يصادف الخامس من حزيران من كل عام ما يعرف بـ "اليوم العالمي للبيئة"، حيث بُدئ الاحتفال به منذ عام 1972، بناء على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين تم عقد أول مؤتمر للأمم المتحدة يعنى بالبيئة البشرية في السويد.
ومنذ ذلك اليوم، يتم الاحتفال بهذا اليوم في كل عام مع التركيز على موضوع بيئي محدد، والهدف منه زيادة التوعية بأهمية البيئة وضرورة الحفاظ عليها، وتزداد هذه الأهمية في مناطق مثل مناطقنا، حيث الموارد الطبيعية محدودة، واستهلاكها غير مستدام، مع ضعف الوعي البيئي، وغياب الممارسة البيئية السليمة.
وفي هذا العام، أي عام 2016، تم اختيار موضوع "الحفاظ على الحياة البرية والطبيعية، وبالأخص منع التجارة غير المشروعة بها"، كشعار لليوم العالمي للبيئة، والهدف هو التحذير من الاستخدام المفرط وغير المستدام، للمصادر الطبيعية في كوكب الأرض، الذي يعيش فيه حوالى سبعة بلايين إنسان، يحتاجون إلى استهلاك هذه المصادر بعناية، وإلى التوجه نحو المصادر المستدامة، للحفاظ على الأرض وما تحويه.
وهذا يعني تشجيع التوجه نحو النشاطات الاقتصادية الخضراء، ونحو مصادر الطاقة المستدامة، التي لا تتداعى مع الزمن وتلوث البيئة، وكذلك نحو البناء الأخضر وبأنواعه، والذي يهدف إلى ترشيد استخدام الطاقة والمياه والمصادر الطبيعية، وإلى تقليل إنتاج النفايات بأنواعها المختلفة، خلال وبعد الانتهاء من البناء، مثل استخدام الطاقة الشمسية أو المتجددة بشكل أساس وفعال، وإعادة تكرير المياه العادمة، واستخدام المياه الرمادية، ووجود أنظمة من أجل فصل وتدوير النفايات.
والممارسات الخضراء من المفترض أن تحد من كميات الغازات التي يتم بثها من مصادر الطاقة التقليدية كالبترول والفحم، مع العلم أن حوالى 30% من غازات التلوث أو ما يعرف بـ"غازات البيت الزجاجي" يتم بثها من خلال المبني، وهذا ينطبق كذلك على استغلال المياه، مع العلم أن تصميم المبني بشكل بيئي أو أخضر، يمكن أن يؤدي إلى توفير حوالى 12% من كمية المياه، وفي نفس الوقت دلت الدراسات أن حوالى 40% من النفايات الصلبة يتم إنتاجها من خلال نشاطات الناس أو السكان في المبني، وبالتالي يمكن تصور الأبعاد ألاقتصادية والصحية والبيئية للحد من جزء من هذه النفايات أو لإعادة تدوير جزء منها، كجزء من تصميم المبني الخضراء.
ومن ضمن القطاعات التي ما زلنا نعتمد وبشكل كبير على الآخرين في الحصول عليها، هي قطاع الطاقة والمحروقات والمنتجات البترولية وما يتبعها، وما زلنا نشتري الكهرباء والبنزين، وندفع مقابل ذلك أسعاراً مرتفعة، وفي الوقت الذي تقوم فيه الدول أو المجتمعات بالاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة أو النظيفة أو المستدامة، من شمس ورياح، سواء لتوليد الكهرباء أو للصناعة، ما زلنا نشتري الكهرباء، التي يتم إنتاجها في مناطق أخرى، أي التي لا نتحكم فيها أو في أسعارها أو جودتها، وندفع لها أثمان مرتفعة، وما لذلك من تبعات على التنمية والاستدامة.
