مبادرات التسوية.. زيتٌ على نار ائتلاف نتنياهو

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

ما كادت مشكلة تعيين أفيغدور ليبرمان وتهديد زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم تصحيح أداء الكابينت تجد حلاً لها بعد طول توتر، حتى عادت الأجواء إلى القتامة في العلاقة بين «الليكود» و «البيت اليهودي». وقد حمل بينت على سياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من دون أن يسميه، قائلاً إنه «من المستحيل أن تكون مؤيداً لأرض إسرائيل باللغة العبرية وتنشئ فلسطين باللغة الإنكليزية».
ويتبادل قادة الطرفين الاتهامات بتشكيل الخطر على إسرائيل أو على الائتلاف الحكومي، وتوجد في خلفية ذلك مساعي نتنياهو لضم «المعسكر الصهيوني» للحكومة بديلاً عن «البيت اليهودي».
ورغم التسوية التي حُلّت وفقها الخلافات بشأن أداء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، إلا أن التوتر لا يزال قائماً بين «الليكود» و «البيت اليهودي». وأسهمت التصريحات المتصالحة من جانب نتنياهو وأفيغدور ليبرمان بشأن تأييدهما حل الدولتين ونظرتهما الإيجابية إلى بعض بنود المبادرة العربية، في صب الزيت على نار الخلافات داخل الائتلاف الحكومي. ووجد بينت من الصواب شنّ حملة على نتنياهو، من دون ذكر اسمه، حينما قال إنه «يستحيل أن تكون مع أرض إسرائيل باللغة العبرية، وأن تنشئ فلسطين باللغة الانكليزية».
وقاد هذا التصريح إلى ردود فعل غاضبة من «الليكود»، حيث حمل قيادي كبير على بينت قائلاً إن «الحديث يتعلق بوضعٍ غير معقول غدا فيه رئيس البيت اليهودي الخطر الأكبر على حكومة اليمين الموسعة برئاسة الليكود». وأضاف أن «حملة النفاق التي يقودها بينت لا تعرف حدوداً: فمن جلس مع تسيبي ليفني في حكومة أدارت مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين، فجأة اكتشف الضوء، وبشكلٍ عجيب فعلاً، بالتوازي مع تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع». وخلص إلى أنه إذا كان بينت يُصّر على إخراج «البيت اليهودي» من الحكومة لاعتبارات شخصية، فإن كل المسؤولية عن ذلك ستقع على عاتقه، والمهم ألا يحاول التسويق للجمهور أنه يفعل ذلك لاعتبارات أيديولوجية، لأن أحداً لا يشتري هذه البضاعة».
ورد «البيت اليهودي» على الليكود بإعلان «أننا نحترم رئيس الحكومة وزعامته، ولكننا لن نسمح له بتبني المبادرة العربية التي تشمل العودة إلى خطوط 67، وتقسيم القدس وإدخال لاجئين».
وكانت الحملة ضد نتنياهو قد بدأت بخطاب بينت الذي قال فيه إنه «فقط عندما نكون حادين وحازمين، العالم سوف يتركنا هادئين. وحتى ذلك الحين، علينا كل يوم إعادة تحرير القدس».
وأشار بينت إلى مبادرات السلام الدولية، معتبراً أن «هناك أناسا في البلاد والعالم، يتعلقون بمبادرات عربية مختلفة، تقضي بتقسيم البلاد، بتقسيم القدس لا سمح الله، وأن نعود لخطوط 67. ولأن العالم يضغط، هناك حاجة للتصالح معه. ولهم أنا أقول هذا المساء: أبداً لن يحدث. نحن جميعاً نقف كالجرف الصامد من أجل سلامة أرضنا. لا نتردد، لا نحتار، ولا نتذبذب».
وأضاف بينت أن «الوقت حان للقول بصوت واضح: أرض إسرائيل لشعب إسرائيل. بالعبرية والانكليزية والروسية والفرنسية، في الصيف والشتاء، وعند الانتخابات وبعدها. لماذا؟ لأن العالم يسمعنا. يسمع كل كلمة منا. العالم يلحظ الضعف، مثلما يلحظ القوة. العالم يلحظ ويشتم متى لا نكون واثقين من حقنا في الأرض، ويهجم علينا مهدداً بالمقاطعة».
وفي خطاب ألقاه نتنياهو بعد بينت في «مركاز هراف»، ورغم إعلانه تأييده لحل الدولتين، قال إن «القدس الكاملة ستبقى كاملة. نحن ملزمون بالحفاظ على القدس، ملزمون بالحفاظ على جبل الهيكل (الحرم القدسي). نحن نسعى للسلام، ونطلب السلام. لا أسعى لسلب أحد، ولكن لن يسلبنا أحد مدينتنا وأرضنا. لن نطرد أناساً من بيوتهم، ولن نطرد من بيوتنا».
وتدخل ليبرمان في الصراع بين «الليكود» و «البيت اليهودي» طالباً من بينت أن يهدأ قليلاً، وأن يدرك أن «المهمة الثانية هي واجب كل الائتلاف بترسيخ الحكومة. وأنا أستغل هذه الفرصة لأناشد كل رفاقي، وأولهم صديقي الوزير نفتالي بينت، بأن يهدأوا. نحن الآن أقل حاجة للتصريحات وأشد حاجة للعمل المشترك، المنسق والهادئ. وبالمناسبة، فإن من لا يستطيع ضبط نفسه، أنصحه بأن يتوجه للدكتور ذاته الذي أجرى عملية تقصير الفتيل. هذا مفيد جداً».
وأكد ليبرمان «أن لا نية أبداً لتقديم الانتخابات، ولا نية للإقدام على خطوة تدمير الائتلاف. ثمة إفراط في الحماسة الآن. وآمل أن نهدأ ابتداء من هذا الأسبوع لنتفرغ للعمل المرتب، المنسق والمشترك. وأعتقد أنه في ضوء التحديات والأحداث في منطقتنا، يجدر جداً أن يكون لدينا ائتلاف أوسع قدر الإمكان».
والواقع أن في خلفية الصراع بين «الليكود» و«البيت اليهودي» محاولة نتنياهو ضم المعسكر الصهيوني إلى حكومته. وهناك اعتقاد بأن انضمام اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني للحكومة يعني إخراج بينت و «البيت اليهودي» منها. ولذلك هناك توتر ليس فقط في «البيت اليهودي» وإنما في «الليكود» نفسه. وأظهرت استطلاعات أجرتها صحف إسرائيلية بين أعضاء «الليكود» ووزرائه أن هناك أغلبية لا تريد انضمام المعسكر الصهيوني ولا ترغب بأن يكون هذا الانضمام على حساب «البيت اليهودي». وتجري هذه الاستطلاعات على قاعدة أن نتنياهو لا يزال يأمل ضم المعسكر الصهيوني للحكومة في محاولة لإظهار أن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تقف خلف سياسته في مواجهة المبادرات الدولية لحل النزاع.