قبل أسبوع بالضبط يكون قد مر على وقوع الانقسام الفلسطيني تسع سنوات بالتمام والكمال ولا يزال الحبل على الجرار بعد المزيد من السنوات العجاف التي حملت للشعب الفلسطيني المزيد من النكبات والمزيد من المخاطر التي تتكاثر على المشروع الوطني الفلسطيني.
غريب عجيب أن يقع مثل ذلك الانقسام، غريب بأسبابه ودوافعه، وعجيب أن يستمر كل هذا الوقت رغم اعتراف الكل بما جره ويجره على الشعب الفلسطيني وقضيته وفصائله وكل مكوناته من كوارث.
في أسباب الانقسام وتداعياته لن نهرب إلى الأمام فنحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية، فإن كان يتحمل جزءاً منها، والأمر كذلك، فإنه يظل عدو الشعب الفلسطيني وعدو السلام، هذا يعني بصريح العبارة أن الأطراف الفلسطينية المسيطرة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن وقوع الانقسام وهي المسؤولة عن استمراره.
لا أحد يريد أن يعترف بمسؤوليته، وكل طرف يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر، ويسوق من الشروحات، والادعاءات، ما يعفيه من المسؤولية وكأن التاريخ ينصب للمعترف بجريمته المشانق.
إذا كان الاعتراف بالحق فضيلة فإن لا أحد يستحق هذه الفضيلة، وطالما أن الاعتراف بالخطأ أو الخطيئة هو بداية الشفاء والعلاج، فإن علينا انتظار المزيد من السنوات العجاف.
لقد مضى على اتفاق القاهرة الذي اصبح بمثابة قميص عثمان، أكثر من خمس سنوات، لكن الطرفين لا يجدان سبيلاً لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
أين المشكلة إذاً، هل هي في الاتفاق ذاته بكونه لا يقدم حلولاً ومساومات مرضية للطرفين، أم لأن الاتفاق تجاوز عن الأسئلة الصعبة التي يتطلبها الحل، أم بسبب غياب الإرادة الكافية، والتزام وتمسك كل طرف بحساباته الفصائلية الخاصة؟.
بصرف النظر عن السبب فإن النتيجة واحدة، وهي أن المصالحة متعطلة في انتظار أن يسلم طرف للطرف الآخر، وهو ما لم يقع ومن غير المتوقع أن يحصل ذلك ما يعني أن الأمل بعيد في أن ترى المصالحة النور.
ونزيد الشعر بيتاً، في أن المصالحة لو تحققت فعلاً فإن استعادة الوحدة للمؤسسة الوطنية والقرار ستستغرق سنوات أخرى، لا تخلو من صراعات صعبة، طالما أن كل طرف يتمسك برؤيته للمستقبل.
في الحقيقة فإن حركة حماس لا تجد لنفسها مسوغاً لوضع قدراتها، وتجاهل برنامجها ورؤيتها لصالح مشروع سياسي وبرنامج أثبتت تجربة السنوات الماضية فشله.
ثمة نضال سياسي ودبلوماسي ونضال سلمي على مختلف الجبهات، ولكن لم تعد ثمة مراهنة على إمكانية إعادة الحيوية والحياة للمفاوضات السياسية، والتسويات السلمية لتحقيق الحدّ الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني كما ارتضاها الفلسطينيون وكما أقرتها الأمم المتحدة.
وحتى لو أن القيادة السياسية لحركة حماس أرادت التساهل مع الموضوع والمشروع السياسي بالقدر الكافي لتحقيق المصالحة، كتكتيك اضطراري فإنها لا تستطيع ذلك، في ضوء قوة المقاومة وكتائب عز الدين القسام وترسانة الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تمتلكها، وبعد كل التضحيات التي دفعتها حماس والمقاومة دفاعاً عن مشروعها.
وفي المقابل لا تستطيع حركة فتح بعد كل التجربة التي مرت، التخلي عن رؤتيها وبرنامجها ومشروعها السياسي والسلطوي لصالح حركة حماس وبرنامجها، الذي لا يلقى قبولاً من طرف المجتمع الدولي والإقليمي والعربي.
إن قبول فتح ببرنامج حركة حماس من شأنه أن يعطل قدرتها على الحركة السياسية، والدبلوماسية، ويضع كل الواقع الفلسطيني ومؤسساته في مهبّ الريح.
