حلقت في الاجواء مؤخرا الكلمات "فاشية" و"خطر" و"المانيا في سنوات الثلاثينيات" بحرية كبيرة. وقد وجدت نفسي أطلب من الموجودين التوقف ورؤية اذا ما كنا موجودين فعلا في عملية فاشية متدهورة. وعندها حين سقط الصمت على الجمهور الذي يأكل على طاولتي، سألني صوت من داخل عقلي فجأة "قولي لي، هل اصبحت فجأ غادي طاوب؟"، وبعدم ارتياح قررت أن أقوم باختبار ذاتي سميته "فاشية أم نرجسية؟".
ماذا أقول لكم، لا تتفاجأوا عندما تكتشفون أنني نرجسية. هل أنا مصنفة مع اولئك الذين يدركون أن "أسس الديمقراطية الاسرائيلية قوية بما يكفي من اجل دفع وابعاد معظم هذه الهجمات في نهاية المطاف"؟ هل اعتقد أن قادتنا الحاليين سيتلاشون في ظلام الماضي اذا توقفت فقط عن العويل وحاولت احتلال قلب الدولة في الانتخابات؟
من الواضح أن الاجابة لا. اؤمن بأن فرص هذه النظرية أو تلك للنظام القمعي هي دائما افضل في الدولة التي تحتل مناطق وتسيطر عليها 15 سنة. أي أنه في المكان الذي طور فيه الناس حصانة مزمنة لحقوق الانسان والانغلاق تجاه الشعب الآخر، فان أمرا حيويا في روحهم يفسد. ولأن الصوت الانتخابي لاحزاب الائتلاف – وخصوصا حزب السلطة – يتشكل من اشخاص حولتهم ضائقتهم الى لامبالين أو محايدين تقريبا تجاه الحياة، وأن نتنياهو يعتبرهم اغبياء يمكن ايقاظهم أو اسكاتهم حسب حاجاته – فانني بالتأكيد قلقة.
يبدو أن طاوب نسي الدرس الاساسي الاول لأن نرجسية مثلي ما زالت ترتعد عند سماعه: قادة من نوع معين يستخدمون الحريات الديمقراطية من أجل تدميرها لأن "حكومة ديمقراطية تستطيع أن تتعزز بناء على موافقة القطاعات الغير مبالية والعنيفة في المجتمع، ليس أقل من اعتمادها على مؤسساتها الظاهرة وذات الصوت والتعبير للبلاد" (حنه ارنادوت).
نجح طاوب ايضا في استبعاد الحقيقة بأن التعطش لقائد قوي يسقط القبضة الحديدية على كل صحوة مهددة، ينبع من نجاح رئيس الحكومة الحالي في نهاية المطاف في اقناع اجزاء واسعة من الجمهور بأن الاغلبية البرلمانية ليست مهمة كثيرا طالما أنه لا يسمح بحرية العمل غير المقيدة بالسلطة، وأن سلطة القانون، المحكمة ووسائل الاعلام، هي حواجز في طريقه لتحقيق الهدف الحقيقي.
كيف أعرف ذلك؟ لأن ذلك بدأ هناك، و"هناك" تعني صندوق بريد عام للحظة تشوش التاريخ لأن العمليات بقيت غير معروفة وحدثت في خبايا الكلام، في الانتقال بين الفاشية الى النرجسية، بين الخطر الحقيقي والخطر المفتعل. أنا مستعدة للمخاطرة بالتشويهات التي سيمطرني بها طاوب. أليس اولئك الذين يصرخون "فاشية" هم الذين يتركون الديمقراطية الغالية لتواجه مصيرها؟ إن هذا هو النجاح الباهر للسلطة الحالية – التي نجحت في تحريض الجموع الغفيرة، المتعطشة للدماء، هي التي تحدد البرنامج اليومي وقادتنا يخضعون لها باسم ارادة الاغلبية الديمقراطية.
لذلك، الاغتراب الوحيد الذي اشعر به تجاه الناس الذين يحاولون اقناعي بأن الخطر الذي ألاحظه يوجد في رأسي فقط.