كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عما دار في المكالمة التي أجراها وزير الخارجية الفرنسية جان مارك آيرولت مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعيد انتهاء لقاء باريس لوزراء خارجية 29 دولة في الثالث من حزيران الحالي. وأشارت إلى أن آيرولت قال لنتنياهو: «رغم معارضتك لمبادرتنا السلمية، فإن القطار انطلق من المحطة».
وأوضحت «هآرتس» أن الوزير الفرنسي اتصل بنتنياهو قبل حوالي عشرة أيام فور انتهاء لقاء وزراء الخارجية التمهيدي للمؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط الذي دعت له فرنسا. وأشارت إلى أن آيرولت قال لنتنياهو إنه «رغم معارضة إسرائيل، فإن فرنسا تعتزم مواصلة مبادرتها السلمية». وأضاف، وفق برقية بعثت بها السفارة الإسرائيلية في باريس: «أعرف أنني لم أقنعك، ولكن هذا القطار انطلق من المحطة».
وقد جرت المكالمة بعد بضع ساعات من انتهاء لقاء وزراء الخارجية في باريس، حيث بحث مسألة الجمود في المسيرة السلمية الاسرائيلية ـ الفلسطينية. وأثناء المكالمة، انتقد نتنياهو بشدة المبادرة الفرنسية، معرباً عن معارضته الشديدة لكل عناصرها. وبحسب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، فإنه يتبين من البرقية، التي استندت الى محادثات مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الفرنسية، أن آيرولت لم يتأثر بأقوال نتنياهو، وأنه يعتزم اتخاذ مزيد من الخطوات لتقدم المبادرة ابتداءً من هذا الشهر.
وبحسب المسؤول الاسرائيلي الكبير، فإن مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية قالوا لنظرائهم الاسرائيليين إنهم معنيون بالعمل في الاسابيع القريبة المقبلة على تشكيل مجموعات عمل تواصل المسيرة التي تم اطلاقها في اللقاء في باريس. والفرنسيون معنيون بأن تعمل مجموعات العمل هذه، بمشاركة الدول التي شاركت في لقاء وزراء الخارجية في باريس، على اعداد رزمة خطوات لبناء الثقة يمكن للاسرائيليين والفلسطينيين أن ينفذوها، رزمة حوافز اقتصادية يمكن للأسرة الدولية أن تقدمها للطرفين، وكذا في موضوع الترتيبات الامنية الاقليمية. وقال المسؤول الاسرائيلي الكبير: «لقد قال الفرنسيون لنا إنهم يريدون تنظيم مجموعات العمل حتى نهاية الشهر».
وكانت إسرائيل قد أبدت ارتياحها لنتائج لقاء باريس والبيان الختامي الذي صدر عنه، ورأت أنه يُعّبر عن فشل فرنسا في إقناع الحضور بموقفها كما تجلى في مسودة البيان الختامي. ومعروف أن أميركا لعبت دوراً مركزياً في تلطيف البيان الختامي بحيث لا يظهر فيه أي انتقاد جدي لإسرائيل. وأشاعت أوساط إسرائيلية أن فكرة طواقم العمل التي اقترحها الفرنسيون لن تكون عملية، وبالتالي فإن التحضيرات للمؤتمر الدولي فاشلة.
وكذلك، اعتبرت إسرائيل أن غياب وزراء خارجية دول مهمة، مثل روسيا وألمانيا وبريطانيا عن المؤتمر، يعبر عن رفض ضمني لهذه الدول للدور الفرنسي. ولكن الأيام التالية للمؤتمر أظهرت تأييد روسيا للمبادرة الفرنسية، وكذلك كان الموقف الألماني والبريطاني. وهذا يعني أن البناء الإسرائيلي على تصدع المبادرة الفرنسية لا يرتكز إلى أساس.
وفي كل حال، وصلت في الاسبوع الماضي الى وزارة الخارجية الإسرائيلية تقارير عدة من عواصم اوروبية حول تشكيل مجموعات العمل. وهكذا مثلاً، فوجئت أوساط وزارة الخارجية بأن الدولتين اللتين سارعتا الى التطوع للمشاركة في تنظيم المجموعات كانتا بالذات ألمانيا وتشيكيا، اللتين تعتبران الأكثر تودداً لإسرائيل في اوروبا. وقبل بضعة ايام، وجهت وزارة الخارجية إلى كل سفراء اسرائيل في اوروبا للتوجه الى وزارات الخارجية في الدول التي يعملون فيها للايضاح بأن اسرائيل تعارض اقامة مجموعات العمل.
واشار المسؤول الاسرائيلي الى أن الفرنسيين معنيون باستغلال حقيقة أنهم يشغلون في حزيران منصب الرئاسة الدولية لمجلس الامن في الامم المتحدة، كي يعقدوا بحثاً في مبادرتهم للسلام في اثناء الجلسة الشهرية للمجلس في الموضوع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.
وأضاف المسؤول الكبير أنه يُحتمل أن يحاول الفرنسيون في اثناء الجلسة، التي ستنعقد اغلب الظن في الاسبوع الاخير من هذا الشهر، أن يضعوا بياناً رئاسياً من مجلس الأمن يُعرب عن التأييد لمبادرة السلام، كما من المتوقع للفرنسيين أيضاً أن يعملوا على قرار يؤيد مبادرتهم للسلام في الجلسة الشهرية لوزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي، والتي ستنعقد في بروكسل في 20 حزيران.
وبالتوازي، ومع نهاية حزيران، سينشر التقرير الذي تضعه الرباعية في موضوع الجمود في المسيرة السلمية. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، فيدريكا موغيريني، اثناء الاستعراض أمام مجلس الامن في الامم المتحدة يوم الاثنين الماضي إن التقرير سيصف العراقيل الفورية التي تقف في وجه استئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين، وكذا السياسة التي يتخذها الطرفان والتي تهدد امكانية تطبيق حل الدولتين.