ثمن الأمن

55ec63c2c4618899188b45ce
حجم الخط

انه تم فصل موشيه يعلون من وزارة الأمن، وسيصل افيغدور ليبرمان الى المكان الذي حلم به – مكتب وزير الأمن. سأعالج هذا الموضوع من خلال النظر الى العلاقات بين رؤساء الحكومة ووزراء الأمن في تاريخ دولة إسرائيل، وسأحاول توضيحها بواسطة اربع نقاط، النقطة الأولى هي ان بنيامين نتنياهو فصل وزير امن مخلص، يتقبل سيادته ولم يحلم باستبداله.

خلافا لفترة رئاسته الأولى للحكومة، حين فصل وزير الامن يتسحاق مردخاي في خطوة علنية واعلامية، حظي نتنياهو خلال فترته الثانية بوزراء أمن امجاد، تقبلوا سلطته – ايهود براك، ايضا، تقبل حقيقة خضوعه له. هذه العلاقات تشبه الى حد كبير علاقات رئيس الحكومة غولدا مئير ووزير الامن موشيه ديان، التي ساهمت بشكل كبير في استقرار الحكومة (حتى اندلاع حرب يوم الغفران). في خطواته الحالية يسحب نتنياهو عامل الاستقرار لحكومته.

النقطة الثانية هي، انه يمكن الافتراض بأن ليبرمان، الذي استهتر طوال فترة كبيرة بشكل فظ وقاطع برئيس الحكومة، لن يتقبل سلطته. اضف الى ذلك، ان نتنياهو يمنحه اداة سياسية واعلامية ضخمة، يمكنه استغلالها للمس به والتظاهر على الملأ بأنه لا يحتاج الى دعم ونصيحة رئيس الحكومة، وانه الرئيس الوحيد والحقيقي للجهاز الأمني.

لقد اظهر مثل هذا التعامل في زمنه وزير الامن بنحاس لافون، ازاء رئيس الحكومة موشيه شاريت. العلاقات المتعكرة بينهما حولت ادارة الحكومة الى كابوس، وسببت تراجيديا رهيبة عصفت بالجمهور الاسرائيلي طوال اجيال – "فضيحة لافون" في مصر، التي تم اعدام المتورطين فيها او امضوا سنوات طويلة في السجن العسكري المصري.

علاقات وزير الأمن شمعون بيرس ورئيس الحكومة يتسحاق رابين خلال دورته الاولى، سببت اضرار لا يمكن تصحيحها، وكانت سببا رئيسيا في سقوط المعراخ في 1977. العلاقات المتوترة بينهما هي التي جعلت رابين يكتب جملته الخالدة، بأن بيرس هو "متآمر لا يعرف الحدود".

لا يمكن توجيه سفينة الحكومة حين يسود التوتر الدائم بين صاحبي المنصبين الحاسمين فيها. نتنياهو اقدم على خطوة الاستبدال الحقيرة ليعلون بليبرمان من اجل خلق "الهدوء" في الائتلاف. انه لا يفهم انه من ناحيته يفضل ان يكون متعلقا بأعضاء الكنيست اورن حزان وبتسلئيل سموطريتش على ان يكون ليبرمان وزيرا للأمن.

النقطة الثالثة قاسية جدا بالنسبة لرئيس الوزراء. هناك احتمال بأن يستخدم ليبرمان القوة التي يوفرها له منصبه الجديد لوضع حد لاستيطان نتنياهو الأبدي في شارع بلفور. من خلال استعراض فضائح رؤساء الوزراء في إسرائيل، يمكن التوصل الى استنتاج لا لبس فيه: الوزير الوحيد القادر على إجبار رئيس الوزراء على الاستقالة هو وزير الأمن فقط.

لقد حدث هذا ثلاث مرات: سلوك وزير الأمن ارييل شارون في حرب لبنان الأولى، وتصريحاته ضد مناحيم بيغن عندما أطيح به من قبل لجنة كاهان ( "أنت تسلمني")، جعلت بيغن يقول "لا يمكنني التحمل اكثر". اسحق مردخاي المخلوع من منصبه ساهم إلى حد كبير في فشل انتخاب نتنياهو لرئاسة الوزراء في عام 1999؛ وفي عام 2008، قاد وزير الامن ايهود باراك الى انهاء المسيرة الطويلة لرئيس الوزراء ايهود اولمرت.

الان يصل الى مكتب وزير الأمن، شخص وجه قبل لحظة فقط، اهانات قاسية وعديمة الذوق لنتنياهو. هل سيحاول ليبرمان – الذي يحتقر رئيس الحكومة ويرى في نفسه خليفته المناسب – المس بنتنياهو كما فعل بعض وزراء الامن في السابق؟ كالعادة، يفضل نتنياهو المدى القصير حتى حين يكون المقصود قدس الاقداس – ولاياته هو.

النقطة الرابعة هي انه بينما تم في الماضي خلع عدة وزراء امن من مناصبهم لأسباب مهنية – كليفي اشكول عشية حرب الايام الستة، وموشيه ديان في اعقاب "الاخفاق" في حرب يوم الغفران – فقد تم خلع يعلون لأسباب انانية وغريبة لا ترتبط بالأمن، ومن خلال المس الواضح بأمن اسرائيل. في 1980، حين لم يتم تعيينه وزيرا للأمن، صرخ شارون في وجه بيغن ان "امن اسرائيل ليس أجرة زانية". الان اقدم نتنياهو على خطوة لم يسبقه اليها احد – تحويل الامن الى أجرة زانية.