ويحل اليوم العالمي للبيئة هذا العام، مع تزايد القلق مما يعرف بظاهرة "تأثير البيت الزجاجي"، التي تتشكل بسبب ازدياد انبعاث الغازات ومن ضمنها غازات أول وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروجين ومركبات عضوية هيدروجينية وغيرها إلى طبقات الجو العليا، حيث إن هذه الغازات تشكل نوعاً من الحاجز الذي يمنع أشعة الشمس المنعكسة من سطح الأرض من النفاذ إلى طبقات الجو العليا، بل تعمل على امتصاصها ومن ثم إعادتها إلى سطح الأرض وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث يؤدي هذا إلى تسارع ذوبان الجليد وبالتالي ازدياد البقعة التي تغطيها المياه والفيضانات، والذي يمكن أن يؤدي إلى غرق أو اختفاء بعض الأماكن والجزر في العالم.
وعلى الصعيد البيئي الفلسطيني، ما زالت ممارسات المستوطنين التي تلحق الضرر في مكونات النظام البيئي الفلسطيني متواصلة، سواء من حيث التخلص من نفايات المستوطنين في المكبات الفلسطينية أو في الأراضي الفلسطينية، وكذلك استمرار تدفق المياه العادمة وبما تحويه من ملوثات، من المستوطنات الإسرائيلية إلى المناطق الفلسطينية المحيطة بها، وما يمكن أن تحويه هذه المياه العادمة من مواد كيمياوية ومن معادن ومن ملوثات بيولوجية تترسب في التربة وتحد من خصوبتها، وربما تلوث خزانات المياه الجوفية.
ومع حلول اليوم العالمي للبيئة لعام 2016، فإننا نحتاج إلى تطبيق سياسات بيئية وصحية واعتبار ذلك أولوية في خطط التنمية الفلسطينية، وبالأخص فيما يتعلق بالتخلص من النفايات الصلبة ومن ضمنها النفايات الغذائية أو العضوية المنزلية والمياه العادمة، وكذلك استخدام المبيدات أو المواد الكيميائية الأخرى، وكذلك اتباع سياسات صحية تعمل على التوعية وزيادة الاهتمام بالبيئة، وتعمل على ترسيخ ثقافة عدم الاستهلاك المفرط، والتوجه نحو أساليب وعادات إعادة التدوير للنفايات، ونحو المصادر المتجددة للطاقة من شمس ورياح وغاز، من أجل الحفاظ على المصادر الطبيعية للحياة البرية للأجيال الحالية والقادمة.
المطلوب كبح ارتفاع الأسعار
مع حلول شهر رمضان
ليس من العجيب أن نرى مع اقتراب شهر رمضان دوامة ارتفاع الأسعار، وأن نقرأ عن القرارات حول الأسعار الاسترشادية لبعض السلع، وعن القرارات بزيادة طواقم التفتيش والمراقبة والمحاسبة، وعن الاجتماعات والمؤتمرات الصحافية التي تهدف إلى حماية المستهلك والدفاع عنه وعن نقوده وعن صحته في شهر رمضان الفضيل، وعلى الرغم من كل ذلك وخلال الأيام الأولى من الشهر، ترتفع الأسعار، وبشكل كبير وبشكل غير مبرر، هذا على الرغم من حملات التنزيلات من المحلات التي يلاحظها من يسير في شوارع المدن الفلسطينية المختلفة.
وارتفاع الأسعار يعني الإرهاق بل الاستنزاف المتواصل للمستهلك، ومن كل جانب وما لذلك من نتائج وانعكاسات قد تكون وخيمة على الكثير من الأفراد والعائلات الفلسطينية، خاصة حين يكون الارتفاع يشمل سلعاً أساسية لا غنى للمستهلك عنها، وترتبط بسلع أخرى، حيث حين ترتفع أسعار بعض المنتجات، من المحتمل أن يبدأ المستهلك بالإقبال على منتجات أقل سعراً، والخطورة هنا تكمن بأن تكون هذه المنتجات أقل جودة أو قليلة الكفاءة، أو ملوثة أو فاسدة، وربما لها أضرار صحية وخيمة بسبب التلوث أو تراكم الكيماويات، وما لذلك من تداعيات صحية، من الممكن ألا نلمسها الآن، ولكن يمكن أن تنعكس على الناس بعد فترة، مع العلم وحسب تقارير حديثة صدرت عن وزارة الصحة، أن أمراض السرطان على سبيل المثال أصبحت تشكل المسبب الثاني للوفاة في بلادنا، بالضبط بعد أمراض القلب.
