يمكن القول إن الاتفاق هو إنجاز

576f420ac361886e278b45a5
حجم الخط
الحكومة المسؤولة يجب عليها احيانا اتخاذ قرارات تشرتشلية صعبة تضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات الاخرى – حتى لو كانت على حق من الناحية المبدئية والاخلاقية. هذه الاقوال تنطبق على القرار الحالي لحكومة اسرائيل بتوقيع اتفاق المصالحة مع تركيا.
لا أحد ينكر النواقص في الاتفاق – سواء من ناحية التعويض المالي غير المبرر والذي سيعطى بطريقة غير مباشرة لعائلات نشطاء الارهاب الاتراك الذين قتلوا على متن سفينة "مرمرة"، أو من ناحية التوقعات المبررة للعائلات الاسرائيلية باعادة ابنائها. ولكن للأسف الشديد، النواقص في الاتفاق هي نتيجة للنواقص التي حدثت في حينه في تخطيط وتنفيذ العملية العسكرية ضد السفينة قبل ست سنوات.
يوجد بيننا من يزعم أن اسرائيل ليست بحاجة الى الاتفاق، وأنه بدونه تحسنت العلاقات الاقتصادية وغيرها منذ القطيعة بين القدس وأنقرة، لكن هذا الادعاء لا يأخذ في الحسبان الجوانب الاستراتيجية الاوسع بالنسبة لاسرائيل، بما في ذلك استئناف العلاقات في المواضيع الامنية المختلفة. يمكن أن هناك تفاصيل سرية في الاتفاق، لكن كما هو معروف، ستتم اعادة السفراء للدولتين، وستلغي تركيا الدعاوى القضائية ضد جنود وضباط الجيش الاسرائيلي الذين شاركوا في العملية العسكرية وستساعد من اجل اعادة المفقودين الاسرائيليين. أحد امتحانات الاتفاق بالنسبة لحكومة اسرائيل سيكون تنفيذ هذا البند بشكل فعلي.
من الواضح أن هناك تنازلات من الطرفين. ولكن يجب علينا تذكر المبدأ الكيسنجري للدبلوماسية الصحيحة: محظور أن تكون نتيجة المفاوضات وجود انجازات لطرف واحد فقط، في الوقت الذي يتنازل فيه الطرف الثاني عن اغلبية أهدافه.
بكلمات اخرى، كي لا تنشأ صورة منتصرين ومهزومين. الامتحان الموضوعي سيثبت أن انجازات اسرائيل اكبر من انجازات تركيا التي نزلت عن الحصان العالي الذي ركبت عليه في المراحل الاولى من الصراع والمفاوضات.
الاغلاق على قطاع غزة الذي هو حيوي من الناحية الامنية، لن يتم رفعه، والمساعدات الانسانية ستمر من خلال ميناء أسدود.
الدبلوماسية الاسرائيلية بتوجيه من الحكومة وبقيادة الطاقم الذي يترأسه يوسي شحنوبر، تمت كما تتم الدبلوماسية الحكيمة مع استغلال التطورات السياسية التي لا تتعلق بنا، لكنها تخدم مصالحنا: عزل تركيا المتزايد من قبل جزء من العالم العربي والاسلامي ومن قبل اوروبا ايضا والولايات المتحدة، وروسيا بالطبع.
ورغم أنه لا يوجد يقين، إلا أن الوضع الجديد مع تركيا سيساعد في تحقيق المصالح الاقليمية الاسرائيلية. وتركيا تعرف جيدا حقيقة أن الاتفاق النووي سيخرج ايران من العزلة السياسية والاقتصادية، وأن توجهها للسيطرة على الشرق الاوسط يهدد ليس فقط العالم السني، بل ايضا المصالح المشتركة بين تركيا واسرائيل.
هذه الحقيقة واضحة للدولتين. لقد انتهى الزمن الذي كانت تركيا تتفاخر به قائلة إن لها "صفر أعداء في المنطقة".
لن تكون تركيا الآن حبيبة روح اسرائيل، على الأقل طالما أن الرئيس اردوغان يسيطر عليها. ولكن لا شك أن التوازن الجيوسياسي العام قد تغير في صالح اسرائيل.