فتح التي تقود منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة، لا تستطيع أن تحكم في قطاع غزة، ولا تستطيع أي حكومة أن تعمل بكامل صلاحياتها في ظل قوة المقاومة، وهي، أيضاً، لا تستطيع تحمل تبعات ذلك أمام كل الأطراف الخارجية الأخرى، خاصة وأن المنظمة لم تعلن تنصلها من اتفاقية أوسلو.
المسألة هنا لا علاقة لها بنوع الوساطة بين الطرفين إن كانت قطر، أو تركيا أو مصر، فبالرغم من الفوارق، التي ترجح كل الوقت أولوية الدور المصري، إلاّ أن مسألة المصالحة من عدمها تتوقف على الطرفين فتح وحماس.
بعض الناس استبشروا خيراً بتزامن اللقاء الأخير، الذي جرى الأسبوع الماضي في الدوحة، بالذكرى التاسعة لوقوع الانقسام.
لكن الأمر لم يتجاوز ما عبّر عنه أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح الأخ أمين مقبول الذي قال قبل وقوع اللقاء إن لا جديد يدعو للتفاؤل سوى أن اللقاء ينعقد في شهر رمضان.
ومع إعلان فشل لقاء الدوحة، ظهرت من جديد أخبار تفيد بأن ثمة مراسلات بين إسرائيل وحركة حماس، تتحدث عن عرض إسرائيلي لإحياء صفقة هدنة لعشر سنوات مقابل تسهيلات اقتصادية ولوجستية مغرية تقدمها إسرائيل.
نصدق أو لا نصدق النفي الضعيف الذي صدر عن حماس، فإنه لا دخان بلا نار؟ فالحل المطروح يقدم فعليا بديلاً لحماس ومخرجاً لمسلسل الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها الناس، وتعاني منها الحركة الوطنية والإسلامية بما في ذلك حركة حماس.
المسؤولية الوطنية تقتضي في مثل هذه الحالة تقديم البدائل، حتى لا تكون الحلول الفردية هي المخرج الوحيد أو أن يتم البحث عن حلول أخرى لإدارة الوضع في القطاع في ظل عجز حكومة الوفاق عن القيام بدورها.
مرة واحدة نتمنى على الطرفين أن يستمعا إلى صوت الشعب ورؤيته إزاء الخيار الأفضل، خاصة وأن الشعب الفلسطيني لم يخذل يوماً قضيته أو قيادته الوطنية.
غريب عجيب أن يقع مثل ذلك الانقسام، غريب بأسبابه ودوافعه، وعجيب أن يستمر كل هذا الوقت رغم اعتراف الكل بما جره ويجره على الشعب الفلسطيني وقضيته وفصائله وكل مكوناته من كوارث.
في أسباب الانقسام وتداعياته لن نهرب إلى الأمام فنحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية، فإن كان يتحمل جزءاً منها، والأمر كذلك، فإنه يظل عدو الشعب الفلسطيني وعدو السلام، هذا يعني بصريح العبارة أن الأطراف الفلسطينية المسيطرة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن وقوع الانقسام وهي المسؤولة عن استمراره.
لا أحد يريد أن يعترف بمسؤوليته، وكل طرف يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر، ويسوق من الشروحات، والادعاءات، ما يعفيه من المسؤولية وكأن التاريخ ينصب للمعترف بجريمته المشانق.
إذا كان الاعتراف بالحق فضيلة فإن لا أحد يستحق هذه الفضيلة، وطالما أن الاعتراف بالخطأ أو الخطيئة هو بداية الشفاء والعلاج، فإن علينا انتظار المزيد من السنوات العجاف.
لقد مضى على اتفاق القاهرة الذي اصبح بمثابة قميص عثمان، أكثر من خمس سنوات، لكن الطرفين لا يجدان سبيلاً لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
أين المشكلة إذاً، هل هي في الاتفاق ذاته بكونه لا يقدم حلولاً ومساومات مرضية للطرفين، أم لأن الاتفاق تجاوز عن الأسئلة الصعبة التي يتطلبها الحل، أم بسبب غياب الإرادة الكافية، والتزام وتمسك كل طرف بحساباته الفصائلية الخاصة؟.
بصرف النظر عن السبب فإن النتيجة واحدة، وهي أن المصالحة متعطلة في انتظار أن يسلم طرف للطرف الآخر، وهو ما لم يقع ومن غير المتوقع أن يحصل ذلك ما يعني أن الأمل بعيد في أن ترى المصالحة النور.
