وقف الجنود على الجسر، وبالخطأ قاموا بإطلاق النار الكثيفة على السيارة التي سافرت على الشارع الذي تحتهم دون معرفتهم من كان فيها، بالخطأ قتلوا الفتى وبالخطأ أصابوا أربعة من أصدقائه بإصابات بليغة، بالخطأ اعتقد الجنود أن المسافرين في السيارة رشقوا الحجارة وصبوا الزيت على الشارع، وبالخطأ اعتقدوا أن من حقهم إطلاق النار كما يريدون!
بالخطأ. من الواضح أنه لو كان الفتى يرشق الحجارة لكان من المسموح قتله. بالخطأ نشر الجيش الإسرائيلي في البدء أن جنوده قتلوا «المخرب» وأصابوا شركاءه.
وبعد بضع ساعات تم إصلاح الخطأ والاعتراف بأن الفتى قتل بـ «الخطأ».
بالخطأ، نسي الاسرائيليون أن شارع 443 الذي يؤدي إلى العاصمة يمر في عمق مناطق الاحتلال وفي أراضي القرى المحيطة، حيث لا يستطيع سكانها السفر عليه إلى أي مكان.
بالخطأ يعتقد الإسرائيليون أن هذا سيستمر إلى الأبد: يسافرون إلى القدس في الشارع الرئيس، والأولاد ينظرون إليهم من الأسفل بعيون خانعة.
من الشوارع السفلية التي أقيمت لهم والقرى التي حبسوا فيها والتي لم يسمع عنها إلا القليل من المسافرين في شارع 443، وأقل منهم ممن يهتمون بالأمر.
بالخطأ يعتقد الإسرائيليون أن سكان الأراضي المصادرة سينزلون رؤوسهم دائما أمام المسافرين في الشارع الذي مزق حياتهم.
بالخطأ يعتبر السلوك العنيف «إرهابا»، واقتلاع السكان يعتبر حفاظا على القانون وقتل الشاب هو دفاع عن النفس.
بالخطأ تقول إسرائيل مرة أخرى إنها الضحية، والمتحدث بلسان وزارة الخارجية وقح بما يكفي من اجل اتهام الفلسطينيين بقتل الشاب.
بالخطأ تم التحقيق الأولي في حادثة قائد كتيبة بنيامين، العقيد اسرائيل شومر، الذي قتل شابا رشق الحجارة، ولم تتم محاكمته على ذلك ولم تتم إقالته من منصبه.
على شومر أن يعرف ما الذي يجب عليه أن يحقق فيه وما الذي يجب ألا يحقق فيه. قبل إعطاء الملف للشرطة العسكرية أكيد أن جنوده قالوا له: تصرفنا مثلك بالضبط أيها القائد.
أعدم شومر الفتى. لذلك لم يعتبروا الأمر خطأ. الجنود من شارع 443 كان لديهم خطأ تنفيذي، لذلك اعتقدوا بالخطأ. بالخطأ اعتقد الاسرائيليون أن حياتهم في الشارع في خطر: حياة الفلسطينيين أكثر خطورة. بالخطأ أيضا كتب الصحافيون: «كمين في الشوارع» («يديعوت أحرونوت»)، «خلل في التنفيذ» («إسرائيل اليوم»)، «قتل بالخطأ» («معاريف»)، حيث إن أفضل الكلمات الصحافية شاركت في هذا الوصف.
لكن أي شيء من ذلك لم يكن بالخطأ.
محمود رأفت بدران (15 سنة) الذي عاد مع ستة من أصدقائه من السباحة الليلية في متنزه المياه «لين لاند» بعد وجبة السحور في رمضان، لم يقتل خطأ.
فالجنود الذين أطلقوا النار عليه لم يفعلوا ذلك بالخطأ. هادي بدران، أحد المسافرين في السيارة الذي أصيب بالرصاص قال، أول من أمس، لمحقق «بتسيلم»، إياد حداد، إنه قد سمع 15 طلقة، وأن إطلاق النار نحو السيارة من مسافة 40 – 50 مترا، ما ينفي ادعاء الخطر على حياة الجنود.
الجنود قاموا بإطلاق النار بهستيريا وبنية مسبقة على سيارة مسافرة، ولم يعرفوا من كان فيها باستثناء حقيقة أن من فيها هم فلسطينيون.
لذلك لم يكن إطلاق النار خطأ بل كان قتلا متعمدا، إن أحداً ما قد دربهم على السلوك بهذا الشكل وقال لهم ليس مسموحا فقط، بل من المفروض فعل ذلك.
لو كانوا قتلوا فتى آخر رشق الحجارة، لكانوا حظوا بالمديح بسبب بطولتهم، فقط لو كانوا قتلوا الفتى الصحيح.
لكن الخطأ الحقيقي يكمن في التفكير أنه من المسموح لهم إطلاق النار على راشقي الحجارة وهم هاربون.
وهذا الخطأ هو خطأ خبيث، والشارع الذي أطلقوا النار فيه لم يتم تعبيده خطأ، بل بنية سيئة مبيتة، وهذا هو السبب في كل ما حدث هنا منذ تلك الفترة.
عن «هآرتس»