انتقادات «بتسيلم» موجهة إلى حكومة إسرائيل لا إلى الجيش الإسرائيلي. فالمنظمة لا تعتبر أن الجيش هو المسؤول الأساسي عما يحدث في الضفة الغربية. كما أن الجيش ليس هو من قرر فرض الحكم العسكري على الضفة، بل الحكومة. وجنود الجيش الإسرائيلي بولائهم وروحهم التطوعية، هم أداة فقط في يد المستوى السياسي من أجل السيطرة على الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم الأساسية.
طوال سنوات طالبت «بتسيلم» ومنظمات قريبة منها مثل «ييش دين» الجيش بالتحقيق في شبهة حدوث انتهاكات وأعمال قتل وجرح وعنف وتخريب ممتلكات، ارتكبتها «قوات الأمن» ضد الفلسطينيين، وذلك بهدف فرض معايير على وضع الاحتلال الذي يُعتبر في القانون الدولي «مؤقتاً» على الرغم من مرور نحو 50 عاماً عليه. ومؤخراً أعلنت المنظمة عن تغيير استراتيجي عملها، وعدم التوجه إلى جهاز تطبيق القانون العسكري، وعدم المطالبة بالتحقيق.
تُعدّ إسرائيل- بوساطة الجيش الإسرائيلي- هي السيد في «المناطق»، وهي تتحمل المسؤولية عن السلوك الملائم حيال السكان الخاضعين للاحتلال.
لكن على الرغم من دخول الاحتلال قبل أيام عامه الخمسين، لا يستطيع الفلسطيني تقديم شكوى ضد تجاوز ارتبكه عناصر «قوات الأمن» ضده أو ضد أقربائه، من دون أن تتولى إحدى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية تقديم الشكوى بالنيابة عنه.
قبل 25 عاماً، عندما بدأ «بتسيلم» يهتم بهذه النشاطات، بعد تخلي السلطات الإسرائيلية عن واجبها، كان الأمر منطقياً.
وكان الافتراض أن الاحتلال مؤقت، وإلى حين انتهائه يجب القيام بكل ما هو ممكن من أجل مساعدة السكان الفلسطينيين.
لكن سنوات كثيرة مرت، وجهاز تطبيق القانون العسكري لم يفعل شيئاً من أجل التحقيق بجدية.
يتبين لدى فحص المعطيات المتعلقة بمئات الحوادث التي عالجتها «بتسيلم» ومنظمات مشابهة، أن هناك فرصاً كبيرة لأن تضّيع النيابة العسكرية ملف التحقيق بدلاً من أن ينتهي الملف إلى توجيه كتاب اتهام.
وهذا ما حدث، ولم تؤد مطالبة بتسيلم بفتح تحقيق، والمساعدة التي قدمتها المنظمة إلى الجيش من خلال توفير أدوات للتأكد من الحقيقة في كل حادث، إلى تحقيق فعلي، ولا إلى خطوات تمنع استمرار حالات الظلم في المستقبل.
على الرغم من ذلك، فإن العمل الوثيق مع «بتسليم» طوال سنوات وفر للجيش الإسرائيلي، كجيش محتل، فوائد مهمة:
يدرك الجيش، الذي يعرف جيداً حجم الضرر الذي يسببه الاحتلال العسكري لصورته، ولديه قسم دولي كبير في النيابات العسكرية، أن العمل الوثيق مع منظمة حقوق إنسان عالية الشفافية ومحترمة في الأوساط السياسية والقانونية في العالم، سيمنحه شرعية في المجتمع الدولي. وهكذا ساهم التعاون مع «بتسيلم» تحديداً في جعل الوضع الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان- انتهاكات يعرفها الجيش بصورة أفضل مما يعرفها «بتسيلم»- مريحاً لإسرائيل، في مواجهة انتقادات دولية، وطوال زمن طويل جداً.
ظاهرياً، شكل «بتسيلم» موضوع إزعاج لحكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي. لكن جهاز تطبيق الحكم العسكري أدرك أن التفاعل مع «بتسيلم» يمكن أن يستخدم كأداة عمل فعالة في خلق الوهم بأن الجيش الإسرائيلي يتعامل بجدية مع الشكاوى، ويعالجها من خلال التعاون مع منظمات حقوق الإنسان. ولدى العودة إلى الوراء لا يمكننا ألاّ نستنتج أنهم حاولوا استخدام «بَتْسِيلِمْ» كجدار واق لعمليات الجيش الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين في «المناطق».
