بعد ثمانٍ وأربعين ساعة من نشر هذا المقال سيكون ليبرمان استلم مكتبه في مجمع وزارة الأمن في تل أبيب، ولكن لماذا استل نتنياهو ليبرمان فجأة؟ هو السؤال الذي يجب أن يشغل الدوائر الفلسطينية المشتغلة بالسياسة، فلم تكن الحكومة الإسرائيلية مهددة بالسقوط حتى يتم تعزيزها، صحيح أنها تقف على حدود خط الفقر الدستوري بواحد وستين عضواً لكنها أكثر الحكومات استقراراً في تاريخ إسرائيل، وصحيح أن المكلفين تشكيل حكومات إسرائيل عادة ما يضيفون حزباً زائداً عن الحد الأدنى المطلوب وذلك لمنع ابتزاز الأحزاب الأخرى حين تهدد بالانسحاب وإسقاط الحكومة، لكن ليبرمان الذي حصل على خمسة مقاعد لن يغير في معادلة الابتزاز تلك.
لماذا استُدعي ليبرمان إذن؟ فهو الذي تحول في العام الأخير إلى خصم لدود لبنيامين نتنياهو، حيث لم يكف عن التشكيك بقدرة الأخير على قيادة اسرائيل، ولم يتوقف عن المطالبة بإسقاط حكومته، الاعتقاد الأولي أنه استدعي لتأديب الجيش الذي ظل كمؤسسة أخيرة لم يتم السيطرة عليها من قبل اليمين بعد ان أحكم قبضته على كل مؤسسات الدولة وهو اعتقاد صحيح، لكن ليبرمان منفلت اللسان بدأ يكشف عما هو أبعد فيما يخص الفلسطينيين، حيث تعهد بإسقاط حكم الرئيس أبو مازن في الضفة وإسقاط حكم «حماس» في غزة كما نقلت عنه الإذاعة العبرية.
ليس هناك أكثر وضوحاً من هذا التعهد الأكثر خطورة خلال السنوات الماضية فيما يخص العلاقة مع الفلسطينيين، ويمكن تأكيد الأمر من خلال المعرفة التامة لليبرمان كرجل اعتاد الخروج على قواعد اللعبة ومفاجأة الجميع، فهو الوحيد من بين قادة إسرائيل لا يملك خطوطاً حمراء، والأخطر فيما يقول المحللون في إسرائيل بأن الجمهور الذي يصوت لليبرمان يتعاطى معه كشخصية ذات مصداقية لا تتغير ولا تغير سياستها في السلطة أو في المعارضة وينفذ ما يقول، وأغلب الظن أن أية مراهنة على مرونة قد يبديها ليبرمان لدى دخوله وزارة الأمن هي مراهنة خاطئة لأن تجربة زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» في وزارة الخارجية أثبتت أنه مستعد لخسارة الكون في سبيل مواقفه المتطرفة التي يؤمن بها وهي وزارة الدبلوماسية والابتسامات والمرونة، لكن ليبرمان ظل كما هو، فقد شذ عن تلك القاعدة.
لليبرمان مشكلة كبيرة مع الرئيس أبو مازن وكذلك مع حركة حماس، فهو لم يتوقف عن مهاجمة الرئيس حين كان وزيراً للخارجية والدعوة لعزله وإسقاطه واتهامه بأنه ليس رجل سلام، وقال ان أبو مازن أسوأ من «حماس» وظل يحرض على الرئيس على المستوى الدولي، وسبب ذلك أن الرئيس اتبع سياسة دبلوماسية ناعمة وقدم خطابا مقبولا على مستوى العالم ساهم في عزلة إسرائيل ليقطع الطريق على الدبلوماسية الإسرائيلية التي كان يقودها ليبرمان، فقد تسبب الزعيم الفلسطيني في إفشاله بالمعنى الشخصي، هذا يضاف إلى شخصية زعيم حزب اسرائيل بيتنا اليمينية المتطرفة كمستوطن يعيش في الضفة الغربية.