ومهما كانت المبررات والتفسيرات لارتفاع الأسعار، إلا أن الوضع وفي هذه الصورة، أصبح لا يطاق، وأصبح يتطلب تدخلاً مباشراً وجدياً ومتابعة ومحاسبة ومراقبة متواصلة لأسعار السوق، خاصة للأسعار الاسترشادية، التي تعلنها وزارة الاقتصاد، بين الفينة والأخرى، والأمر يتطلب التطبيق الحازم للقوانين، وبشكل علني، خاصة أن شهر رمضان على الأبواب، ونحن نعلم أن غالبية العمال في بلادنا، لا تتجاوز الأجرة اليومية له أكثر من 80 شيكلاً في اليوم، أي لا تصل إلى ثمن كيلوغرام من لحم الخروف أو السخل الذي يباع هذه الأيام، وقبل رمضان بحوالى 85 شيكلاً، أما الأجرة اليومية لمعظم العاملات، فهي لا تصل إلى الحد الأدنى للأجور، ولا تتجاوز الـ 50 شيكلاً في اليوم، أي لا تصل إلى ثمن كيلوغرام لحم من العجل أو من البقر.
ودون شك، إن من أهم الأسباب لارتفاع الأسعار، هو الجشع المخيف، عند بعض التجار أو الموردين، وإذا سألت أحد التجار مثلاً، عن سبب ارتفاع أسعار اللحوم، فيكون الجواب بسبب قلة العرض، أي قلة توفر العجول أو الأغنام، ولكن هل يعقل أن يرتفع السعر بشكل فجائي، وهل يعقل ألا تملك الجهات الرسمية، خطة أو برنامجاً لتوفير كمية من لحوم العجل مثلاً، لأسابيع أو أيام، ولمناسبات خاصة معروف حدوثها مسبقاً، مثل حلول شهر رمضان.
وحتى مع صدور قائمة الأسعار الاسترشادية، إلا أن غياب إشهار الأسعار أو إظهارها على السلعة، سواء في سوق الخضار مثلاً، أو في المحلات التجارية، وعدم فعالية حملات التفتيش والرقابة وذلك لعدم كفاية الطواقم أو قلة الإمكانيات، وكذلك ضعف ردع القوانين وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك الفلسطيني لعام 2005 في هذا الصدد، ستظل الأسعار ترتفع حسب مزاج أو مستوى جشع التاجر أو المزارع أو المورد، ولكن الذي سوف يدفع الثمن خلال شهر رمضان، هو المستهلك الفلسطيني وأفراد عائلته.
ومهما تحدثنا عن اقتصاد السوق، وعن العرض والطلب، وعن المعابر والحدود، وما إلى ذلك، من أمور يمكن أن تساهم في ارتفاع الأسعار، إلا أنه لا يعقل أن تضاهي الأسعار عندنا الأسعار في الكثير من الدول، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها أضعاف وربما عشرات أضعاف ما عندنا، وهذا يتطلب تغييراً جذرياً وجدياً في سياسة الجهات الرسمية المتعلقة بالأسعار، وبالأخص أسعار السلع الأساسية، وهذا يتطلب المراقبة الجدية، والمحاسبة الصارمة لجشع بعض التجار، وكذلك يتطلب التدخل الرسمي الجدي لإيقاف شبح ارتفاع الأسعار، والذي بات يرهق ويقلق الجميع، ونحن نعرف أن نسبة الفقر في بلادنا تصل إلى حوالى 25%، وأن نسبة البطالة تصل إلى حوالى 27% من الأيدي العاملة.