ونزيد الشعر بيتاً، في أن المصالحة لو تحققت فعلاً فإن استعادة الوحدة للمؤسسة الوطنية والقرار ستستغرق سنوات أخرى، لا تخلو من صراعات صعبة، طالما أن كل طرف يتمسك برؤيته للمستقبل.
في الحقيقة فإن حركة حماس لا تجد لنفسها مسوغاً لوضع قدراتها، وتجاهل برنامجها ورؤيتها لصالح مشروع سياسي وبرنامج أثبتت تجربة السنوات الماضية فشله.
ثمة نضال سياسي ودبلوماسي ونضال سلمي على مختلف الجبهات، ولكن لم تعد ثمة مراهنة على إمكانية إعادة الحيوية والحياة للمفاوضات السياسية، والتسويات السلمية لتحقيق الحدّ الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني كما ارتضاها الفلسطينيون وكما أقرتها الأمم المتحدة.
وحتى لو أن القيادة السياسية لحركة حماس أرادت التساهل مع الموضوع والمشروع السياسي بالقدر الكافي لتحقيق المصالحة، كتكتيك اضطراري فإنها لا تستطيع ذلك، في ضوء قوة المقاومة وكتائب عز الدين القسام وترسانة الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تمتلكها، وبعد كل التضحيات التي دفعتها حماس والمقاومة دفاعاً عن مشروعها.
وفي المقابل لا تستطيع حركة فتح بعد كل التجربة التي مرت، التخلي عن رؤتيها وبرنامجها ومشروعها السياسي والسلطوي لصالح حركة حماس وبرنامجها، الذي لا يلقى قبولاً من طرف المجتمع الدولي والإقليمي والعربي.
إن قبول فتح ببرنامج حركة حماس من شأنه أن يعطل قدرتها على الحركة السياسية، والدبلوماسية، ويضع كل الواقع الفلسطيني ومؤسساته في مهبّ الريح.
فتح التي تقود منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة، لا تستطيع أن تحكم في قطاع غزة، ولا تستطيع أي حكومة أن تعمل بكامل صلاحياتها في ظل قوة المقاومة، وهي، أيضاً، لا تستطيع تحمل تبعات ذلك أمام كل الأطراف الخارجية الأخرى، خاصة وأن المنظمة لم تعلن تنصلها من اتفاقية أوسلو.
المسألة هنا لا علاقة لها بنوع الوساطة بين الطرفين إن كانت قطر، أو تركيا أو مصر، فبالرغم من الفوارق، التي ترجح كل الوقت أولوية الدور المصري، إلاّ أن مسألة المصالحة من عدمها تتوقف على الطرفين فتح وحماس.
بعض الناس استبشروا خيراً بتزامن اللقاء الأخير، الذي جرى الأسبوع الماضي في الدوحة، بالذكرى التاسعة لوقوع الانقسام.
لكن الأمر لم يتجاوز ما عبّر عنه أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح الأخ أمين مقبول الذي قال قبل وقوع اللقاء إن لا جديد يدعو للتفاؤل سوى أن اللقاء ينعقد في شهر رمضان.
ومع إعلان فشل لقاء الدوحة، ظهرت من جديد أخبار تفيد بأن ثمة مراسلات بين إسرائيل وحركة حماس، تتحدث عن عرض إسرائيلي لإحياء صفقة هدنة لعشر سنوات مقابل تسهيلات اقتصادية ولوجستية مغرية تقدمها إسرائيل.
نصدق أو لا نصدق النفي الضعيف الذي صدر عن حماس، فإنه لا دخان بلا نار؟ فالحل المطروح يقدم فعليا بديلاً لحماس ومخرجاً لمسلسل الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها الناس، وتعاني منها الحركة الوطنية والإسلامية بما في ذلك حركة حماس.
المسؤولية الوطنية تقتضي في مثل هذه الحالة تقديم البدائل، حتى لا تكون الحلول الفردية هي المخرج الوحيد أو أن يتم البحث عن حلول أخرى لإدارة الوضع في القطاع في ظل عجز حكومة الوفاق عن القيام بدورها.
مرة واحدة نتمنى على الطرفين أن يستمعا إلى صوت الشعب ورؤيته إزاء الخيار الأفضل، خاصة وأن الشعب الفلسطيني لم يخذل يوماً قضيته أو قيادته الوطنية.