أما بالنسبة لحركة حماس فهو لم يتصور أن هناك فلسطينياً يمكن أن يتحدى إسرائيل ويخوض معها معارك جدية، بل ويعتبر أن الحركة الفلسطينية تجرأت على المس بإسرائيل بسبب ضعف القيادة الإسرائيلية التي شجعتها على التمادي، فهو الذي طالب قبل أقل من عامين باجتياح القطاع وإنهاء حكم «حماس» أثناء الحرب، ويعتبر أنه يجب على الحركة أن تستجيب لمجرد التهديد بإعادة ما لديها من أسرى إسرائيليين، ومعروف عنه في إسرائيل أنه يفرط في القوة ولا يتصور أن هناك من الفلسطينيين من يمكن أن يستخدم القوة ضده.
بعد تهديدات ليبرمان الواضحة ضد الرئيس و»حماس» التزمت السلطة الصمت حتى كتابة هذا المقال، ولكن حركة حماس سارعت بالرد على لسان أكثر من مسؤول بأن هذه التهديدات لا تخيف الحركة، مؤكدةً جاهزيتها للمعركة التي باتت تتصور اقترابها بعد وصول ليبرمان .. وأغلب الظن أن حركة حماس من جهة وحركة فتح من جهة أخرى باتتا تدركان جدية التهديدات، ويجب أن تأخذاها على محمل الجد، فلا الصمت يكفي ولا ردود حركة حماس تتناسب مع جدية التهديدات، وأغلب الظن أن ما هو قادم مختلف عن السابق.
لا ينبغي الاستخفاف بتعهدات ليبرمان بالقضاء على حكم الرئيس وحكم حركة حماس، فهي ليست تفوهات عابرة ولا شعارات بقدر ما يمكن أن ينظر للأمر على أنه برنامجه في الوزارة، بعد ان أصبح يملك هذا القدر من القوة، بل يجب أن تدفع تلك التهديدات كلا الطرفين للدخول الفوري في حوار حقيقي خلال أسبوع ليتم تنحية قضايا الخلاف جانباً وللاتفاق فقط على إجراء الانتخابات.
لا يمكن حل كل القضايا العالقة خلال أسبوع، ولكن يمكن التوافق على إجراء الانتخابات التي تشكل خشبة الخلاص الوحيدة لكلا الطرفين اللذين دخلا في دائرة الخطر، ويتم إجراؤها بأسرع وقت لتجديد الشرعيات الفلسطينية، وتكاد الانتخابات تكون الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف جموح ليبرمان للقضاء على حكم الرئيس وحماس، فكيف سيسقط ليبرمان الرئيس إذا كان قد نجح للتو في الانتخابات كرئيس شرعي، هذا لن يكون مقبولاً أمام العالم وبالانتخابات ينتهي تفرد «حماس» كحكم في قطاع غزة وتندمج في النظام السياسي وتحكم بالشراكة.
إن هذه الخطوة إن تمت ولا بد منها، فهي الوحيدة القادرة على فرملته، وغير ذلك سيتم الاستفراد بكل منهما وخاصة بعد أن أضعف كل منهما الآخر في معركة السنوات الماضية، معركة الصراع على السلطة وما رافقها من تآكل للشرعيات جميعها وضعف الثقة بالقوى الفلسطينية العاجزة عن إنهاء الانقسام.
وقد يبدو تدخل ليبرمان لإسقاط الرئيس و»حماس» مقبولاً لدى أطراف فلسطينية تجد أن هذا الحل الوحيد لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات، طبعاً هذا غير مقبول وطنياً، ولكن لماذا لا تدرك الأطراف أنها قد أصبحت كذلك في نظر البعض.
لقد أضاعت «فتح» و»حماس» ما يكفي من الزمن .. لقد عبثتا بما يكفي وأهدرتا وقتاً طويلا أصبح كضربة السيف الذي اعتقد كل منهما أنه سيقطع الآخر، لكنه ليبرمان يشهر في وجه الرئيس وفي وجه حركة حماس تهديدات هي الأكثر وضوحاً والأكثر غطرسة وعجرفة والأكثر إهانة للفلسطينيين.
