أقرّ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم الذي عقد أمس في بروكسل، مبادرة السلام الفرنسية، ودعوا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط قبيل نهاية العام الحالي.
ويشكل هذا القرار أحد أهم إنجازات الديبلوماسية الفرنسية، الذي سوف يكون له أثرٌ بالغ على الموقف في هذا الشأن الذي سوف تتخذه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قبيل انتهاء ولايته الثانية في كانون الأول المقبل. ومن المؤكد أن هذا القرار سيشكل موضوع نقاش جوهري في اللقاء المقرر عقده الأسبوع المقبل بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي جون كيري.
وكما كان متوقعاً، قرر وزراء خارجية 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تأييد مبادرة السلام الفرنسية والدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في باريس بحضور الإسرائيليين والفلسطينيين. ويمثل هذا القرار ضربة قوية لمساعي إسرائيل التي حاولت منع اتخاذ هكذا قرار، وورقة ضغط قوية بأيدي الأسرة الدولية ضد استمرار تجميد الإسرائيليين للعملية السلمية. وقرر وزراء الخارجية كذلك أن يبلوروا في الشهور القريبة المقبلة رزمة الحوافز الاقتصادية والأمنية والسياسية التي سيقدمها الاتحاد للطرفين لتشجيعهما على التوصل لاتفاق.
وجاء في القرار الأوروبي أن «مجلس وزراء الخارجية يرحب بالبلاغ المشترك عن مبادرة السلام في الشرق الأوسط التي تبناها لقاء وزراء الخارجية في الثالث من حزيران». وأضاف البلاغ أن «مجلس وزراء الخارجية يشدد على أنه يدعم التوصل إلى حل شامل، عادل ودائم للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي والسلام والاستقرار في المنطقة».
ويشير القرار إلى بلورة رزمة حوافز للإسرائيليين والفلسطينيين تمهيداً لعقد مؤتمر سلام دولي قبل نهاية العام الحالي. وفي هذا السياق، ذكر وزراء الخارجية الاقتراح الذي سبق وعرضوه على إسرائيل في كانون الأول 2013، والقاضي بتطوير الاتحاد الأوروبي لمكانة إسرائيل لتغدو «شريكاً خاصاً ومفضلاً». وكانت إسرائيل قد حاولت منع ذكر هذه النقطة في البلاغ الأوروبي، رافضةً كل ربط بين اقتراح 2013 وبين مبادرة السلام الفرنسية. وكما هو واضح، أقر الأوروبيون النقطتين من دون الالتفات للموقف الإسرائيلي.
وطالب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في قرارهم المفوضية الأوروبية وخارجيتها بالعمل فوراً على بلورة مقترحات حوافز مختلفة، خصوصاً في المجال الاقتصادي، تمنح لإسرائيل والفلسطينيين لإقناعهم بالتقدم في العملية السلمية. وقال البلاغ إن «الاتحاد الأوروبي مصمم، سوياً مع جهات أخرى في الأسرة الدولية، على الإسهام بشكل عملي وجوهري في قائمة عالمية للحوافز للطرفين لحث عملية السلام». وأضاف البلاغ أن «مجلس وزراء الخارجية يشدد مرة أخرى على الاقتراح الأوروبي من كانون الأول 2013 بتقديم رزمة سياسية، اقتصادية وأمنية لم يسبق لها مثيل تتبلور هناك مع الطرفين في سياق الحل النهائي».
ودعا البلاغ الأوروبي إسرائيل والفلسطينيين «لتجسيد التزامهم بشكل فعلي بالحل السلمي عبر أفعال وسياسات، وذلك من أجل إعادة بناء الثقة وخلق الشروط التي تسمح باستئناف المفاوضات المباشرة والجوهرية الهادفة لإنهاء الاحتلال الذي بدأ العام 1967 وحل كل القضايا الجوهرية في التسوية النهائية».
وكان مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قد أعلن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، وعلى خلفية مبادرة السلام الفرنسية، سوف يلتقي في إحدى العواصم الأوروبية وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن نتنياهو تحادث هاتفياً مع كيري يوم الجمعة الماضي، وأنهما قررا اللقاء قريباً للتباحث وجهاً لوجه. ولكن مسؤولاً أميركياً قال إنه لم يتحدد بعد موعد للقاء، وأن التنسيق جارٍ، وليس واضحاً بعد أن الجداول الزمنية لنتنياهو وكيري ستسمح باللقاء في الأسبوع المقبل.
وكان آخر لقاء بين نتنياهو وكيري قد عقد قبل نحو نصف سنة، في كانون الثاني الماضي، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وتجري محاولات تنسيق اللقاء فيما تتواصل في الخلفية ضغوط الاسرة الدولية على نتنياهو لقبول مؤتمر دولي لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
واعترفت صحيفة «إسرائيل اليوم» الموالية لنتنياهو بأن اللقاء مع كيري يأتي بعد فشل المساعي الإسرائيلية لمنع المؤتمر الدولي الذي تبادر اليه فرنسا في الصيف. وقالت الصحيفة إن الخط الرسمي لنتنياهو هو معارضة المبادرات الدولية، وبالتوازي فإنه يدعو الى عقد مبادرة إقليمية تشارك فيها دول عربية معتدلة، على أن تكون المقصودة هي أغلب الظن الأردن، مصر والسعودية. ودعا نتنياهو الى تغيير المبادرة العربية التي عرضت في العام 2002 والمتعلقة بتطبيع علاقات الدول العربية مع اسرائيل، الى جانب اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ومشروطة في أن توافق اسرائيل على الانسحاب الى حدود 67، تقسيم القدس، اعادة هضبة الجولان الى سوريا والموافقة على حق العودة.
ودعا نتنياهو الدول العربية الى تعديل المبادرة العربية مع الوضع الحالي في ضوء التغييرات في الشرق الاوسط. وهو يقترح ان تطبع العلاقات مع اسرائيل وأن يتضمن الاتفاق مع الفلسطينيين اقامة دولة فلسطينية مجردة، من دون تقسيم القدس، من دون دخول لاجئين ومن دون ذكر هضبة الجولان.