تحقيق "هآرتس": ملايين "مشبوهة" تتدفق للمستوطنات

20162506003810
حجم الخط
نقطة الانطلاق هي بنما. فقد خرجت منها في السنوات الاخيرة عشرات ملايين الشواكل التي سارت في مسار مشبوه الى أن دخلت الى صندوق «أمانة»، الذراع الاستيطانية لمجلس «يشع» والتي تقوم بالبناء في المستوطنات وفي البؤر غير القانونية. وفي السياق مرت الاموال عن طريق أحد الاثرياء السريين في الارجنتين وايضا عن طريق عنوان وهمي في نيويورك وجمعية يسيطر عليها جيدا زئيف حيفر (زمبيش)، مدير عام «أمانة». كل ذلك حصل في ظل تعرض «أمانة» لضائقة اقتصادية، والاموال من الطرف الثاني في العالم ساعدتها في الاستمرار بدق الاوتاد في الطرف الثاني من الخط الاخضر.
المعلومات حول سلوك الجمعية التي يسيطر عليها حيفر والتي تسمى «صندوق رعاية الفكرة الصهيونية»، تم نقلها الى مسجل الجمعيات في وزارة العدل في تشرين الاول 2014. وبعد الفحص أكد المسجل وجود علامات استفهام حول عمل الصندوق ومصدر امواله. ولكن بعد سنة وثمانية اشهر من عملية الفحص، فان تقرير المسجل الذي وصل الى «هآرتس» يشير الى أنه لا ينوي فرض عقوبات على الجمعية أو نقل المواد للتحقيق بشكل معمق أكثر لدى سلطات اخرى.
تقرير «هآرتس» يتابع حركة الاموال الدائرية من الجمعية الى شركات حيفر، رغم أن القانون يسمح بنقل الاموال فقط الى المؤسسات غير الربحية. ومن المفروض ان تقدم الجمعيات تقارير حول اعمالها، لكن نقل الاموال بين الجمعية وبين «أمانة» لم يتم ذكره في التقرير المالي المقدم لمسجل الجمعيات في 2013.
من مكتبه العالي في شارع 59 في منهاتن، يسيطر ميرنبرغ على شركة استثمارية بملكيته. ويمكننا معرفة كيف جمع رجل الاعمال هذا امواله من خلال اعماله وصفقاته في فنزويلا تحت قيادة الشخص البعيد جدا عن ايديولوجيا المستوطنات – الرئيس السابق هوغو شافيز. فقد قام ميرنبرغ، حسب التقارير، باخفاء ملايين الدولارات من الوساطة في صفقات لبيع الذهب مع فنزويلا. وقد ورد اسم ميرنبرغ في دعاوى تم تقديمها للمحكمة في نيويورك حيث حصل على افضلية في المعاملة بسبب علاقته مع وزير المالية في الارجنتين.

