لا أدرى لماذا تذكرت هذا البيت الشعرى لإيليا أبوماضى، إن لم تخنى الذاكرة، وأنا أتابع أحداث الفيديو الذى تتداوله مواقع التواصل الاجتماعى، والذى يُظهر جندياً وجندية أمريكية يسخران ويضحكان من العلم القطرى، واستدعت بسببه الخارجية القطرية سفيرة الولايات المتحدة بالدوحة، وأبلغتها رسالة احتجاج وطلبت توضيحاً لمضمونه!
الحادثة ذكَّرتنى بحادثة أبشع وقعت منذ 12 سنة، حادثة أبوغريب، حين سرَّب المارينز الأمريكى صور جنود أمريكيين يهينون سجناء عراقيين فى سجن أبوغريب يعاملونهم بوحشية، وهى الصور التى هزَّت العالم، وادَّعت أمريكا فيما بعد أنها قدمت المتسببين فى هذه الجريمة إلى العدالة!
لا أتذكر وقتها ماذا قالت قطر عن الفضيحة، وهى التى كانت تصفّق لاحتلال العراق، ووضعت كل إمكانياتها وآلتها الدعائية للنيل من صدام حسين، وكانت (ولاتزال) القاعدة الأمريكية على أرضها التى انطلقت منها الطائرات التى دكَّت بغداد والمدن العراقية الأخرى.
نسى الطين أنه طين، هكذا ربما هو مضمون الفيديو الذى سخر فيه جنديان عديما الأخلاق من علم دولة صديقة، بل أكثر من صديقة لبلادهما، وكأنهما يقولان كيف لعلم هذه الدويلة أن يُعلَّق جنباً إلى جنب مع علم أمريكا العظيمة، ونسيا أن أمريكا ما كانت لتكون عظيمة وتفعل بالشرق الأوسط ما فعلت وألحقت به من خراب لولا وجود عملاء وخيانات فى المنطقة العربية، وعلى رأسها إمارة قطر التى نفذت الخطة الأمريكية فى المنطقة العربية بحذافيرها وزادت من عندها الكثير، وها هى اليوم تتلقى أولى طعنات الإهانة، فهى فى نظر النظام الأمريكى مجرد عميل، وستنقلب عليها بمجرد أن ينتهى دورها بتدمير العالم العربى وتفتيته، مثلما تقره خطة برنار لويس وبريجنسكى وغيرهما.
صور أبوغريب لم تكن خطأ اقترفه جنود فى حالة سُكْر، وإنما كانت خطة مدروسة، أرادت من ورائها أمريكا إرسال رسالة إلى بقية الشعوب العربية التى تدَّعى النخوة والمروءة، أنْ ها هم رجال صدام المتكبر المتعجرف، كيف تصنع بهم جندية أمريكية. ولا أعتقد أن هذا الفيديو الذى أغاظ قطر هو الآخر مجرد مزحة من جنديين، بل هو مقصود، وفى مضمونه رسالة إهانة للإمارة وللعرب جميعاً، كلهم صدام حسين، وكلهم القذافى فى نظرها، فقط لم تحن أدوارهم.
ألم يقر الكونجرس من أيام قانوناً يسمح بمتابعة أمراء سعوديين أمام القضاء بتهمة تمويل العمليات الإرهابية التى نفذها القاعدة فى 11/ 9؟
ليس لأمريكا أصدقاء، ستتخلص منهم بمجرد انتهاء مهماتهم، وقطر لن تشذ عن هذه القاعدة التى يعرفها الجميع، إلا العرب!
عن صحيفة "الفجر" الجزائرية