توصلت دراسة بحثية إلى أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والسياسات التجارية الفلسطينية ساهمت في زيادة فجوة التجارة الخارجية لاعتماد الأخيرة على الواردات كمصدر رئيسي في تمويل الموازنة العامة مع إهمالها القطاعات الإنتاجية والتي بموجبها رسخت التبعية التجارية للاحتلال.
جاءت تلك الدراسة خلال مناقشة رسالة ماجستير في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، اليوم، للباحث مازن أحمد حلس، بعنوان "فجوة التجارة الخارجية في الاقتصاد الفلسطيني وكيفية الحد من تعاظمها"، في برنامج الدراسات العليا والبحث العلمي لجامعة الأزهر بمدينة غزة، والتي بموجبها منحت له درجة الماجستير من قبل لجنة المناقشة والحكم والتي تضم كل من الدكتور سمير أبو مدللة مشرفاً ورئيساً، الدكتور محمود صبرة مناقشاً داخلياَ والدكتور عبد الحكيم الطلاع مناقشا خارجياً.
وهدف الباحث في دراسته إلى تحليل تطور قطاع التجارة الخارجية الفلسطيني، وتوضيح حجم فجوة التجارة الخارجية وتأثير هذه الفجوة على مؤشرات الاقتصاد الفلسطيني، وتوضيح مصادر تمويل الفجوة وتحليل دور تلك المصادر في تمويلها.
واستخدم الباحث الفلسطيني في دراسته، المنهج الوصفي لتحليل تطور قطاع التجارة الخارجية والمتغيرات المؤثرة فيه والتي يؤثر فيها اعتماداً على البيانات والإحصائيات الرسمية من المصادر المحلية والدولية. واعتمد على المنهج الكمي في بناء نموذجين قياسيين لتوضيح دور مصادر التمويل المختلفة في تمويل الفجوة والتأثير على حجمها وتوضيح تأثير الفجوة على الناتج المحلي الإجمالي.
واستنتج الباحث أن المصادر المحلية لا يمكنها تمويل فجوة التجارة الخارجية ما يؤدي إلى تعاظمها. موضحا أن الممارسات الإسرائيلية ساهمت في زيادة الفجوة إضافة إلى السياسات التجارية الفلسطينية التي ساهمت في زيادة الفجوة أيضاً لاعتمادها على الواردات كمصدر رئيسي في تمويل الموازنة العامة وإهمالها القطاعات الإنتاجية مما رسخ التبعية التجارية للاحتلال.
وخلصت الدراسة باستنادها للتحليل القياسي أن الاستثمار الأجنبي والمعونات الخارجية المقدمة للسلطة الفلسطينية أثرت إيجابا في تمويل فجوة التجارة الخارجية، بينما الدين العام والأوضاع السياسية أثرت سلبا على تمويل الفجوة جراء تراجع الإنتاج والتصدير.
وتوصلت الدراسة إلى أن فجوة التجارة الخارجية ذات تأثير معنوي سلبي على الناتج المحلي الإجمالي كمقياس للنمو الاقتصادي حيث بلغت مرونته 0.955 جراء تراكم المديونية وتراجع الناتج.
وأوصى الباحث بضرورة استغلال الدعم الخارجي في تمويل الأنشطة الإنتاجية وتحفيز الاستثمار الأجنبي عبر تفعيل سوق فلسطين المالي، لدورهما الإيجابي في تمويل فجوة التجارة الخارجية وتقليص الاعتماد على الديون لتمويل الفجوة.
وأوصت الدراسة بإتباع سياسات اقتصادية وتجارية والعمل على تطوير القطاعات الإنتاجية للحد من تعاظم فجوة التجارة الخارجية، ودعا الباحث إلى إلغاء العديد من بنود بروتوكول باريس الاقتصادي أو تعديلها بما يتناسب مع طبيعة ومصلحة الاقتصاد الفلسطيني والتوجه الجاد نحو إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي لتحفيز وزيادة النشاط الاقتصادي.
وأوصى الباحث بضبط الإنفاق الحكومي واستثمار المنح والمساعدات المقدمة إلى الشعب الفلسطيني وتوجيهها نحو تطوير الأنشطة الإنتاجية كونها تسهم في تمويل فجوة التجارة الخارجية.
وأثنت لجنة المناقشة والحكم على الباحث مثمنة المجهود الذي بذله، وأشادت بمحتوى الرسالة والتي شكلت نقلة نوعية وأوصت بوضعها في المكتبة بعد إجراء التعديلات الطفيفة عليها لتعميم الفائدة على الباحثين في هذا الميدان.