ومنذ ذلك اليوم، يتم الاحتفال بهذا اليوم في كل عام مع التركيز على موضوع بيئي محدد، والهدف منه زيادة التوعية بأهمية البيئة وضرورة الحفاظ عليها، وتزداد هذه الأهمية في مناطق مثل مناطقنا، حيث الموارد الطبيعية محدودة، واستهلاكها غير مستدام، مع ضعف الوعي البيئي، وغياب الممارسة البيئية السليمة.
وفي هذا العام، أي عام 2016، تم اختيار موضوع "الحفاظ على الحياة البرية والطبيعية، وبالأخص منع التجارة غير المشروعة بها"، كشعار لليوم العالمي للبيئة، والهدف هو التحذير من الاستخدام المفرط وغير المستدام، للمصادر الطبيعية في كوكب الأرض، الذي يعيش فيه حوالى سبعة بلايين إنسان، يحتاجون إلى استهلاك هذه المصادر بعناية، وإلى التوجه نحو المصادر المستدامة، للحفاظ على الأرض وما تحويه.
وهذا يعني تشجيع التوجه نحو النشاطات الاقتصادية الخضراء، ونحو مصادر الطاقة المستدامة، التي لا تتداعى مع الزمن وتلوث البيئة، وكذلك نحو البناء الأخضر وبأنواعه، والذي يهدف إلى ترشيد استخدام الطاقة والمياه والمصادر الطبيعية، وإلى تقليل إنتاج النفايات بأنواعها المختلفة، خلال وبعد الانتهاء من البناء، مثل استخدام الطاقة الشمسية أو المتجددة بشكل أساس وفعال، وإعادة تكرير المياه العادمة، واستخدام المياه الرمادية، ووجود أنظمة من أجل فصل وتدوير النفايات.
والممارسات الخضراء من المفترض أن تحد من كميات الغازات التي يتم بثها من مصادر الطاقة التقليدية كالبترول والفحم، مع العلم أن حوالى 30% من غازات التلوث أو ما يعرف بـ"غازات البيت الزجاجي" يتم بثها من خلال المبني، وهذا ينطبق كذلك على استغلال المياه، مع العلم أن تصميم المبني بشكل بيئي أو أخضر، يمكن أن يؤدي إلى توفير حوالى 12% من كمية المياه، وفي نفس الوقت دلت الدراسات أن حوالى 40% من النفايات الصلبة يتم إنتاجها من خلال نشاطات الناس أو السكان في المبني، وبالتالي يمكن تصور الأبعاد ألاقتصادية والصحية والبيئية للحد من جزء من هذه النفايات أو لإعادة تدوير جزء منها، كجزء من تصميم المبني الخضراء.
ومن ضمن القطاعات التي ما زلنا نعتمد وبشكل كبير على الآخرين في الحصول عليها، هي قطاع الطاقة والمحروقات والمنتجات البترولية وما يتبعها، وما زلنا نشتري الكهرباء والبنزين، وندفع مقابل ذلك أسعاراً مرتفعة، وفي الوقت الذي تقوم فيه الدول أو المجتمعات بالاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة أو النظيفة أو المستدامة، من شمس ورياح، سواء لتوليد الكهرباء أو للصناعة، ما زلنا نشتري الكهرباء، التي يتم إنتاجها في مناطق أخرى، أي التي لا نتحكم فيها أو في أسعارها أو جودتها، وندفع لها أثمان مرتفعة، وما لذلك من تبعات على التنمية والاستدامة.
