شهر رمضان والخشية من الأطعمة الفاسدة

05110183010569508383113123343322
حجم الخط
يحل هذه الأيام شهر رمضان، وكما حدث خلال الأعوام الماضية، يزداد إقبال الناس غير المبرر على الاستهلاك، أو على شراء المنتجات وبأنواعها، ومنها الأطعمة المختلفة، من لحوم حمراء وبيضاء، ومن خضروات وفواكه، ومن حلويات ومشروبات مختلفة، ومن أطعمة مجمدة ومصنعة وغير ذلك من المنتجات، ومع ازدياد الإقبال أو الطلب، ترتفع الأسعار، وبالتالي يلجأ الناس الى الإقبال على الاطعمة الأرخص، أو بمعنى آخر الأطعمة الأقل جودة، أو الملوثة، أو ربما الأطعمة الفاسدة أو غير الصالحة أو الرديئة وما الى ذلك من تبعات وآثار قد تكون بعيدة المدى، وهذا بدورة يدعو الجهات المسؤولة الى إيلاء العلاقة بين ارتفاع الأسعار وبين انتشار الأطعمة الرديئة، الأهمية الخاصة في شهر رمضان، وبالأخص في بلادنا، حيث وفي ظل وجود جهات عديدة، سواء أكانت رسمية او غير رسمية، تتدخل في مجال سلامة الغذاء والدواء والمنتجات، والذي يؤدي في إحيان عديدة الى تضارب أو الى غياب التنسيق، أو حتى إلى تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية بين هذه الجهات، فإنه من الأحرى تنسيق الجهود خلال شهر رمضان، من أجل العمل على تحديد الأولويات وتوفير الإمكانيات، من أجل توفير حماية خاصة للمستهلك الفلسطيني، سواء فيما يتعلق بانتشار أطعمة غير صالحة، او بارتفاع الاسعار، او بكليهما معاً.
والمستهلك له كذلك مسؤولية خاصة، حيث ورغم العمل الذي تقوم به الطواقم الرسمية لضبط المنتجات الفاسدة، سواء من حيث المتابعة وجمع المعلومات أو من حيث الرقابة والتفتيش اومن حيث الفحوص، الا انه وبدون شك يبقى المستهلك هو اللبنة الأساسية لاكتشاف وللإبلاغ عن المواد الفاسدة، لذا فانه مطلوب بناء جسور الاتصال وقنوات تبادل المعلومات مع المستهلك، والاهم التواصل معه لإبلاغه بما حدث، وهذا ما لا يتم بفعالية هذه الأيام، وحتى يتم إصلاح هذا الخلل، سيبقى المستهلك الفلسطيني بعيدا عن التواصل والتعاون مع الجهات الرسمية، وستبقى هناك مواد فاسدة او جزء منها ينتشر في السوق بمعرفة او بشك المستهلك، ولكن بدون رغبته في ايصال المعلومة الى الجهات المعنية، سواء أكان في شهر رمضان أو في غيره من الأشهر.
والهيئات التمثيلية المحلية للمستهلك هي كذلك مهمة، من مجالس قروية ومن بلديات ومن مؤسسات متخصصة أو أطر محددة، من نسوية أو شبابية أو غير ذلك، لان المعلومة عن الأطعمة الفاسدة، في الغالب تصل من القاعدة أو من الموقع، الى الجهات المعنية، ولذا فانه من المفترض على الجهات التي تعمل لمكافحة المنتجات الفاسدة ان تبني جسور التواصل والثقة مع هذه الهيئات والأطر، وحتى يتم بناء الثقة مع المستهلك، والاهم من خلال الممارسة العملية لمتابعة قضاياه، وكذلك بناء قنوات التعاون مع الهيئات المحلية بأنواعها، وكذلك تصويب طريقة التواصل او الإعلان عن ضبط المواد الفاسدة في الإعلام، سيبقى المستهلك يعيش ويدور في الدوامة شبه اليومية في هذا الشهر وفي غيره، من الخشية من الأطعمة الفاسدة، وحتى ان خبت هذه الدوامة لفترة، فإنها تعود وتظهر مرة اخرى، مع كل التداعيات السلبية لذلك.
والمطلوب كذلك العمل على زيادة نجاعة الجهات التي تراقب وتفتش، من حيث العدد ومن حيث النوعية والتدريب، حيث من المتوقع ان يتم زيادة طاقمها، او اذا ازدادت إمكانياتها وازداد تدريبها واعدادها أن تكون قادرة على القيام بدور اكبر، هذا مع العلم ان وصول المنتجات الفاسدة الى السوق ومن ثم الى المستهلك ينتج عنه خسائر اقتصادية، يمكن ان تفوق ما سوف يتم استثماره في إعداد المزيد من طواقم المراقبة والتفتيش، ونحتاج كذلك الى وضع برنامج منظم ومتكامل من أجل سحب عينات عشوائية من الأطعمة وإجراء الفحوص الروتينية لهذه العينات، في مختبرات فلسطينية، تم اعتمادها، وتم التأكد من خلال مختصين علميين بإمكانياتها، سواء طاقمها أو أجهزتها او خبرتها، في القيام، بهذه الفحوص.
والاهم ومع بدء شهر رمضان الفضيل، أن يتم اتخاذ الإجراءات المطلوبة ومنها الإجراءات القضائية بحق من يروج او من يتعامل مع الأطعمة الفاسدة، وانه يجب تطبيق القوانين الفلسطينية وبحزم وعلى الملأ وخاصة على الجهات التي تسوق المنتجات الفاسدة وبأنواعها، ومتابعة ما يجري في بلدان العالم في هذا الصدد، من دراسات وأبحاث لها علاقة بسلامة الغذاء، ومن ثم تعديل اللوائح المسموح بها في بلادنا وبشكل دوري بناء على نتائج الأبحاث التي تتم في العالم.