عملية أخرى عشية الانتخابات سترجح كفة ترامب

20164311282193
حجم الخط
هناك نوعان من السياسيين في العالم الديمقراطي: تجار وايديولوجيون. الاوائل مستعدون ليقولوا كل شيء ويفعلوا كل شيء كي ينجحوا وينتخبوا. من ناحيتهم، لكل شيء ثمن ومقابل، على أن تذكروا المبلغ فقط. الاخيرون – السياسيون الايديولوجيون، محصورون داخل اطار تأثير عالمهم. عندما ينتخبون في الغالب يتجمدون في مكانهم، في محاولة للنجاة امام وحشية الواقع وعندها يختفون. في السياسة الاميركية يمثل براك اوباما الايديولوجيين. فالاخطاء الجسيمة التي ارتكبها في السياسة الخارجية منذ انتخب رئيسا في المرة الاولى هي نتيجة مذهب فكري.
لقد آمن حقا بانه يمكن الحديث عن قيم حقوق الانسان في جامعة القاهرة عشية "الربيع العربي". وهو عن حق وحقيق ليس قادرا على ان يرى في الاسلام الحديث محدث الارهاب رقم 1 في العالم. وهو يسير في الشرق الاوسط بتقنين ينطلق من الرغبة في التحسين وليس الاساءة. ثمة الكثير جدا من الرومانسية في المثاليين، ولكنهم خطر كبير عندما يتجهون في الاتجاه غير الصحيح.
شخصية التاجر السياسي يمكن أن نجدها في المتنافسين على الرئاسة في السباق الحالي: كلينتون وترامب. وبينما كلينتون تاجرة متوسطة فان ترامب هو تاجر ممتاز. رجل أعمال بارد الاعصاب، مهني.  وهو يبيع البضاعة التي ليس له أي فكرة عن استخدامها. هكذا، مثلا، "اميركا رائعة".
"سنجعل اميركا رائعة مرة اخرى"، قال ترامب في عدة مناسبات. سنجعلها ممتازة. في نظري الغروب في الجبال قرب بيتي رائع، الشروق جيد، وتوجد ايضا موسيقى ممتازة أسمعها احيانا. كيف نجعل دولة رائعة؟ هذا سؤال يتطلب خطة عمل، سلم اولويات وتعريفا علميا. هذا ليس لدى ترامب أي نية لتوفيره.
من زاوية نظر فئوية، فاني كاسرائيلي أخاف من التجار في السياسة بقدر لا يقل عن الايديولوجيين على نمط اوباما. عندما يقول ترامب انه مع البناء في المستوطنات لانهم يلقون علينا الصواريخ، افهم بان ليس لديه أي فكرة اين توجد المستوطنات، وما الذي يهددنا أو لا يهددنا. استنتاجي هو أن ترامب كرئيس لن تكون له أي مشكلة لان يسقط على اسرائيل ويقول "اتفقوا مع الفلسطينيين، انسحبوا الى خطوط 67، فهذه ليست قصة كبيرة مع كل هذه الصواريخ. اريد سلاما كي أجعل العالم رائعا". بكل ثمن، على طريقة التجار. اما كلينتون، بالمناسبة، فليست افضل، باستثناء ان هذه قصة معروفة اخرى.
أتوقف عند التمييز بين السياسيين كونه لاول مرة في التاريخ البشري، وبسبب الصراع بين التجار على الرئاسة الاميركية، توجد امكانية ليصبح الارهاب اداة استراتيجية تؤثر في مصير العالم. منذ اخترع هذا المفهوم، والذي يعني الخوف، تميز الارهاب بتأثير تكتيكي على الناس. فقد نجح الارهابيون في المس بالرموز ، بالزعماء الكبار او بقتل المئات والالاف من الاشخاص. ولم يغيروا العالم. هكذا عندنا، لشدة الاسف، في قدر كبير من الحالات والانتفاضات الدموية، هكذا ايضا في الولايات المتحدة منذ 11 ايلول. يمكن أن نجد تراكما للاحداث التي أدت الى الحملات، يمكن أن نجد حروبا على اساس عمليات ارهابية كبرى، ولكن هذه كلها مجرد فقرة صغيرة في التاريخ.
ما يجري الان مع "داعش"، وبالمقابل سياسة النعامة لاوباما، يختلف عن كل ما عرفناه. عندما بدأ "داعش" ينتشر في ارجاء العالم وجدت نفسي مرتبكا أمام ما بدا لي كاهتمام اكبر مما ينبغي. مع كل الاحترام، فهل بضعة آلاف من المسلمين المسلحين بالسلاح الخفيف وسيارات التندر والوحشية يخيفون العالم الغربي؟ ما هو الاسوأ الذي يمكن أن يحصل؟ السيطرة على مزيد من الارض في العراق او سورية. ارسال قوات مشاة وحملة قصف مكثفة يمكنها أن تصفي التنظيم. غير أن العالم الغربي خاف، وانا لم أفهم بأنه خاف من نفسه.
ليس لدى "داعش" أي ذخر غير الوعي. رجاله يلتقطون لانفسهم الصور وهم يقطعون الرؤوس، يذبحون النساء والاطفال ويتباهون بقتل اللوطيين. في يوم المذبحة في اورلاندو ذبحوا بضع عشرات من المسلمين في سورية. لم يأبه أحد. ولكن عندما يدور الحديث عن حدث على الارض الاميركية، فان "داعش" ينتصر في معركة الوعي. وبالذات لهذا السبب توجد له فرصة فتاكة للتأثير على العالم بأسره.
عملية اجرامية عشية الانتخابات سترجح نسبة التصويت لصالح ترامب. عندما لا يتجرأ الرئيس اوباما على القول ما هو المصدر – الاسلام المتطرف – فان موقف الجمهور الاميركي سيكون اشد. ترامب كرئيس سيغير العالم الديمقراطي. وهو منذ الان يغير المنظومات السياسية المحيطة. لا أدي كيف سيفعل هذا، ولكني أخاف.