ويحل اليوم العالمي للبيئة هذا العام، مع تزايد القلق مما يعرف بظاهرة "تأثير البيت الزجاجي"، التي تتشكل بسبب ازدياد انبعاث الغازات ومن ضمنها غازات أول وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروجين ومركبات عضوية هيدروجينية وغيرها إلى طبقات الجو العليا، حيث إن هذه الغازات تشكل نوعاً من الحاجز الذي يمنع أشعة الشمس المنعكسة من سطح الأرض من النفاذ إلى طبقات الجو العليا، بل تعمل على امتصاصها ومن ثم إعادتها إلى سطح الأرض وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث يؤدي هذا إلى تسارع ذوبان الجليد وبالتالي ازدياد البقعة التي تغطيها المياه والفيضانات، والذي يمكن أن يؤدي إلى غرق أو اختفاء بعض الأماكن والجزر في العالم.
وعلى الصعيد البيئي الفلسطيني، ما زالت ممارسات المستوطنين التي تلحق الضرر في مكونات النظام البيئي الفلسطيني متواصلة، سواء من حيث التخلص من نفايات المستوطنين في المكبات الفلسطينية أو في الأراضي الفلسطينية، وكذلك استمرار تدفق المياه العادمة وبما تحويه من ملوثات، من المستوطنات الإسرائيلية إلى المناطق الفلسطينية المحيطة بها، وما يمكن أن تحويه هذه المياه العادمة من مواد كيمياوية ومن معادن ومن ملوثات بيولوجية تترسب في التربة وتحد من خصوبتها، وربما تلوث خزانات المياه الجوفية.
ومع حلول اليوم العالمي للبيئة لعام 2016، فإننا نحتاج إلى تطبيق سياسات بيئية وصحية واعتبار ذلك أولوية في خطط التنمية الفلسطينية، وبالأخص فيما يتعلق بالتخلص من النفايات الصلبة ومن ضمنها النفايات الغذائية أو العضوية المنزلية والمياه العادمة، وكذلك استخدام المبيدات أو المواد الكيميائية الأخرى، وكذلك اتباع سياسات صحية تعمل على التوعية وزيادة الاهتمام بالبيئة، وتعمل على ترسيخ ثقافة عدم الاستهلاك المفرط، والتوجه نحو أساليب وعادات إعادة التدوير للنفايات، ونحو المصادر المتجددة للطاقة من شمس ورياح وغاز، من أجل الحفاظ على المصادر الطبيعية للحياة البرية للأجيال الحالية والقادمة.
المطلوب كبح ارتفاع الأسعار
مع حلول شهر رمضان
ليس من العجيب أن نرى مع اقتراب شهر رمضان دوامة ارتفاع الأسعار، وأن نقرأ عن القرارات حول الأسعار الاسترشادية لبعض السلع، وعن القرارات بزيادة طواقم التفتيش والمراقبة والمحاسبة، وعن الاجتماعات والمؤتمرات الصحافية التي تهدف إلى حماية المستهلك والدفاع عنه وعن نقوده وعن صحته في شهر رمضان الفضيل، وعلى الرغم من كل ذلك وخلال الأيام الأولى من الشهر، ترتفع الأسعار، وبشكل كبير وبشكل غير مبرر، هذا على الرغم من حملات التنزيلات من المحلات التي يلاحظها من يسير في شوارع المدن الفلسطينية المختلفة.
وارتفاع الأسعار يعني الإرهاق بل الاستنزاف المتواصل للمستهلك، ومن كل جانب وما لذلك من نتائج وانعكاسات قد تكون وخيمة على الكثير من الأفراد والعائلات الفلسطينية، خاصة حين يكون الارتفاع يشمل سلعاً أساسية لا غنى للمستهلك عنها، وترتبط بسلع أخرى، حيث حين ترتفع أسعار بعض المنتجات، من المحتمل أن يبدأ المستهلك بالإقبال على منتجات أقل سعراً، والخطورة هنا تكمن بأن تكون هذه المنتجات أقل جودة أو قليلة الكفاءة، أو ملوثة أو فاسدة، وربما لها أضرار صحية وخيمة بسبب التلوث أو تراكم الكيماويات، وما لذلك من تداعيات صحية، من الممكن ألا نلمسها الآن، ولكن يمكن أن تنعكس على الناس بعد فترة، مع العلم وحسب تقارير حديثة صدرت عن وزارة الصحة، أن أمراض السرطان على سبيل المثال أصبحت تشكل المسبب الثاني للوفاة في بلادنا، بالضبط بعد أمراض القلب.
