ولد اسحق شامير، رئيس الوزراء السابع، قبل مئة سنة. وقد احتفل مركز تراث بيغن وكلية نتانيا، الاربعاء الماضي، بتأخير نصف سنة، بيوم ميلاده. وكان ضيف الشرف ادوارد جرجيان، الذي كان سفير الولايات المتحدة في سورية وفي اسرائيل. كما القى قاضي المحكمة العليا اليكيم روبنشتاين، دان مريدور، افرايم سنيه، يائير شامير وآخرون كلمات في الحضور . وكلهم تحدثوا عن شامير بتقدير عميق.
عندما وصل مناحيم بيغن في تشرين الاول 1983 الى الاعتراف بأنه لم يعد يمكنه الاحتمال أكثر، احتل شامير مكانه كرئيس للوزراء. لم يكن الانتقال سهلا: شامير القاتم، المنطوي، لم يكن يتمتع بالكاريزما، الكفاءة، الخطابية، والغريزة السياسية الحادة لبيغن؛ انجليزيته كاننت هزيلة (تحست جدا بعد ذلك)، جاء الى السياسة من "ليحي" ومن "الموساد"، وليس من "العائلة المقاتلة" لـ "الايتسل".
وعلى الرغم من ذلك فقد أدى دوره جيدا كرئيس للوزراء. يمكن الاختلاف معه، من اليمين أو من اليسار، في بعض قراراته، ولكن لا يمكن التشكيك بقدرته على اتخاذ القرار، بحزم وبجدية. وذكر جرجيان في الاحتفال قرارين لشامير كانا متناقضين مع مبادئه، ولكنهما خدما مصالح اسرائيل على المدى البعيد: القرار بعدم الرد عسكريا على اطلاق الصواريخ من العراق في حرب الخليج الاولى، وقرار التوجه الى مؤتمر السلام في مدريد. وقال جرجيان: "هذا النوع من النهج بات اليوم أكثر فأكثر نُدرة".
ليفي اشكول، رئيس الوزراء الثالث، خلف بن غوريون في 1963. بن غوريون صب عليه نارا وبارودا. اشكول المتلعثم، عديم الكاريزما، اعتبر في نظر الكثيرين نكتة. ورغم ذلك، كان رئيس وزراء ووزير دفاع ممتازا، أعد الجيش الاسرائيلي لحرب "الايام الستة"، رأب الصدوع الداخلية في المجتمع، وأنقذ الاقتصاد الاسرائيلي من ركود جسيم.
الاستنتاج - أحد الاستنتاجات – هو أن اسرائيل لا يعوزها الرجال. رؤساء وزراء يأتون ويذهبون، والدولة تبقى الى الأبد. احيانا يتغير الحكم في الانتخابات، واحيانا لاسباب تجبر زعيم الحزب الحاكم على الرحيل. في كل الاحوال الانتقال يكون سلسا وأقل صدمة مما يُقدر له في البداية.
مقابل ماذا يُقال ذلك؟ مقابل ما يبدو في هذه اللحظة كتراكم سحب في أفق حكم نتنياهو. "تمخض الجبل فلم يلد فأرا"، قال نتنياهو اثناء زيارته الى موسكو. "لم يلد ولو فأرا صغيرا". يحتمل أن يكون هذا التمييز في علم الحيوانات دقيقا. وعلى الرغم من ذلك، فان لفحوصات الشرطة، قرارات النيابة العامة، تحقيقات الصحافيين وعصبية السياسيين، آلية خاصة بها. الموجة احيانا تتوقف وتختفي؛ واحيانا تكبر وتتعاظم في الطريق الى الاسفل، مثل كرة الثلج. والشائعات عن الاعتزال المقترب هي نبوءة تجسد نفسها. نتنياهو هو أول من يشخص الخطر. وأقول هذا في صالحه: فهو يقاتل. وعليه، فانه عندما عاد من موسكو لم يزر مكان العملية في شارونه مرة واحدة، كما هو متوقع، بل مرتين. فقد كاد يستوطن هناك.
إن امكانية أن يضطر الى الاعتزال بعيدة جدا في هذه اللحظة. ولكن لا يضر البحث فيها. فاذا ما وعندما يعلن بأنه لم يعد يمكنه الاستمرار بعد اليوم، ستنعقد جلسة طوارئ لوزراء "الليكود". وسيناشده الوزراء بأن يبقى. وفور ذلك سيبحثون عن صيغة تسمح لهم بمواصلة الاحتفاظ بالحكم. وسيعلنون عن تشكيل قيادة جماعية وعن اجراءات متفق عليها لانتخاب زعيم جديد لـ "الليكود". اسرائيل كاتس، جلعاد اردان، زئيف الكين، ياريف لفين، سيعلنون عن ترشحهم. جدعون ساعر وبوغي يعلون سيأسفان على اعتزالهما الكنيست، وسيبحثان عن سبيل للعودة الى البيت. ليبرمان سيقترح وحدة عاجلة لحزبه مع "الليكود" تحت قيادته.
لا حاجة الى أن يترافق اعتزال نتنياهو وصدمة تاريخية مثل اعتزال بيغن وبن غوريون. ولكن لا يوجد وريث طبيعي له: فقد حرص على تجفيفهم جميعهم. وكان آخرهم يعلون. من بين وزراء الحكومة الحالية لا يوجد في هذه اللحظة واحد راكم تجربة وزارية ومكانة في الرأي العام يشقان طريقه الى التاج.
