إسرائيل وتركيا توقعان غداً اتفاق المصالحة

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

تجري إسرائيل آخر استعداداتها تمهيداً لإقرار وتنفيذ اتفاق المصالحة مع تركيا، المتوقع إعلانه والتوقيع عليه بشكل أولي غداً الأحد في العاصمة الإيطالية روما.
وفي هذا الإطار من المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر الأربعاء المقبل للمصادقة على الاتفاق، تمهيداً للتوقيع عليه بشكل رسمي في تموز المقبل.
وأكد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن طاقمي المفاوضات الإسرائيلي والتركي سيبرمان يوم غد الاتفاق النهائي بشأن المصالحة، بعد التغلب على كل العقبات التي حالت دون ذلك حتى الآن. ويشارك في اللقاء الذي سيعقد غداً في روما نائب وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي اوغلو ومبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لشؤون المفاوضات مع تركيا يوسي تشخنوفر. وأشار إلى أن المجلس الوزاري المصغّر سيجتمع الأربعاء لمناقشة الاتفاق والتصويت على إقراره. ويبدو أن إقرار الاتفاق إسرائيلياً لن يواجه أي مشكلة جدية ـ خصوصاً أن هذه كانت نقطة وافق عيها أفيغدور ليبرمان قبيل انضمامه للحكومة.
ومعروف أن هذه المفاوضات استمرت لأعوام، وتدخلت فيها قوى عظمى وإقليمية لتسريعها أو لإحباطها، إلى أن وصلت الأمور إلى هذه النقطة. ومعروف أن مصالح أمنية وعسكرية واقتصادية كانت تجمع تركيا وإسرائيل تضررت إثر اقتحام القوات الإسرائيلية لسفينة «مرمرة» التركية التي شاركت في مساعي كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل تسعة من النشطاء الأتراك. ولعبت أميركا، على أعلى المستويات، دوراً بارزاً في التقريب بين الطرفين، كما أن روسيا، التي اصطدمت مع تركيا بشأن سوريا، لعبت دورا في تثبيط التقارب.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تلقى الأسبوع الماضي من نظيره التركي بن علي يلدريم رسالة جاء فيها «أننا نصل إلى النقطة التي يعبّر فيها الطرفان عن إرادة مصممة على التصالح». لكنه أضاف بأن «الاتصالات تجري في هذه اللحظات تماماً، ولم ينهِ الطرفان العمل بعد. ولكن هذا لن يستغرق زمناً طويلاً. الأهم هو رفع الحصار عن غزة، لأسباب إنسانية».
وكانت غزة، وربما لا تزال، آخر نقاط الخلاف بين الطرفين في مفاوضاتهما المستمرة منذ خمسة أعوام. فقد أعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية قبل أكثر من عامين عن أسفه على مقتل النشطاء الأتراك، وكان هذا أحد شروط المصالحة التركية. كما وافقت إسرائيل على دفع تعويضات لصالح الضحايا الأتراك بقيمة 21 مليون دولار توضع في صندوق خيري خاص. وكان هذا هو الشرط التركي الثاني الذي لبّته إسرائيل. ومقابل ذلك وافق الأتراك على إسقاط كل الدعاوى المرفوعة ضد ضباط إسرائيليين شاركوا في عملية اقتحام السفينة، وإقرار ذلك بتشريع في البرلمان التركي. وبقي شرط رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة عقبة كأداء يصعب تخطّيها.
ويبدو أن الطرفين، لاعتبارات إقليمية ودولية، وافقا على التوصل إلى نوع من الحل الوسط حول المطلب التركي بشأن الحصار. وبعد أن حاولت إسرائيل المساومة بعرض العلاقة بين الأتراك و «حماس» وكأنها المطلب المقابل لمطلب رفع الحصار وصلت الأمور إلى ما تم الإعلان عنه. وهذا الإعلان يتضمن عدم سماح تركيا لقيادات أمنية وعسكرية من «حماس» باتخاذ أراضيها مقراً لها. ورغم تأكيدات تركيا بأنها باقية على علاقاتها مع حركة «حماس» يبدو أن المبرر صار هو أنها ستلعب دوراً في منع تدهور الوضع بين إسرائيل و «حماس» في غزة. وإلى جانب ذلك تتعهد إسرائيل بمنح أنقرة كل التسهيلات الممكنة لإقامة مشاريع بنى تحتية، مثل محطة طاقة بالاشتراك مع ألمانيا ومحطات تحلية مياه ومستشفى تركي مركزي فضلاً عن السماح بوصول كل المساعدات التركية ولكن عبر ميناء أسدود. وليس مستبعداً أن إسرائيل وتركيا تركا أمر الممر البحري الآمن ومسألة الميناء لمفاوضات لاحقة بعد تهيئة الظروف وتحقيق استقرار أكبر.
وبعد إبرام الاتفاق وتنفيذ الخطوات القانونية والإجرائية المناسبة في الدولتين، سيتم الإعلان عن إعادة السفيرين والبدء بتطبيع العلاقات، خصوصاً بين المؤسستين الأمنية والعسكرية فيهما. وقد سبق للكثير من المعلقين أن أشاروا إلى أن أبرز دوافع الاتفاق بين الدولتين الرغبة في تحقيق مصالحهما الإستراتيجية. وكان للوضع داخل سوريا أثر كبير في اتفاق المصالحة الذي سيعلن لكن هناك مصالح أمنية وعسكرية واقتصادية أخرى. فقد خسرت إسرائيل بتوتر علاقاتها مع تركيا حليفاً إستراتيجياً وسوقاً لأسلحتها، وأيضاً ميداناً لتدريباتها. ورغم محاولات إظهار أن تطوير العلاقة مع اليونان وقبرص تشكل بديلاً، إلا أن هذه المحاولات لم تكن مقنعة، فلا جيش ولا اقتصاد البلدين لهما القدرة على تشكيل بديلاً لتركيا.
ولكن البعد الاقتصادي بالغ الأهمية في الاتفاق. فتركيا تتطلع إلى حقول الغاز البحرية التي تسيطر عليها إسرائيل، وهي تطمح لأن تنال حصتها، منها سواء من عائدات مرور الغاز عبر أنبوب إلى أوروبا أو من وفرة الغاز. وهناك اعتقاد في إسرائيل أنه من دون تركيا لا معنى للحديث عن صادرات غاز إسرائيلية. كما أن تركيا هي البرّ الأقرب للسياحة الإسرائيلية، وهي مورد للعمالة والبضائع الرخيصة، وهي تملك شركات مقاولات كبرى معنية بالاستثمار في إسرائيل         عن السفير اللبنانية