علاوة على ذلك، وبخلاف ما تحاول حكومة إسرائيل وتوابعها تصويره، فإن «بَتْسِيلِمْ» ليست منظمة غنية الموارد. والوقت الذي وظفته المنظمة في جمع الشهادات، وترجمتها، وجمع الأدلة، وفي التراسل مع النيابة العسكرية والاجتماعات كان وقتاً ضائعاً، ولم يؤد إلى وقف الظلم، لكنه بالتأكيد أدى إلى مراكمة معلومات منظمة واسعة النطاق تتعلق بالفارق الكبير بين الأحداث القاسية والمعالجة المعنية بطمس الحقائق.
وعلى ما يبدو فإن سبب التظاهر بالقيام بتحقيق فعلي هو الحؤول دون إجراءات قانونية دولية في المحكمة الجنائية في لاهاي. ويدرك الجيش الفائدة القانونية التي ينطوي عليها تحقيق داخلي نوعي، ولهذا قبل بسرور التعاون الوثيق مع «بَتْسِيلِمْ» طوال سنوات عديدة. لكن ميزانية المؤسسة الأمنية أكبر من ميزانية «بَتْسِيلِمْ» بنحو 10.000 مرة تقريباً. ولو كان الجيش أراد الامتناع عن العمل مع المنظمة لقام بنفسه بالتحقيق، بمساعدة الموارد المتوفرة له، وكونه يسيطر على الأرض، وبالتعاون الوثيق مع الشاباك والشرطة. لكن كان لدى الجيش حل أسهل بكثير، فقد ساعد العمل مع «بَتْسِيلِمْ» حكومة إسرائيل على تقديم صورة وهمية لتحقيق فعلي وموضوعي. ومظهر تحقيق خارجي، على الرغم من أن نتائج التحقيقات طوال سنوات كانت ضئيلة، وتدل على تهرب واستخفاف.
لهذا لا تنوي «بَتْسِيلِمْ» الاستمرار في أن تكون جزءاً من الجهاز. وستواصل المنظمة جمع المعلومات، والتحقيق، والتصوير، والمقارنة بين المعلومات للتأكد من صحتها، والتحليل، والنشر والتوزيع. كذلك ستواصل المنظمة متابعة العلاقة بين عدد من الحوادث المعروفة لدينا، وبين عدد من الحوادث التي جرى التحقيق فيها وإحالة المسؤولين عنها إلى المحاكمة.
ستبقى معلوماتنا علنية، كما كانت دائماً، وإذا أراد الجيش فتح تحقيق كل ما عليه أن يفعله العودة إليها. المشكلة هي أن الجيش يعرف جيداً أن السيطرة على مليوني شخص تخلق حتماً تجاوزات قاسية لا حصر لها لحقوق الإنسان.
لن تطالب «بَتْسِيلِمْ» بعد اليوم الجهاز العسكري بالتحقيق. والضرر الذي تخلقه هذه المطالبات العقيمة بحقوق الإنسان أكبر كثيراً من الفائدة.
طوال سنوات طالبت «بتسيلم» ومنظمات قريبة منها مثل «ييش دين» الجيش بالتحقيق في شبهة حدوث انتهاكات وأعمال قتل وجرح وعنف وتخريب ممتلكات، ارتكبتها «قوات الأمن» ضد الفلسطينيين، وذلك بهدف فرض معايير على وضع الاحتلال الذي يُعتبر في القانون الدولي «مؤقتاً» على الرغم من مرور نحو 50 عاماً عليه. ومؤخراً أعلنت المنظمة عن تغيير استراتيجي عملها، وعدم التوجه إلى جهاز تطبيق القانون العسكري، وعدم المطالبة بالتحقيق.
تُعدّ إسرائيل- بوساطة الجيش الإسرائيلي- هي السيد في «المناطق»، وهي تتحمل المسؤولية عن السلوك الملائم حيال السكان الخاضعين للاحتلال.
لكن على الرغم من دخول الاحتلال قبل أيام عامه الخمسين، لا يستطيع الفلسطيني تقديم شكوى ضد تجاوز ارتبكه عناصر «قوات الأمن» ضده أو ضد أقربائه، من دون أن تتولى إحدى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية تقديم الشكوى بالنيابة عنه.
قبل 25 عاماً، عندما بدأ «بتسيلم» يهتم بهذه النشاطات، بعد تخلي السلطات الإسرائيلية عن واجبها، كان الأمر منطقياً.
وكان الافتراض أن الاحتلال مؤقت، وإلى حين انتهائه يجب القيام بكل ما هو ممكن من أجل مساعدة السكان الفلسطينيين.
لكن سنوات كثيرة مرت، وجهاز تطبيق القانون العسكري لم يفعل شيئاً من أجل التحقيق بجدية.
يتبين لدى فحص المعطيات المتعلقة بمئات الحوادث التي عالجتها «بتسيلم» ومنظمات مشابهة، أن هناك فرصاً كبيرة لأن تضّيع النيابة العسكرية ملف التحقيق بدلاً من أن ينتهي الملف إلى توجيه كتاب اتهام.
