السوائل غير النيوتونية هي أحد أسرار العلم الصغيرة، وفي حين أن دراستها قد لا تكون براقة مثل صنع الروبوتات أو استكشاف الفضاء، إلا أنه لا يزال هناك أسرار تحيط بهذه السوائل المذهلة.
ولكن فريقاً من العلماء من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) وجامعة جورجتاون، ربما يكونون قد كشفوا سر هذه السوائل، فلقد اكتشفوا أن النظريتَيْن اللتَيْن يفترض بهما أن تكونا متضاربتين حول ديناميكيات السوائل غير النيوتونية، تتعايشان مع بعضهما البعض في الواقع، وتعطيانه خصائصه المذهلة.
لمن لا يعلم، السوائل غير النيوتونية هي تلك التي تتحدد لزوجتها طبقاً للجهد الذي تتعرض له، في حين أن السوائل النيوتونية تتحدد لزوجتها بدرجة الحرارة والضغط الذي تتعرض له.
بمصطلحات أكثر بساطة، السوائل النيوتونية مثل المياه تتدفق بشكل أسرع أو أبطأ تبعاً لدرجة الحرارة، في حين أن السوائل غير النيوتونية سوف تتصرف كالمواد الصلبة إذا تم "صفعها" أو "لكمها"، وتبدأ بالتحول إلى الحالة السائلة إذا لم تتعرض لأي جهد، بغض النظر عن درجة الحرارة.
النظريتان
الآن، هناك نظريتان تفسران لِمَ تتصرف السوائل غير النيوتونية بهذا الشكل؟ هناك نموذج التفاعلات الهيدروديناميكية القائمة على التليين، ونظرية قوة تماس الاحتكاك.
يقترح النموذج الهيدروديناميكي أن الارتطام يجبر جزيئات السائل على التكتل في مجموعات تُسمى تكتلات مائية (hydroclusters). كلما زادت القوة التي يتعرض لها السائل تنقبض هذه التكتلات ويصبح السائل أكثر لزوجة، ويخرج السائل من التكتلات، ممّا يخلق طبقة تشحيم أرق تفصل بين الجزيئات ويجعل التكتلات المنتشرة أكثر جموداً.
وتقول النظرية الأخرى: إن الاحتكاك بين الغرويات المعلقة في السائل يجبرها على البقاء في مكانها، حتى أنها تصبح أكثر قرباً للمواد الصلبة منها إلى السوائل المتدفقة.
وتشير الدراسة التي نُشرت في دورية Physical Review Letters أنه بالأساس كلا النموذجين صحيح، ولكن القوة الرئيسية الدافعة لهذه السوائل هي نموذج تماس الاحتكاك، مع كون النموذج الهيدروديناميكي يلعب دوراً داعماً. الهيدروديناميكا هي القوة الدافعة عندما يكون هناك جسيمات أقل، ويكون السائل أقل كثافة، حتى نقطة معينة حيث يحدث انتقالٌ خفي لنموذج تماس الاحتكاك.
إنه دليل آخر على أنه لا يزال هناك الكثير لاكتشافه، سواء كان بين النجوم، أو كامناً في خصائص السوائل التقليدية الغريبة.