ثقافة العجز لدى القيادة الفلسطينية

thumbgen (20)
حجم الخط
 

إمساك القيادة الفلسطينية الحالية بخيوط الصراع مع الكيان الصهيوني أصبح عبئاً على القضية، فهم متأخرون جداً وغير قادرين على التعاطي مع القضايا الملحة والمستجدة يوماً بعد يوم، قد يكون هذا الطرح صادماً إلا أنه يمس صلب الواقع. باستطاعتنا القول وبكل وضوح إن من يدير دفة الصراع أصبح كمعلق كرة القدم، لا تخرج منه إلا التحليلات وأصوات تصف ما يحدث على أرض الملعب، من دون أدنى تدخل منه.
يمعن الاحتلال في القتل والضم والاعتقالات واغتصابه للمقدسات، وتبجحه بذلك من دون خوف أو وجل. يتبارون في إذلال الفلسطينيين بقرارات مشرعنة من «الكنيست» المظلم، كما لم يتورعوا عن استفزاز الدول العربية، ومحاولة ابتزازها بمبادرة السلام العربية، وضربهم بكل إدانات الأمم المتحدة عرض الحائط، ويتعاملون على أنهم فوق القانون، في حين أن العالم لا ينبس بكلمة واحدة تضع حداً لهذا الصلف.
وبموازاة ذلك، فإن السلطة لا تتعامل مع هذا الحجم من الضغوط الصهيونية بجدية حقيقية، ففي قراراتها مترددة، والصراعات الداخلية تنخر قبتها، وتوجهها الدولي خافت، والكثير من الأحيان تتراجع عن اتخاذ قرارات جوهرية كانت وعدت بها، في حين أن الوضع الاقتصادي في حالة يرثى له، كما أن الجبهة الداخلية مشتتة، فالانقسام ما زال قائماً، وكل فصيل متمسك برؤيته، وغير معني بتقديم تنازل للآخر. سلبيات ترى تحوم حول السلطة، في حين أن قياداتها متمسكة بالعجز الذي يحيط بها. لا بد أن تؤمن السلطة بأن التحرير والنضال لا بد أن تقدم لأجلهما التضحيات، كما يتحتم عليها أن تضخ الدماء من جديد للشعب بتعزيز مقومات صموده، بتنظيف البيت الداخلي من أصحاب المصالح والمتنطعين بالقضية، وتعزيز الصف، وتوحيد البيت بأي ثمن، ثم رفع الصوت عالياً في وجه الاحتلال.
فعندما يخرج على الشعب قادة عسكريون «إسرائيليون» يهددون غزة بالمحق والقتل، وبحرب شاملة تأكل الأخضر واليابس، ويدعم هذه التصريحات حكومة الكيان المتطرفة، بالتزامن مع حقن الضفة بآلاف الوحدات الاستيطانية، فإنه في المقابل لا بد من اتباع آليات ناجعة لحماية الفلسطينيين من هذه المخططات الاستئصالية، وأن تشكل هجمة الكيان وقوداً دافعاً لإنجاح المصالحة التي تعقد حالياً لأجلها الاجتماعات في القاهرة والدوحة. فصياغة خطوط المواجهة يجب أن تتم، بعد تسع سنوات عجاف مضت على الانقسام ذاق خلالها الفلسطينيون الويلات، وحقق خلالها الاحتلال الكثير من المنجزات، مستغلاً هذه الثغرة الخطرة. 
المطلوب من المتحاورين أن يقدموا المصلحة الوطنية على الحزبية، وأن يوجهوا سهامهم إلى عدوهم لا إلى بعضهم بعضاً، ونبذ سياسة العجز التي يتعاطون بها مع قضايا الفلسطينيين الملحة.. فهل ينجحون في ذلك؟

عن الخليج الاماراتية