وهذا ما حدث، ولم تؤد مطالبة بتسيلم بفتح تحقيق، والمساعدة التي قدمتها المنظمة إلى الجيش من خلال توفير أدوات للتأكد من الحقيقة في كل حادث، إلى تحقيق فعلي، ولا إلى خطوات تمنع استمرار حالات الظلم في المستقبل.
على الرغم من ذلك، فإن العمل الوثيق مع «بتسليم» طوال سنوات وفر للجيش الإسرائيلي، كجيش محتل، فوائد مهمة:
يدرك الجيش، الذي يعرف جيداً حجم الضرر الذي يسببه الاحتلال العسكري لصورته، ولديه قسم دولي كبير في النيابات العسكرية، أن العمل الوثيق مع منظمة حقوق إنسان عالية الشفافية ومحترمة في الأوساط السياسية والقانونية في العالم، سيمنحه شرعية في المجتمع الدولي. وهكذا ساهم التعاون مع «بتسيلم» تحديداً في جعل الوضع الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان- انتهاكات يعرفها الجيش بصورة أفضل مما يعرفها «بتسيلم»- مريحاً لإسرائيل، في مواجهة انتقادات دولية، وطوال زمن طويل جداً.
ظاهرياً، شكل «بتسيلم» موضوع إزعاج لحكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي. لكن جهاز تطبيق الحكم العسكري أدرك أن التفاعل مع «بتسيلم» يمكن أن يستخدم كأداة عمل فعالة في خلق الوهم بأن الجيش الإسرائيلي يتعامل بجدية مع الشكاوى، ويعالجها من خلال التعاون مع منظمات حقوق الإنسان. ولدى العودة إلى الوراء لا يمكننا ألاّ نستنتج أنهم حاولوا استخدام «بَتْسِيلِمْ» كجدار واق لعمليات الجيش الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين في «المناطق».
علاوة على ذلك، وبخلاف ما تحاول حكومة إسرائيل وتوابعها تصويره، فإن «بَتْسِيلِمْ» ليست منظمة غنية الموارد. والوقت الذي وظفته المنظمة في جمع الشهادات، وترجمتها، وجمع الأدلة، وفي التراسل مع النيابة العسكرية والاجتماعات كان وقتاً ضائعاً، ولم يؤد إلى وقف الظلم، لكنه بالتأكيد أدى إلى مراكمة معلومات منظمة واسعة النطاق تتعلق بالفارق الكبير بين الأحداث القاسية والمعالجة المعنية بطمس الحقائق.
وعلى ما يبدو فإن سبب التظاهر بالقيام بتحقيق فعلي هو الحؤول دون إجراءات قانونية دولية في المحكمة الجنائية في لاهاي. ويدرك الجيش الفائدة القانونية التي ينطوي عليها تحقيق داخلي نوعي، ولهذا قبل بسرور التعاون الوثيق مع «بَتْسِيلِمْ» طوال سنوات عديدة. لكن ميزانية المؤسسة الأمنية أكبر من ميزانية «بَتْسِيلِمْ» بنحو 10.000 مرة تقريباً. ولو كان الجيش أراد الامتناع عن العمل مع المنظمة لقام بنفسه بالتحقيق، بمساعدة الموارد المتوفرة له، وكونه يسيطر على الأرض، وبالتعاون الوثيق مع الشاباك والشرطة. لكن كان لدى الجيش حل أسهل بكثير، فقد ساعد العمل مع «بَتْسِيلِمْ» حكومة إسرائيل على تقديم صورة وهمية لتحقيق فعلي وموضوعي. ومظهر تحقيق خارجي، على الرغم من أن نتائج التحقيقات طوال سنوات كانت ضئيلة، وتدل على تهرب واستخفاف.
لهذا لا تنوي «بَتْسِيلِمْ» الاستمرار في أن تكون جزءاً من الجهاز. وستواصل المنظمة جمع المعلومات، والتحقيق، والتصوير، والمقارنة بين المعلومات للتأكد من صحتها، والتحليل، والنشر والتوزيع. كذلك ستواصل المنظمة متابعة العلاقة بين عدد من الحوادث المعروفة لدينا، وبين عدد من الحوادث التي جرى التحقيق فيها وإحالة المسؤولين عنها إلى المحاكمة.
ستبقى معلوماتنا علنية، كما كانت دائماً، وإذا أراد الجيش فتح تحقيق كل ما عليه أن يفعله العودة إليها. المشكلة هي أن الجيش يعرف جيداً أن السيطرة على مليوني شخص تخلق حتماً تجاوزات قاسية لا حصر لها لحقوق الإنسان.
لن تطالب «بَتْسِيلِمْ» بعد اليوم الجهاز العسكري بالتحقيق. والضرر الذي تخلقه هذه المطالبات العقيمة بحقوق الإنسان أكبر كثيراً من الفائدة.