تقرير «الرباعية» يرعب إسرائيل: لعبة أميركية لتوريطنا!

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

عمدت إسرائيل في الأيام الماضية، وبعد فشل مساعيها لتلطيف قرار لقاء وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بشأن المؤتمر الدولي والمبادرة الفرنسية، إلى تركيز الجهود لتأجيل إصدار التقرير نصف السنوي للرباعية الدولية ومنع إدراج المبادرة الفرنسية فيه. ويشارك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو شخصياً في الجهود التي تبذلها ديبلوماسية خارجيته وكل وسائل تواصلها مع الأسرة الدولية، وخصوصاً مع الأميركيين. وكانت التقارير السابقة أشارت إلى أن تقرير الرباعية سيتضمن هذه المرة انتقادات حادة للسياسة الاستيطانية الإسرائيلية، لكن يبدو أن المخاوف في تل أبيب تتجاوز مسألة المستوطنات.
ويبذل نتنياهو ما بات يُعرف بـ «جهود اللحظة الأخيرة» عبر اتصالات مع عواصم دولية من أجل تأجيل إصدار تقرير الرباعية الدولية، والأهم تجنب تطرقه للجمود في العملية السلمية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين وديبلوماسيين غربيين قولهم إن مسودة التقرير سُلّمت لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الرباعية الدولية للاطلاع عليها قبل نشرها رسمياً في الأيام القريبة المقبلة. ومعروف أن الرباعية الدولية هذه تضم إلى جانب روسيا والولايات المتحدة، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتسعى إسرائيل لمنع نشر التقرير لاعتقادها أنه سوف يلقي عليها بذنب الجمود السياسي ومنع تجسيد حل الدولتين. ورغم الاعتقاد بأن التقرير سينشر خلال يومين، فإن هناك قناعة في إسرائيل أنه لن ينشر إلا بعد لقاء نتنياهو المتوقع مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في روما مطلع الأسبوع المقبل. ويقوم اعتقاد إسرائيل على فكرة أن كيري سيحاول تجنب عقد اللقاء في أجواء متعكرة، خصوصاً أنه يطمح لتحريك العملية السلمية كما أنه سبق وتأجل موعد نشر التقرير مرات عدة في الأسابيع الماضية. ومع ذلك، لن يحتوي التقرير على مفاجآت بالنسبة لإسرائيل، وهو سيكون في كل الأحوال ضد سياستها.
وقد وصلت إلى إسرائيل تقارير تفيد بأنه من خلف الكواليس تُبذل محاولاتٌ لعرض التقرير على مداولات عاجلة في مجلس الأمن، ما قاد إلى تعاظم مخاوفها من أن التقرير يمهد الأرضية لتبني المبادرة الفرنسية. وأشد ما تخشاه إسرائيل هو أن الأميركيين يلعبون لعبة مزدوجة، وأنهم من خلف الكواليس يرغبون في رؤية إسرائيل تتورط بالمبادرة الفرنسية وتقرير الرباعية قبيل الانتخابات الرئاسية وحيث يكونون متحررين من الضغوط.
وكان القرار بصياغة ونشر التقرير قد اتخذ في لقاء وزراء خارجية الرباعية الدولية الذي عقد في ميونيخ في شباط الماضي على خلفية الجمود السياسي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتدهور الأمني في الأراضي المحتلة ومبادرة السلام الفرنسية. وللمرة الأولى، أشار بلاغ الرباعية الدولية إلى إمكانية التعاون مستقبلاً بين الرباعية ومجلس الأمن الدولي. وهذا ما أثار مخاوف في إسرائيل بأن تقرير الرباعية سيكون مقدمة لخطوة أوسع في مجلس الأمن في الشأن الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
وبحسب «هآرتس»، فإنه طوال الشهور الثلاثة الماضية، عمل ديبلوماسيون كبار من أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على صياغة مسودة التقرير. ويلعب المبعوث الأميركي لشؤون العملية السلمية فرانك ليفنشتاين دوراً مركزياً في صياغة التقرير بمشاركة مبعوث الاتحاد الأوروبي فرنندو جنتليني والمبعوث الدولي نيقولاي ملدنوف والمبعوث الروسي إيغور فرشينين. وقد التقى هؤلاء المبعوثون الأربعة في نهاية الأسبوع الماضي في جنيف، وأكملوا صياغة المسودة وسلموها لوزراء خارجيتهم للإطلاع والمصادقة.
وبحسب ديبلوماسي غربي، فإن تقرير الرباعية يتكون من قسمين: الأول يحوي وصفاً وتحليلاً للوضع القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحالة الجمود السياسي والتصعيد الميداني. ويتوقع أن يوجه التقرير انتقادات للفلسطينيين في مجالات التحريض والعنف، وكذلك في مسألة الانقسام الداخلي بين «فتح» و «حماس» وعجز السلطة الفلسطينية في كل ما يتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة. ولكن أساس الانتقادات سيوجه لإسرائيل، وسيركز على البناء الاستيطاني والسياسة الإسرائيلية في المنطقة «ج» في الضفة الغربية. ويتوقع أن توجه انتقادات لإسرائيل لهدمها بيوت الفلسطينيين ومحاولات التضييق عليهم في المنطقة «ج». ويتوقع أن يخلص التقرير إلى أن سياسة إسرائيل تعرض للخطر القدرة المستقبلية على تجسيد حل الدولتين.
أما القسم الثاني فسوف يتضمن توصيات لخطوات بناء ثقة بين الطرفين ينبغي اتخاذها لتحسين الأجواء، وللحفاظ على إمكانية تجسيد حل الدولتين مستقبلاً والعودة لاحقاً إلى المفاوضات المباشرة. وعلى الأغلب، ستركز التوصيات على مواضيع الاستيطان والتعامل الإسرائيلي في المنطقة «ج» والتحريض الفلسطيني.
في كل حال، رغم توزيع مسودة التقرير على وزراء خارجية الجهات المشاركة في الرباعية الدولية، فإنها لم تصل لا للإسرائيليين ولا للفلسطينيين الذين تم إبلاغهم شفوياً بمحتوياتها. وقد أرسلت إسرائيل للرباعية الدولية مسؤولين ووثائق لشرح مواقفها في محاولة للتأثير على التقرير، ولكن لا يبدو أن هذا غيّر كثيراً في مواقف أطراف الرباعية.
ولذلك شن نتنياهو مؤخراً حملة اتصالات هاتفية وترتيب للقاءات شخصية مع زعماء دول الرباعية في محاولة أخيرة للتأثير. وأمس تحادث نتنياهو هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتداول معه الموضوع. ومعروف أن نتنياهو سيلتقي يوم الأحد في روما بكيري أيضاً في هذا الإطار، وسيجتمع مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني. ويوم الثلاثاء المقبل، سيلتقي نتنياهو بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وسيبحث أيضا معه نقاط التقرير.