حل الدولتين أو التماعة البريق الباهت

thumbgen (12)
حجم الخط
 

في هذا الوقت تحديداً، وعلى أبواب الانتخابات الرئاسية الأميركية، ذكر أن انقساماً حاداً بدأ يبرز، بين أعضاء منظمات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، حول اقتراح دعم «حل الدولتين»؛ فقد طرح منتدى سياسة إسرائيل المعروف اختصاراً بـ «IPF» الذي تأسس في التسعينيات بتشجيع من اسحاق رابين، اقتراحات بأن تقوم إسرائيل بخطوات على الأرض للتحضير لقيام الدولة الفلسطينية حتى يتحقق الأمن لإسرائيل.

ومن الخطوات التي طرحها المنتدى، إعادة توطين المستوطنين في الضفة الغربية، ونقلهم إلى داخل إسرائيل، وإعطاء السيادة للفلسطينيين على الأحياء التي يقطنها الفلسطينيون في القدس الشرقية. وهذه الاقتراحات تعتبر تحدياً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

وتدعم منظمة «الإيباك» التي تعتبر أقوى منظمات اللوبي الإسرائيلي في أميركا في برنامجها الأخير، بدء محادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنها لا تتبنى فرض «حل الدولتين» على رئيس الوزراء الإسرائيلي. بينما قامت منظمة جي ستريت اليهودية اليسارية الأميركية بتبني «حل الدولتين» منذ تأسيسها في 2008، مما أفقدها الدعم في الساحة اليهودية الأميركية، مع أن الرئيس أوباما قام بإلقاء خطاب في مؤتمرها العام.

إسرائيلياً، عادت المسألة لتحتل عناوين الإعلام وتصريحات أعضاء الائتلاف الحكومي، وأبرزها ما نقل عن نتانياهو ووزير أمنه أفيغدور ليبرمان، بزعمهما تأييد «حل الدولتين»، وهذه المرة وبخلاف تصريحات له قبل أيام، لم يذكر نتانياهو شروطه السابقة التعجيزية للموافقة على «الدولتين» كاعتراف الجانب الفلسطيني بإسرائيل أولاً كدولة يهودية.

وقبيل اجتماع الحكومة الأخير قال نتانياهو إنه «ملتزم تحقيق السلام مع الفلسطينيين وجيراننا». وفي محاولة لتبرير رفضه قبول المبادرة العربية بروحها ونصها ودعوته لتعديلها، أضاف نتانياهو «المبادرة العربية تشمل مركبات إيجابية يمكنها المساعدة على ترميم المفاوضات مع الفلسطينيين، ونحن مستعدون للتفاوض على تعديل المبادرة في شكل يعكس التغييرات التي حدثت منذ إطلاقها عام 2002، والحفاظ على الهدف المتفق عليه: إقامة دولتين للشعبين».

ليبرمان العائد بعد غياب، أراد إيصال رسالة مهمة تدعم توجهات نتانياهو، وبدأ بالغزل على ذات المنوال، حين صرح بأنه «يوافق على كل الأمور، بما في ذلك حل الدولتين». وأشار إلى أن «المبادرة العربية تنطوي على عناصر إيجابية تسمح بالحوار». وقال ليبرمان: «لقد تحدثت في أكثر من مرة عن الاعتراف بالدولتين ودعمت جدا خطاب بار ايلان». وقال عن خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي دعا إلى السلام الإسرائيلي – الفلسطيني، أنه «يخلق فرصة حقيقية ويجب علينا محاولة دفعه».

وفي أجواء إيراد أكثر من إشارة إلى خطاب الرئيس المصري، وخفايا تنسيق مواقف مع إسرائيل، رجحت صحيفة «يديعوت احرونوت» أن تكون تصريحات نتانياهو في شأن استعداده للتفاوض على مركبات المبادرة العربية للسلام، وجعلها قاعدة للمفاوضات مع الفلسطينيين والعالم العربي، قد جرى تنسيقها مع الرئيس السيسي، ويمكنها ان تشق الطريق لعقد مؤتمر إقليمي بمشاركة الدول العربية المعتدلة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن تصريحات نتانياهو لم تأت من فراغ، وهي جزء من خطوة أكبر يحيكها مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق توني بلير.

في المحصلة، يمكن القول إن إبراز التماثل بين موقفي نتانياهو وليبرمان، لا يؤكد «إيمان» الأخير بما ورد في خطاب «بار إيلان» في شأن «حل الدولتين» كما يقول، بقدر ما أراد إبلاغ نتانياهو أنه هو أيضاً ليس جاداً في «إيمانه» بـ «حل الدولتين»، فمنذ الخطاب وحتى الآن، لم يقدم نتانياهو ما يفيد بصدق أقواله تجاه «الحل المفقود» في سلسلة الحلول التي يمكن أن تجد مساراً مقنعاً، للتطبيق أو للعمل من أجلها، وكل ما قدمته إسرائيل من مساهمات لـ «حل الدولتين»، كان العمل عمداً على موت هذا الحل بالمزيد من الاستيطان ومصادرة الأراضي وإقامة الجدران، وتقليص المساحة التي يمكن أن «يحكمها» الفلسطينيون إلى أقل من 22 في المئة، حينها تكون الدولة الفلسطينية الموعودة مجرد حكم ذاتي لبلديات متنافرة لا يربطها سوى رابط المصالح لا الروابط الوطنية التي تشد عصب الشعب الفلسطيني تجاه أرض وطنه المحتل.

عن الحياة اللندنية