مبالغ خيالية
الطرف الثاني في المعادلة يوجد في اسرائيل. حيفر الذي ينتمي الى الخلايا السرية اليهودية سابقا وهو من نشطاء المستوطنات وراء الخط الاخضر وله علاقات جيدة مع الجهاز السياسي. صندوق رعاية الفكرة الصهيونية هو جزء من شبكة الشركات والاتحادات والجمعيات المرتبطة به والتي هي مسؤولة عن البناء في المستوطنات. ويعمل حيفر كرئيس لحركة «أمانة» التي تجبي الضرائب من سكان المستوطنات.
نشاط هذه الحركة يتم عن طريق الشركة الابنة «مباني دار أمانة محدودة الضمان» التي تبني فعليا المنازل وراء الخط الاخضر. شركة اخرى بملكية أمانة، «الوطن»، مسجلة في المناطق وهي تعمل على شراء الاراضي من الفلسطينيين. تحقيق الشرطة الذي تم في السنوات الاخيرة أظهر أن 14 من أصل 15 صفقة عقارات نفذتها الشركة في البؤر التي يفترض اخلاؤها، قد تم تزويرها. واضافة الى كل ذلك، يقوم حيفر بتشغيل صندوق رعاية الفكرة الصهيونية. وفي 2014 قبل بدء الفحص من قبل مسجل الجمعيات كان حيفر ومسؤول المالية موشيه يوغاف وشخص آخر هو حاييم فوغل، كانوا هم اللجنة الادارية للجمعية. وعلى رأس لجنة الرقابة للجمعية كانت ليئا شرعابي، وهي مديرة الحسابات في أمانة.
عملت هذه الجمعيات والشركات من نفس العنوان وهو شارع فارن 5 في القدس في المركز التجاري في منطقة رمات اشكول قرب البنوك وحانوت لبيع اللحوم، ويعمل في المكان اشخاص متدينون فقط: النساء يضعن الغطاء على رؤوسهن والرجال يضعون القبعات ويلبسون الصنادل. وعلى الحائط توجد صور جوية للمستوطنات وفي الغرف توجد ملفات كبيرة عليها اسماء مناطق في الضفة.
يرتبط حيفر ويوغاف بجميع الجهات وهما الرأس المدبرة لتجنيد الاموال للمستوطنات، وهما فقط اللذان يعرفان تفاصيل الوضع المالي لـ»امانة». ليس فقط الحسابات البنكية بل ايضا غرف التحقيق ليست غريبة عليهما. وفي هذه الاثناء يتم التحقيق معهما بتهمة الحصول على عمولة من «محو دين» لشركة تطوير السامرة من قبل وزارة المالية.
تأسس صندوق رعاية الفكرة الصهيونية في 1978، وكان منذ البداية جمعية تابعة لمجلس «يشع»، وكان فيه في السابق وزير الزراعة اوري اريئيل ورؤساء مجلس «يشع» سابقا. ومع السنين استقال معظم الاعضاء وبقي حيفر وحده.
تثير الميزانيات الضخمة لصندوق رعاية الفكرة الصهيونية الانطباع المضلل بأن الحديث يدور عن جهة فاعلة. فعليا هي جمعية بدون موظفين، وهي وسيطة بين المتبرعين والمتبرع لهم. من بين الجهات التي تحظى بثمار الجمعية يمكن ذكر معهد هار هامور في القدس الذي حصل على مبلغ 5.5 مليون شيكل لبناء المعهد الجديد. تبرعات اخرى بمبالغ أقل تم اعطاؤها للمعاهد العسكرية التحضيرية وعطيرت القدس في البلدة القديمة وجمعية تطوير ايتمار وجمعيات اخرى، حيث أن زوجة حيفر، رفقة، هي مديرة لاحدى الجمعيات وتقوم باجراء جولات في المعاهد العسكرية التحضيرية في المناطق.

هدايا صغيرة
رغم ازدياد الدعم لصندوق رعاية الفكرة الصهيونية منذ بداية العقد الحالي، إلا أن نشاط الجمعية لم يتسع. ففي 2013 خرج من حسابها مبلغ 20.4 مليون شيكل وأنهت الجمعية عامها بفائض بلغ 17 مليون شيكل. وفي 2014 خرج مبلغ أكبر هو 32 مليون شيكل، وفي نهاية تلك السنة بقي في حساب الجمعية مبلغ كبير هو 14.7 مليون شيكل.
في السنوات الاخيرة، في اعقاب قائمة من التوجيهات القضائية الجديدة للدولة، حول تمويل البناء في البؤر الاستيطانية، دخلت «أمانة» في ضائقة مالية. مشاريع كثيرة علقت بسبب الدعاوى المقدمة في المحكمة وأبقت أمانة مع نفقات بناء بدون مداخيل من البيع والنتيجة: عدم وجود الاموال، حيث وجدت صعوبة في تجنيده من اجل الاستمرار في الحصول على التمويل البنكي لاعمالها.
في هذه المرحلة هب لمساعدتها صندوق أدار وصندوق رعاية الفكرة الصهيونية. ويظهر تحقيق «هآرتس» أنه على الرغم من أن مبادئ وزارة العدل التي تستند الى قانون الجمعيات، تمنع نقل الاموال الى الجهات التي ليست مؤسسات ربحية، فان الاموال نقلت من الجمعية الى شركة مباني بار أمانة وحركة أمانة في حركة دائرية.
في 2013 و2014 بعد أن نقل صندوق أدار ملايين الشواكل الى صندوق رعاية الفكرة الصهيونية، قام الاخير بدوره في نقل 40 مليون شيكل لـ»امانة». وبعد ذلك تمت اعادة 14 مليون شيكل الى صندوق رعاية الفكرة الصهيونية من قبل أمانة. فأين اختفى مبلغ 26 مليون شيكل؟ هذا ما يفحصه مسجل الجمعيات.