ليبرمان قطع النهر وأصبح وزيراً للدفاع

20162405213648
حجم الخط
كانت ثمة لحظات، أول من أمس، يخيل فيها أن كابوس نتنياهو يوشك على التحقق: تعلق المفاوضات مع «اسرائيل بيتنا» في مأزق، ويعلن ليبرمان أنه لا ينضم الى الحكومة، ويعلن هرتسوغ أن باب المفاوضات مع المعسكر الصهيوني طرق ويقصد ذلك (حسنا، هذا فقط حلم)، ويبقى نتنياهو مع ائتلاف الـ 61 المترنح خاصته، ضعيفا وسخيفا، مضغوطا ومبتزا. ومنذ أول من أمس خرج الفئران من ثقوبهم، وهددوا بالاستقالة. فقد شموا فقط فشل المفاوضات مع ليبرمان، وبحثوا عن سبيل لكسب شيء ما. هزّ استقرار الائتلاف أكثر فأكثر، قبل أن يوقع الاتفاق. أناس مثل ميكي زوهي وايوب قارا، الاشخاص الذين تعد استقالتهم هزة ارضية سياسية حقاً، اعتقدوا بأن هذه هي اللحظة للمطالبة بترفيعهم.
إلا اذا كان ليبرمان يقوم هنا بمناورة، حتى تلك التي قام بها عشية تشكيل الحكومة تتقزم مقارنة بها، حيث يمكن منذ الآن القول إن لهذا الكابوس نهاية سعيدة: فاحتمال أن يتخلى ليبرمان عن حقيقة الدفاع هو تقريباً مثل احتمال أن يلقى من ليس لديه بيت كنزاً، ما فيقفز عنه. كما ان احتمال ان يستقيل كحلون بسبب مطالب ليبرمان ليس عاليا حقا. فاذا كان كحلون يريد ترك الحكومة، فيمكن أن نجد له بضعة أسباب أهم بكثير لعمل ذلك. وبينيت؟ حسنا. جميل أن يعرض المرء مطالب ما، ولا سيما اذا كانت محقة، ولكن ليس عندما يعرف الجميع بأن ليس لديك رصاصة محشوة في السلاح. ماذا سيفعل بينيت، هل يستقيل من الحكومة الاكثر يمينية عندنا؟
إذاً، يمكن أن نهدأ: في اليوم القريب القادم، او الايام القريبة القادمة، سيكون هناك اتفاق. وكيف نعرف هذا؟ إن من لا يعتزم الوصول الى اتفاق لا يفعل ما فعله ليبرمان، أول من امس، وذلك حين اعتذر لنتنياهو عن اقوال صدرت عنه ضده. وهذا الاعتذار، لو كان الحديث يدور عن شخص آخر لكان يعتبر هزيلا، ولكن عندما كان هذا الشخص هو ليبرمان، فهذا لا يكون أقل من الآخرة. ليبرمان؟ اعتذار؟ يشبه هذا كلب دوبرمان يموء كالقط. فحتى عندما كان يجري العمل على اصلاح العلاقات مع تركيا، اعتبر ليبرمان الاعتذار استسلاما. فأن يأتي اليوم ليقول إنه قيلت اقوال لا داعي لها في ظل حماسة الجدال، فيما قيلت بروية وبقصد كامل – هذا بحد ذاته يثبت كم بعيد الشوط الذي يبدي ليبرمان الاستعداد لقطعه من أجل وزارة الدفاع.
يعرف نتنياهو هذا. ورغم ميله الى جنون الاضطهاد، هو الاخر يفهم بأن ليبرمان قطع النهر. فقد بات هناك، في وزارة الدفاع، مع كل المعاني الهائلة التي في ذلك. تقاعدات سمينة، إذ ثمة حدود لما يمكن للمرء أن يتخلى عنه من أجل المبادئ. كما أن هذا هو السبب الذي جعل نتنياهو يبدو، أول من أمس، هادئا في جلسة الكتلة، حين توجه الى الحاضرين بابتسامة رقيقة وقال ان المفاوضات لم تنهر، هذا سيستغرق بعض الوقت، وفي النهاية سيكون هنا اتفاق.
كل شيء ربما نسبي، وكل نقاط الخلل التي وقعت، أول من أمس، في الطريق الى توسيع الحكومة هي لعبة اطفال بالنسبة لنتنياهو مقارنة بما ينتظره اليوم. بعد الظهر سينشر تقرير مراقب الدولة الذي يعنى بقضية «بيبي تورز»، تحقيق نشره رفيف دروكر عن سفريات عائلة نتنياهو حين كان وزيرا للمالية. التقرير خطير، ولكنه أخطر بسبب رسالة وان كان مضمونها لا يظهر في التقرير، الا ان المراقب يشير الى أنه بعث بها، ومضمونها تنشره اليوم (أمس) مراسلتنا طوفا تسيموكي. لقد أُرسلت الرسالة الى المستشار القانوني للحكومة السابق، يهودا فينشتاين، وفيها تفاصيل الشبهات ضد نتنياهو. فينشتاين، وكم هذا مفاجئ، طمس الرسالة، ربما عن قصد؛ فاذا طمس أكثر ستصل فترة التقادم على الجريمة. اذا كان كل شيء صحيحا، فهذه هزة ارضية لا تقل عن استقالة ميكي زوهر.
يعرف نتنياهو بانه ابتداء من هذا المساء سينصرف الاهتمام الجماهيري والاعلامي كله الى التقرير والى افعال عائلته. وسيكون توسيع الحكومة ملاحظة هامشية في الاحداث التي تنتظره. كما أن هذا على ما يبدو هو أحد الاسباب التي جعلت نتنياهو يرغب في توسيع الحكومة قبل نشر التقرير.
من جهة اخرى لعل هذا التقرير يخدم نتنياهو ايضا: في اطار كل هذه الجلبة سيكون هنا من يلاحظ أن ليبرمان دوّر الزوايا، كحلون لان، وبينيت طوى ذيله.