اعتداء أورلاندو: تداعيات على العلاقات بين الأميركيين

20160615T200250-1466010170033870600_855040_large
حجم الخط
سارع السياسيون الأميركيون إلى التعليق على حادثة إطلاق النار في ملهى ليلي في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا. بعضهم دعا إلى تشديد الرقابة على السلاح، وبعض آخر الى الصلاة، في وقت أشعل دونالد ترامب، المرشح الرئاسي، فتيل الخلاف ونشر تغريدات «نارية» على «تويتر».
ثلاث مسائل شائكة في الثقافة الأميركية السياسية ـ حقوق المثليين وضبط السلاح والإرهاب ـ تشابكت في ملهى أورلاندو الأحد المنصرم، وتداخلت. والى اليوم، لم يتضح بعد ما حمل عمر متين على ارتكاب أسوأ مجزرة ناجمة عن عملية إطلاق نار في التاريخ الأميركي. ولكن الحادثة وقعت في ملهى مثليين، بعد أسبوعين على الذكرى الأولى لتشريع المحكمة العليا الأميركية زواج المثليين، وفي عطلة نهاية الأسبوع التي نظمت فيها مدن أميركية، منها واشنطن، مسيرات الفخر (غاي برايد).
ومطلق النار في شهر رمضان هو شاب أميركي تتحدر عائلته من أفغانستان. وأثناء الهجوم، اتصل برقم الطوارئ 911 وبايع «داعش» وهو يحمل مسدساً وبندقية نصف آلية من طراز «AR -15»، وهو طراز كان في عداد ترسانة سلاح استخدمت في قتل 12 شخصاً في قاعة سينما في أورورا في ولاية كولورادو، في 2012، وتلامذة في مدرسة ابتدائية وستة راشدين في نيوتاون؛ و14 شخصاً في حفل في سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا في كانون الأول السابق.
ويفاقم اجتماع هذه العناصر (حقوق المثليين وضبط السلاح والإرهاب) في حادثة واحدة الارتباك في الحياة السياسية الأميركية. ولا شك في أن أصعب المسائل هي تلك التي تضع قيمنا في مواجهة مخاوفنا. وفي هذه المأساة، شأن المآسي السالفة، يسعى كل من الجمهوريين والديمقراطيين الى استمالة الناس. ومنذ هجمات التاسع عشر من أيلول لم يسبق أن شدت حادثة أواصر الأميركيين مثلما حصل في هذه المأساة. ولكن التضامن سرعان ما انفرط عقده وتبدد. وتفاقم الشرخ بين اليمين واليسار، على وقع تدهور الثقة بالمؤسسات الوطنية. ويبدو أن الانقسام الحزبي والأيديولوجي يحول دون البحث في أسباب ما حصل والحلول الممكنة. وكدرت الخلافات الرد على المأساة المروعة، في وقت تُترقب المآسي القادمة. و «على رغم أن التحقيقات في بداياتها، نعرف ما يكفي للقول أنه عمل إرهابي وعمل كراهية»، قال الرئيس اوباما الأحد. وفور مغادرة اوباما غرفة الأخبار في البيت الأبيض، سارع دونالد ترامب الى التغريد: «هل الرئيس اوباما سيتلفظ في نهاية المطاف بعبارة الإرهاب الإسلامي المتطرف؟ وإذا لم يفعل، فحري به التنحي (والشعور) بالخزي!». وفي وقت امتنع اوباما عن تخمين دور معتقدات متين الدينية في المجزرة، دعا الى تضييق القيود على حيازة السلاح. «هذه المجزرة تذكرنا بيسر حيازة المرء سلاحاً يمكنه من إطلاق النار على مدرسة أو معبد أو صالة سينما أو ملهى... وحري بنا أن نقرر أي بلد نريد أن نكون. فالوقوف موقف المتفرج هو كذلك قرار». ويرى منتقدو أوباما أن ملاحظته عن الوقوف موقف المتفرج تجوز كذلك في وصف الإخفاق في جبه العنصر الديني في عدد كبير من العمليات الإرهابية. فالسناتور ماركو روبيو دعا الى التداول أكثر في دور الإسلام المتطرف في استهداف المثليين.
ولطالما قيض لخطاب السياسيين غير المتسامح النجاح، حين كان القلق على أمنهم شاغل الأميركيين. وارتفعت نسبة التأييد لترامب، وهو سبق أن دعا الى حظر موقت على دخول المسلمين الى أميركا، إثر هجوم سان برناردينو، والهجمات الإرهابية في باريس في تشرين الثاني  الماضي. وثمة خطر في المبالغة في تسييس حداد أمة وحزنها.