العلاقة الاسرائيلية التركية بدأت تفقد بريقها عندما وصل رجب طيب اردوغان الى الحكم في 2003 كرئيس للحكومة. صحيح أن التدهور لم يؤد الى الشرخ، لكن كان واضحا أن اردوغان، الذي هو الرئيس اليوم، يقود بلاده الى مواجهة معنا خصوصا بسبب مواقفه الاسلامية. وعندما بدأ ذلك كانت تركيا بكامل قوتها وكان يبدو له أنه يستطيع الوصول بها الى موقف القيادة في الشرق الاوسط.
حادثة قافلة "مرمرة" قبل ست سنوات كانت محاولة من تركيا لمد أيد طويلة الى داخل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني من اجل تطبيق الموقف المناهض لاسرائيل وللحصول على نقاط في اوساط الدول العربية أو على الاقل الشارع العربي. الاتراك فشلوا ودفعوا الثمن بالدم، تسعة اشخاص قتلوا وأصيب آخرون، بعضهم باصابات بالغة جدا. هذا الاستعراض للقوة كان سيضر بجنودنا الذين عملوا بشكل مناسب أمام من عرضوا حياتهم للخطر.
كان يبدو للحظة أن تركيا ربحت على الاقل في الصراع الدولي ضد اسرائيل. لقد فكرت في تحقيق ذلك عن طريق المعارك الدولية التي فيها تأثير للعرب والمسلمين، إلا أن غير الممكن هو الذي حدث. لجنة فحص تم تعيينها من الامين العام للامم المتحدة وعلى رأسها قاض من نيوزيلندة له مكانته في مجال القانون البحري (جفري بالمر)، قالت بشكل حاسم إن أ- حسب القانون الدولي من حق اسرائيل فرض الحصار على غزة. ب- عمل الجيش الاسرائيلي ضد القافلة لا يناقض القانون الدولي في فرض الحصار في المياه الاقليمية. ج- الجيش الاسرائيلي استخدم في العملية قوة زائدة على متن السفينة.
بالنسبة لاسرائيل كان هذا انجازا كبيرا، أما تركيا التي كان لها ممثلا في اللجنة، حاولت الاستئناف على الاستنتاجات. وفي نهاية المطاف تبين أنه اذا اعتذرت اسرائيل ودفعت التعويضات، فانه يمكن التوصل الى تفاهم مع تركيا، وانها ستسحب الدعوى ضد اسرائيل. أي موافقة الاتراك على استنتاجات اللجنة واعادة العلاقة التي كانت باردة أصلا الى مسارها.
الحاق الضرر بحماس
يبدو أنه كان يمكن انهاء هذه القضية قبل سنوا، لكن الطرفين تمسكا بمواقفهما. اثناء زيارة رئيس الولايات المتحدة اوباما قبل اقل من ثلاث سنوات اعتذر رئيس الحكومة نتنياهو في مكالمة مع اردوغان. مع هذه المكالمة تبين أن نبوءات الغضب حول الحاق الضرر بمكانة اسرائيل وباحترامها وبقدرتها على الردع، كانت اقوال لا اساس لها من الصحة. اسرائيل لم تفقد شيء وتركيا لم تكسب شيء.
في نهاية المطاف نضج الامر في الطرف الاسرائيلي وجاء الوقت للتوقيع على الاتفاق. اسرائيل قدمت تنازلين: اولا اعتذرت، وثانيا وعدت باعطاء 20 مليون دولار لصندوق انساني تركي من اجل الاهتمام بالمصابين الاتراك وعائلاتهم وعائلات القتلى. هذا لا يعني تحمل المسؤولية أو الاعتراف بالذنب. والاتراك في المقابل سيسحبون أي دعوى ضد اسرائيل أو اسرائيليين ولن يتعاونوا مع أي اجراء قضائي كهذا. ايضا سيتم استئناف العلاقة الدبلوماسية بالكامل من الطرفين.