ليس هناك متسع من ترف الوقت أكثر، وليس لدينا نحن الكتاب سوى النصيحة الوطنية في هذه المساحة المتوفرة من الصحيفة، واضح أن الأجواء ملبدة بالغيوم تنذر بشيء ما ليس في صالح الفلسطينيين برئيسهم وسلطتهم و»فتحهم» و»حماسهم» فليس معروفا عن ليبرمان أنه صاحب نكتة حتى لا نستشعر الخطر وهو لا يلقي الكلام جزافاً، لقد فعل معظم ما قال وخصوصاً سلسلة القوانين ضد الفلسطينيين في إسرائيل، وهنا يجب أن يؤخذ الأمر بجدية، ولا توجد نصيحة لقطع الطريق على ما يهدد به ليبرمان سوى إجراء الانتخابات وبأسرع وقت، فهل هناك من يسمع؟.
لماذا استُدعي ليبرمان إذن؟ فهو الذي تحول في العام الأخير إلى خصم لدود لبنيامين نتنياهو، حيث لم يكف عن التشكيك بقدرة الأخير على قيادة اسرائيل، ولم يتوقف عن المطالبة بإسقاط حكومته، الاعتقاد الأولي أنه استدعي لتأديب الجيش الذي ظل كمؤسسة أخيرة لم يتم السيطرة عليها من قبل اليمين بعد ان أحكم قبضته على كل مؤسسات الدولة وهو اعتقاد صحيح، لكن ليبرمان منفلت اللسان بدأ يكشف عما هو أبعد فيما يخص الفلسطينيين، حيث تعهد بإسقاط حكم الرئيس أبو مازن في الضفة وإسقاط حكم «حماس» في غزة كما نقلت عنه الإذاعة العبرية.
ليس هناك أكثر وضوحاً من هذا التعهد الأكثر خطورة خلال السنوات الماضية فيما يخص العلاقة مع الفلسطينيين، ويمكن تأكيد الأمر من خلال المعرفة التامة لليبرمان كرجل اعتاد الخروج على قواعد اللعبة ومفاجأة الجميع، فهو الوحيد من بين قادة إسرائيل لا يملك خطوطاً حمراء، والأخطر فيما يقول المحللون في إسرائيل بأن الجمهور الذي يصوت لليبرمان يتعاطى معه كشخصية ذات مصداقية لا تتغير ولا تغير سياستها في السلطة أو في المعارضة وينفذ ما يقول، وأغلب الظن أن أية مراهنة على مرونة قد يبديها ليبرمان لدى دخوله وزارة الأمن هي مراهنة خاطئة لأن تجربة زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» في وزارة الخارجية أثبتت أنه مستعد لخسارة الكون في سبيل مواقفه المتطرفة التي يؤمن بها وهي وزارة الدبلوماسية والابتسامات والمرونة، لكن ليبرمان ظل كما هو، فقد شذ عن تلك القاعدة.
لليبرمان مشكلة كبيرة مع الرئيس أبو مازن وكذلك مع حركة حماس، فهو لم يتوقف عن مهاجمة الرئيس حين كان وزيراً للخارجية والدعوة لعزله وإسقاطه واتهامه بأنه ليس رجل سلام، وقال ان أبو مازن أسوأ من «حماس» وظل يحرض على الرئيس على المستوى الدولي، وسبب ذلك أن الرئيس اتبع سياسة دبلوماسية ناعمة وقدم خطابا مقبولا على مستوى العالم ساهم في عزلة إسرائيل ليقطع الطريق على الدبلوماسية الإسرائيلية التي كان يقودها ليبرمان، فقد تسبب الزعيم الفلسطيني في إفشاله بالمعنى الشخصي، هذا يضاف إلى شخصية زعيم حزب اسرائيل بيتنا اليمينية المتطرفة كمستوطن يعيش في الضفة الغربية.
أما بالنسبة لحركة حماس فهو لم يتصور أن هناك فلسطينياً يمكن أن يتحدى إسرائيل ويخوض معها معارك جدية، بل ويعتبر أن الحركة الفلسطينية تجرأت على المس بإسرائيل بسبب ضعف القيادة الإسرائيلية التي شجعتها على التمادي، فهو الذي طالب قبل أقل من عامين باجتياح القطاع وإنهاء حكم «حماس» أثناء الحرب، ويعتبر أنه يجب على الحركة أن تستجيب لمجرد التهديد بإعادة ما لديها من أسرى إسرائيليين، ومعروف عنه في إسرائيل أنه يفرط في القوة ولا يتصور أن هناك من الفلسطينيين من يمكن أن يستخدم القوة ضده.