ومهما كانت المبررات والتفسيرات لارتفاع الأسعار، إلا أن الوضع وفي هذه الصورة، أصبح لا يطاق، وأصبح يتطلب تدخلاً مباشراً وجدياً ومتابعة ومحاسبة ومراقبة متواصلة لأسعار السوق، خاصة للأسعار الاسترشادية، التي تعلنها وزارة الاقتصاد، بين الفينة والأخرى، والأمر يتطلب التطبيق الحازم للقوانين، وبشكل علني، خاصة أن شهر رمضان على الأبواب، ونحن نعلم أن غالبية العمال في بلادنا، لا تتجاوز الأجرة اليومية له أكثر من 80 شيكلاً في اليوم، أي لا تصل إلى ثمن كيلوغرام من لحم الخروف أو السخل الذي يباع هذه الأيام، وقبل رمضان بحوالى 85 شيكلاً، أما الأجرة اليومية لمعظم العاملات، فهي لا تصل إلى الحد الأدنى للأجور، ولا تتجاوز الـ 50 شيكلاً في اليوم، أي لا تصل إلى ثمن كيلوغرام لحم من العجل أو من البقر.
ودون شك، إن من أهم الأسباب لارتفاع الأسعار، هو الجشع المخيف، عند بعض التجار أو الموردين، وإذا سألت أحد التجار مثلاً، عن سبب ارتفاع أسعار اللحوم، فيكون الجواب بسبب قلة العرض، أي قلة توفر العجول أو الأغنام، ولكن هل يعقل أن يرتفع السعر بشكل فجائي، وهل يعقل ألا تملك الجهات الرسمية، خطة أو برنامجاً لتوفير كمية من لحوم العجل مثلاً، لأسابيع أو أيام، ولمناسبات خاصة معروف حدوثها مسبقاً، مثل حلول شهر رمضان.
وحتى مع صدور قائمة الأسعار الاسترشادية، إلا أن غياب إشهار الأسعار أو إظهارها على السلعة، سواء في سوق الخضار مثلاً، أو في المحلات التجارية، وعدم فعالية حملات التفتيش والرقابة وذلك لعدم كفاية الطواقم أو قلة الإمكانيات، وكذلك ضعف ردع القوانين وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك الفلسطيني لعام 2005 في هذا الصدد، ستظل الأسعار ترتفع حسب مزاج أو مستوى جشع التاجر أو المزارع أو المورد، ولكن الذي سوف يدفع الثمن خلال شهر رمضان، هو المستهلك الفلسطيني وأفراد عائلته.
ومهما تحدثنا عن اقتصاد السوق، وعن العرض والطلب، وعن المعابر والحدود، وما إلى ذلك، من أمور يمكن أن تساهم في ارتفاع الأسعار، إلا أنه لا يعقل أن تضاهي الأسعار عندنا الأسعار في الكثير من الدول، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها أضعاف وربما عشرات أضعاف ما عندنا، وهذا يتطلب تغييراً جذرياً وجدياً في سياسة الجهات الرسمية المتعلقة بالأسعار، وبالأخص أسعار السلع الأساسية، وهذا يتطلب المراقبة الجدية، والمحاسبة الصارمة لجشع بعض التجار، وكذلك يتطلب التدخل الرسمي الجدي لإيقاف شبح ارتفاع الأسعار، والذي بات يرهق ويقلق الجميع، ونحن نعرف أن نسبة الفقر في بلادنا تصل إلى حوالى 25%، وأن نسبة البطالة تصل إلى حوالى 27% من الأيدي العاملة.