ورغم الاتفاق، فان دولة اسرائيل لم توافق على رفع أو الحد من الحصار على غزة. لكنها ستسمح للاتراك بنقل اشياء مختلفة الى غزة عن طريق أسدود. وهذا أمر لم يكن بحاجة الى اتفاق. وبناء مشاريع مدنية كبيرة هناك. الحديث هو عن مشاريع هامة لسكان غزة الذين يعيشون في ظروف صعبة جدا واسرائيل تريد التسهيل عليهم. وهي لا تخدم ايضا حماس، وليس غريبا ان حماس أبدت عدم الرضى عن الاتفاق بين اسرائيل وتركيا. حماس تهاجم اردوغان بشكل رسمي وتعتبر أنه قد خضع. في اعقاب نفي ارهابيين الى تركيا، اصبحت هناك قيادة متقدمة لعمل ارهابي ضد اسرائيل، وتركيا تعهدت بعدم السماح بأي عمل ارهابي ضد اسرائيل من قبل اعضاء حماس الموجودين على اراضيها.
الاتراك اعلنوا ايضا ان الاجهزة الاستخبارية التركية حصلت على أمر للمساعدة في الوصول الى المفقودين الاسرائيليين في غزة. وليس معروفا من أين جاء الامل بأن الاتفاق سيؤدي الى اعادة الاسرائيليين الذين وصلوا الى غزة وجثث جنودنا الذين قد يكونون في أيدي حماس. لا يوجد للاتراك أي تأثير على حماس في هذا المجال ولا يستطيعون الضغط بشكل فعال على الذراع العسكري الذي يملك الحل، خصوصا اذا تم طرد قيادة الارهاب من تركيا. يبدو أنه في المستقبل عندما تكون حماس متعلقة أكثر بالنظام التركي، فان تأثير اسطنبول سيزداد وتزداد قدرة التأثير في هذا الامر. في جميع الحالات الحديث هو عن أمر سيستمر سنوات وليس اسابيع.
عودة الى المسار الطبيعي
في نهاية المطاف فان اساس الاتفاق مع تركيا هو المصالح وليس الثقة. وبالتأكيد ليس التعاطف. لن يؤدي الى اعادة لمعان العلاقة بين الدولتين كما كانت الحال في السابق قبل صعود اردوغان، ولكن بيقين من المتوقع اعادة العلاقة مع دولة هامة جدا في المنطقة الى المسار الطبيعي حتى لو كان باردا، على الاقل في بداية الطريق الجديدة.
ومع ذلك، محظور أن يضر الاتفاق بعلاقة اسرائيل مع دول البحر المتوسط، اليونان وقبرص، والجارة في الجنوب، مصر. بل العكس، علينا رعاية هذه العلاقات أكثر. والاتفاق سيؤدي الى سحب الدعاوى ضد اسرائيل في ارجاء العالم ويوقف المعارضة التركية لدمج اسرائيل في المنظمات التي يوجد لتركيا تأثير فيها، وسيسمح ذلك بالتعاون بين الدولتين في منطقة مشتعلة.
عندما سيطبق الاتفاق ستكون الخطوات التي ستشدد على التطوير والتجارة مهمة. ولا سيما المشاريع بين الحكومات حيث أن اتفاق الغاز سيكون أهمها. والاهم هو أن الاتفاق بين اسرائيل وتركيا يرسخ حقنا في فرض الحصار واستخدام القوة العسكرية من اجل تطبيقه. لا توجد لاسرائيل امتيازات كهذه في الساحة الدولية والثمن الذي تم دفعه في الاتفاق كان جديرا.
حادثة قافلة "مرمرة" قبل ست سنوات كانت محاولة من تركيا لمد أيد طويلة الى داخل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني من اجل تطبيق الموقف المناهض لاسرائيل وللحصول على نقاط في اوساط الدول العربية أو على الاقل الشارع العربي. الاتراك فشلوا ودفعوا الثمن بالدم، تسعة اشخاص قتلوا وأصيب آخرون، بعضهم باصابات بالغة جدا. هذا الاستعراض للقوة كان سيضر بجنودنا الذين عملوا بشكل مناسب أمام من عرضوا حياتهم للخطر.
كان يبدو للحظة أن تركيا ربحت على الاقل في الصراع الدولي ضد اسرائيل. لقد فكرت في تحقيق ذلك عن طريق المعارك الدولية التي فيها تأثير للعرب والمسلمين، إلا أن غير الممكن هو الذي حدث. لجنة فحص تم تعيينها من الامين العام للامم المتحدة وعلى رأسها قاض من نيوزيلندة له مكانته في مجال القانون البحري (جفري بالمر)، قالت بشكل حاسم إن أ- حسب القانون الدولي من حق اسرائيل فرض الحصار على غزة. ب- عمل الجيش الاسرائيلي ضد القافلة لا يناقض القانون الدولي في فرض الحصار في المياه الاقليمية. ج- الجيش الاسرائيلي استخدم في العملية قوة زائدة على متن السفينة.
