هل تملك الشرطة الإسرائيلية في دُرجها معلومات مهمة «نائمة» عن وزراء ونواب في الكنيست تدينهم بارتكاب مخالفات جنائية تستلّها «سلاحاً في يوم الدين» ضد من لا ترغب في تقدمه أو من لا يروق لها نشاطه؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه علناً نواب في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بعد الكشف عن أن لدى قائد وحدة التحقيقات والتحريات في الشرطة ميني يتسحاقي «وثيقة سرية» (باتت تعرف بـ «وثيقة يتسحاقي») أعدتها الوحدة قبل عامين عن جميع الوزراء والنواب وتشتبه بارتكاب نحو 40 منهم مخالفات جنائية، بينهم وزير الأمن الداخلي (المسؤول عن الشرطة) غلعاد أردان الذي عقب لاحقاً بالقول إنه لا علم له بوجود «الوثيقة» ولا بمضمونها.
ولم تهدأ الساحة الحزبية غداة اللقاء العاجل الذي عقده رئيس الكنيست يولي إدلشتاين مع قائد الشرطة روني ألْشيخ مساء أول من أمس ليطالبه بتوضيح حقيقة هذه الوثيقة، و "من أجل إزالة الغمامة من فوق جميع أعضاء الكنيست، والتي تخلق الانطباع لدى الجمهور بأن العشرات من منتَخبيه مشبوهون بارتكاب جنايات".
ولم يقتنع كثيرون من النواب بحديث ألشيخ، ثم المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليط، بأن «الوثيقة السرية» التي أقرا بوجودها هي لغرض «الرقابة الذاتية»، واستذكروا كيف استلّت الشرطة «فجأة» معلومات «نائمة» لديها منذ سنوات لتوجِه قبل عامين فقط لائحة اتهام ضد وزير الدفاع السابق بنيامين بن أليعيزر بتلقي الرشاوى، وتوصي قبل عام بمحاكمة وزير الداخلية السابق سيلفان شالوم، القطب في «ليكود»، على خلفية شكاوى من نساء بأنه تحرش بهن جنسياً (لاحقاً أُغلق الملف)، ما دفع شالوم إلى اعتزال الحياة السياسية، ليتبين لاحقاً أن لا أدلة كافية تثبت صحة الشكاوى، وتم إغلاق الملف.
والأمر ذاته حصل مع العميد المتقاعد غال هيرش الذي عينه وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان قبل عام قائداً جديداً للشرطة، لكن بعد أقل من يوم على قراره، تم «استخراج» المعلومات لدى قسم التحقيقات في الشرطة عن هيرش، ما أدى إلى إحباط تعيينه، فتم تعيين ألْشِيخ.
ووفق آخر التسريبات، فإن الوثيقة تتطرق إلى مخالفات ارتكبها 40 نائباً في الكنيست الحالي، معظمها مخالفات خفيفة، مثل الإخلال بالنظام العام، لكن هناك شبهات فساد تُنسب لـ21 منهم وعدد من الوزراء الكبار. وأفادت وسائل الإعلام أن وحدة التحقيقات في الشرطة أعدت ملفاً مماثلاً عن رؤساء السلطات المحلية.
من جهتها، تنفي الشرطة أن تكون «الوثيقة السرية» بمثابة «سلاح يوم الدين». ووفق قائدها، فإن القانون يمنع الشرطة من المبادرة لجمع معلومات عن وزراء أو نواب، وأن المعلومات المتوافرة تأتيها من مصادر مختلفة تقوم الشرطة بفحص صحتها، وفي حال رأت أن ثمة ما يدعو الى فحص معمق، لأنها تنطوي على شبهات جنائية، فإنها تبلغ أولاً المستشار القضائي للحكومة وتنتظر التعليمات منه. وشدد على أن سياسة قائد وحدة التحقيقات تقضي بفحص كل معلومة استخباراتية بأقصى مهنية، و «هذا ما يستوجبه منصبه طبقاً لتعليمات القانون».
في هذه الأثناء، ادعت أوساط قريبة من ألْشيخ أن وراء تسريب خبر عن وجود «الوثيقة السرية» نيةً للمس به من مسؤولين داخل الشرطة ما زالوا غاضبين على عدم تعيين أحدهم قائداً للشرطة وتفضيل أردان استقدام ألْشيخ من جهاز «شاباك» (حيث كان يشغل منصب نائب رئيس الجهاز) ليرأسها.
عن الحياة اللندنية