو هو أن شعب اسرائيل ينبغي أن يكون خائفا جدا وأن يكره العرب، وذلك كي ينتخبه المرة تلو الاخرى. في كل جيل صوتوا لنتنياهو. والمسألة الحقيقية ليست مسألة الاسناد. بالطبع يتعين على القيادة السياسية أن توفر حرية التعبير للاقوال القيمية الصادرة عن قيادة الجيش.
المسألة الاعمق بالنسبة للمجتمع في اسرائيل هي صحة اقوال نائب رئيس الاركان. فالمشكلة هي ليست حقيقة أنه قال ما قاله، بل انه محق.
في اسرائيل اليوم توجد ظواهر وسياقات تذكر بالمانيا في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي.
فالعنصرية تجاه العرب هي من نصيب فئات سكانية واسعة، وهي تحظى بالشرعية من الحكم. وزراء «الليكود» يحيون بعض جمهور المؤيدين لـ « بيتار» في مدرج استاد تيدي حين يهتفون بلا انقطاع «الموت للعرب».
مستوطنو الخليل، الذين يجلسون قريبا من الصحن السلطوي، يهاجمون بعنف اطفالا ونساء فلسطينيين. حكومة اسرائيل ورئيسها يبادران الى تشريعات عنصرية، سواء كان هذا قانون ابعاد النواب، او قانون القومية وغيره.
العربي الاسرائيلي بالكاد قادر على أن يستأجر شقة في بلدة يهودية.
العنصرية موجودة في كل مكان. ولكن الدراما عندنا تنبع من أنها توجه من فوق، في ظل نية الحفاظ على النظام، بوسائل ديمقراطية مزعومة، من خلال اشعال أوار الكراهية والخوف. ففي فكر نتنياهو وليبرمان، كل عربي هو «مخرب» حتى يثبت غير ذلك. العرب يخافون اليوم السير بحرية في شوارع اسرائيل أو الظهور كعرب. من لا يفكر هكذا هو حليف العرب «المخربين».
تنمو في مطارحنا فاشية يهودية من نوع جديد: عنصرية، تثير مخاوف عميقة، ستجد دوما كبش فداء للدمار الذي زرعته هي نفسها.
انه اليسار؛ «محبو العرب»، غير الوطنيين، الذين يتهمهم الحكم وكتائبه الهجومية بخيانة الوطن. «نحطم الصمت»، «السلام الان»، «بتسيلم»، «ميرتس»، «القائمة المشتركة» – كلها في يد حكومة اليمين، ليست معارضة، بل طابور خامس.
هذا الواقع يذكر بجمهورية فايمر في العشرينيات في المانيا. المعسكر اليساري الضعيف ايضا، والذي يتزلف للسلطة او ينقطع عن الدولة، ساهم في هذا التدهور. خير أنه قام صدّيق في سدوم.