بعد تهديدات ليبرمان الواضحة ضد الرئيس و»حماس» التزمت السلطة الصمت حتى كتابة هذا المقال، ولكن حركة حماس سارعت بالرد على لسان أكثر من مسؤول بأن هذه التهديدات لا تخيف الحركة، مؤكدةً جاهزيتها للمعركة التي باتت تتصور اقترابها بعد وصول ليبرمان .. وأغلب الظن أن حركة حماس من جهة وحركة فتح من جهة أخرى باتتا تدركان جدية التهديدات، ويجب أن تأخذاها على محمل الجد، فلا الصمت يكفي ولا ردود حركة حماس تتناسب مع جدية التهديدات، وأغلب الظن أن ما هو قادم مختلف عن السابق.
لا ينبغي الاستخفاف بتعهدات ليبرمان بالقضاء على حكم الرئيس وحكم حركة حماس، فهي ليست تفوهات عابرة ولا شعارات بقدر ما يمكن أن ينظر للأمر على أنه برنامجه في الوزارة، بعد ان أصبح يملك هذا القدر من القوة، بل يجب أن تدفع تلك التهديدات كلا الطرفين للدخول الفوري في حوار حقيقي خلال أسبوع ليتم تنحية قضايا الخلاف جانباً وللاتفاق فقط على إجراء الانتخابات.
لا يمكن حل كل القضايا العالقة خلال أسبوع، ولكن يمكن التوافق على إجراء الانتخابات التي تشكل خشبة الخلاص الوحيدة لكلا الطرفين اللذين دخلا في دائرة الخطر، ويتم إجراؤها بأسرع وقت لتجديد الشرعيات الفلسطينية، وتكاد الانتخابات تكون الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف جموح ليبرمان للقضاء على حكم الرئيس وحماس، فكيف سيسقط ليبرمان الرئيس إذا كان قد نجح للتو في الانتخابات كرئيس شرعي، هذا لن يكون مقبولاً أمام العالم وبالانتخابات ينتهي تفرد «حماس» كحكم في قطاع غزة وتندمج في النظام السياسي وتحكم بالشراكة.
إن هذه الخطوة إن تمت ولا بد منها، فهي الوحيدة القادرة على فرملته، وغير ذلك سيتم الاستفراد بكل منهما وخاصة بعد أن أضعف كل منهما الآخر في معركة السنوات الماضية، معركة الصراع على السلطة وما رافقها من تآكل للشرعيات جميعها وضعف الثقة بالقوى الفلسطينية العاجزة عن إنهاء الانقسام.
وقد يبدو تدخل ليبرمان لإسقاط الرئيس و»حماس» مقبولاً لدى أطراف فلسطينية تجد أن هذا الحل الوحيد لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات، طبعاً هذا غير مقبول وطنياً، ولكن لماذا لا تدرك الأطراف أنها قد أصبحت كذلك في نظر البعض.
لقد أضاعت «فتح» و»حماس» ما يكفي من الزمن .. لقد عبثتا بما يكفي وأهدرتا وقتاً طويلا أصبح كضربة السيف الذي اعتقد كل منهما أنه سيقطع الآخر، لكنه ليبرمان يشهر في وجه الرئيس وفي وجه حركة حماس تهديدات هي الأكثر وضوحاً والأكثر غطرسة وعجرفة والأكثر إهانة للفلسطينيين.
ليس هناك متسع من ترف الوقت أكثر، وليس لدينا نحن الكتاب سوى النصيحة الوطنية في هذه المساحة المتوفرة من الصحيفة، واضح أن الأجواء ملبدة بالغيوم تنذر بشيء ما ليس في صالح الفلسطينيين برئيسهم وسلطتهم و»فتحهم» و»حماسهم» فليس معروفا عن ليبرمان أنه صاحب نكتة حتى لا نستشعر الخطر وهو لا يلقي الكلام جزافاً، لقد فعل معظم ما قال وخصوصاً سلسلة القوانين ضد الفلسطينيين في إسرائيل، وهنا يجب أن يؤخذ الأمر بجدية، ولا توجد نصيحة لقطع الطريق على ما يهدد به ليبرمان سوى إجراء الانتخابات وبأسرع وقت، فهل هناك من يسمع؟.