هذا الفراغ سيحاولون ملأه في الاشهر القريبة، كل واسلوبه، كل وكفاءاته. والمرشحون المستقبليون سيطلقون الكثير من التصريحات المتزلفة للجمهور، الحماسية، في المواضيع السياسية والامنية، على أمل الانتفاخ. في مثل هذه الاوضاع يشعر رئيس الوزراء الحالي مثل بوبولينا في رواية "زوربا اليوناني" التي سلبت جاراتها فساتينها بينما كانت مستلقية في تابوتها. هذا لن يكون لطيفا.
عندما وصل مناحيم بيغن في تشرين الاول 1983 الى الاعتراف بأنه لم يعد يمكنه الاحتمال أكثر، احتل شامير مكانه كرئيس للوزراء. لم يكن الانتقال سهلا: شامير القاتم، المنطوي، لم يكن يتمتع بالكاريزما، الكفاءة، الخطابية، والغريزة السياسية الحادة لبيغن؛ انجليزيته كاننت هزيلة (تحست جدا بعد ذلك)، جاء الى السياسة من "ليحي" ومن "الموساد"، وليس من "العائلة المقاتلة" لـ "الايتسل".
وعلى الرغم من ذلك فقد أدى دوره جيدا كرئيس للوزراء. يمكن الاختلاف معه، من اليمين أو من اليسار، في بعض قراراته، ولكن لا يمكن التشكيك بقدرته على اتخاذ القرار، بحزم وبجدية. وذكر جرجيان في الاحتفال قرارين لشامير كانا متناقضين مع مبادئه، ولكنهما خدما مصالح اسرائيل على المدى البعيد: القرار بعدم الرد عسكريا على اطلاق الصواريخ من العراق في حرب الخليج الاولى، وقرار التوجه الى مؤتمر السلام في مدريد. وقال جرجيان: "هذا النوع من النهج بات اليوم أكثر فأكثر نُدرة".
ليفي اشكول، رئيس الوزراء الثالث، خلف بن غوريون في 1963. بن غوريون صب عليه نارا وبارودا. اشكول المتلعثم، عديم الكاريزما، اعتبر في نظر الكثيرين نكتة. ورغم ذلك، كان رئيس وزراء ووزير دفاع ممتازا، أعد الجيش الاسرائيلي لحرب "الايام الستة"، رأب الصدوع الداخلية في المجتمع، وأنقذ الاقتصاد الاسرائيلي من ركود جسيم.
الاستنتاج - أحد الاستنتاجات – هو أن اسرائيل لا يعوزها الرجال. رؤساء وزراء يأتون ويذهبون، والدولة تبقى الى الأبد. احيانا يتغير الحكم في الانتخابات، واحيانا لاسباب تجبر زعيم الحزب الحاكم على الرحيل. في كل الاحوال الانتقال يكون سلسا وأقل صدمة مما يُقدر له في البداية.
مقابل ماذا يُقال ذلك؟ مقابل ما يبدو في هذه اللحظة كتراكم سحب في أفق حكم نتنياهو. "تمخض الجبل فلم يلد فأرا"، قال نتنياهو اثناء زيارته الى موسكو. "لم يلد ولو فأرا صغيرا". يحتمل أن يكون هذا التمييز في علم الحيوانات دقيقا. وعلى الرغم من ذلك، فان لفحوصات الشرطة، قرارات النيابة العامة، تحقيقات الصحافيين وعصبية السياسيين، آلية خاصة بها. الموجة احيانا تتوقف وتختفي؛ واحيانا تكبر وتتعاظم في الطريق الى الاسفل، مثل كرة الثلج. والشائعات عن الاعتزال المقترب هي نبوءة تجسد نفسها. نتنياهو هو أول من يشخص الخطر. وأقول هذا في صالحه: فهو يقاتل. وعليه، فانه عندما عاد من موسكو لم يزر مكان العملية في شارونه مرة واحدة، كما هو متوقع، بل مرتين. فقد كاد يستوطن هناك.
إن امكانية أن يضطر الى الاعتزال بعيدة جدا في هذه اللحظة. ولكن لا يضر البحث فيها. فاذا ما وعندما يعلن بأنه لم يعد يمكنه الاستمرار بعد اليوم، ستنعقد جلسة طوارئ لوزراء "الليكود". وسيناشده الوزراء بأن يبقى. وفور ذلك سيبحثون عن صيغة تسمح لهم بمواصلة الاحتفاظ بالحكم. وسيعلنون عن تشكيل قيادة جماعية وعن اجراءات متفق عليها لانتخاب زعيم جديد لـ "الليكود". اسرائيل كاتس، جلعاد اردان، زئيف الكين، ياريف لفين، سيعلنون عن ترشحهم. جدعون ساعر وبوغي يعلون سيأسفان على اعتزالهما الكنيست، وسيبحثان عن سبيل للعودة الى البيت. ليبرمان سيقترح وحدة عاجلة لحزبه مع "الليكود" تحت قيادته.
لا حاجة الى أن يترافق اعتزال نتنياهو وصدمة تاريخية مثل اعتزال بيغن وبن غوريون. ولكن لا يوجد وريث طبيعي له: فقد حرص على تجفيفهم جميعهم. وكان آخرهم يعلون. من بين وزراء الحكومة الحالية لا يوجد في هذه اللحظة واحد راكم تجربة وزارية ومكانة في الرأي العام يشقان طريقه الى التاج.
هذا الفراغ سيحاولون ملأه في الاشهر القريبة، كل واسلوبه، كل وكفاءاته. والمرشحون المستقبليون سيطلقون الكثير من التصريحات المتزلفة للجمهور، الحماسية، في المواضيع السياسية والامنية، على أمل الانتفاخ. في مثل هذه الاوضاع يشعر رئيس الوزراء الحالي مثل بوبولينا في رواية "زوربا اليوناني" التي سلبت جاراتها فساتينها بينما كانت مستلقية في تابوتها. هذا لن يكون لطيفا.