بالنسبة لاسرائيل كان هذا انجازا كبيرا، أما تركيا التي كان لها ممثلا في اللجنة، حاولت الاستئناف على الاستنتاجات. وفي نهاية المطاف تبين أنه اذا اعتذرت اسرائيل ودفعت التعويضات، فانه يمكن التوصل الى تفاهم مع تركيا، وانها ستسحب الدعوى ضد اسرائيل. أي موافقة الاتراك على استنتاجات اللجنة واعادة العلاقة التي كانت باردة أصلا الى مسارها.
الحاق الضرر بحماس
يبدو أنه كان يمكن انهاء هذه القضية قبل سنوا، لكن الطرفين تمسكا بمواقفهما. اثناء زيارة رئيس الولايات المتحدة اوباما قبل اقل من ثلاث سنوات اعتذر رئيس الحكومة نتنياهو في مكالمة مع اردوغان. مع هذه المكالمة تبين أن نبوءات الغضب حول الحاق الضرر بمكانة اسرائيل وباحترامها وبقدرتها على الردع، كانت اقوال لا اساس لها من الصحة. اسرائيل لم تفقد شيء وتركيا لم تكسب شيء.
في نهاية المطاف نضج الامر في الطرف الاسرائيلي وجاء الوقت للتوقيع على الاتفاق. اسرائيل قدمت تنازلين: اولا اعتذرت، وثانيا وعدت باعطاء 20 مليون دولار لصندوق انساني تركي من اجل الاهتمام بالمصابين الاتراك وعائلاتهم وعائلات القتلى. هذا لا يعني تحمل المسؤولية أو الاعتراف بالذنب. والاتراك في المقابل سيسحبون أي دعوى ضد اسرائيل أو اسرائيليين ولن يتعاونوا مع أي اجراء قضائي كهذا. ايضا سيتم استئناف العلاقة الدبلوماسية بالكامل من الطرفين.
ورغم الاتفاق، فان دولة اسرائيل لم توافق على رفع أو الحد من الحصار على غزة. لكنها ستسمح للاتراك بنقل اشياء مختلفة الى غزة عن طريق أسدود. وهذا أمر لم يكن بحاجة الى اتفاق. وبناء مشاريع مدنية كبيرة هناك. الحديث هو عن مشاريع هامة لسكان غزة الذين يعيشون في ظروف صعبة جدا واسرائيل تريد التسهيل عليهم. وهي لا تخدم ايضا حماس، وليس غريبا ان حماس أبدت عدم الرضى عن الاتفاق بين اسرائيل وتركيا. حماس تهاجم اردوغان بشكل رسمي وتعتبر أنه قد خضع. في اعقاب نفي ارهابيين الى تركيا، اصبحت هناك قيادة متقدمة لعمل ارهابي ضد اسرائيل، وتركيا تعهدت بعدم السماح بأي عمل ارهابي ضد اسرائيل من قبل اعضاء حماس الموجودين على اراضيها.
الاتراك اعلنوا ايضا ان الاجهزة الاستخبارية التركية حصلت على أمر للمساعدة في الوصول الى المفقودين الاسرائيليين في غزة. وليس معروفا من أين جاء الامل بأن الاتفاق سيؤدي الى اعادة الاسرائيليين الذين وصلوا الى غزة وجثث جنودنا الذين قد يكونون في أيدي حماس. لا يوجد للاتراك أي تأثير على حماس في هذا المجال ولا يستطيعون الضغط بشكل فعال على الذراع العسكري الذي يملك الحل، خصوصا اذا تم طرد قيادة الارهاب من تركيا. يبدو أنه في المستقبل عندما تكون حماس متعلقة أكثر بالنظام التركي، فان تأثير اسطنبول سيزداد وتزداد قدرة التأثير في هذا الامر. في جميع الحالات الحديث هو عن أمر سيستمر سنوات وليس اسابيع.
عودة الى المسار الطبيعي
في نهاية المطاف فان اساس الاتفاق مع تركيا هو المصالح وليس الثقة. وبالتأكيد ليس التعاطف. لن يؤدي الى اعادة لمعان العلاقة بين الدولتين كما كانت الحال في السابق قبل صعود اردوغان، ولكن بيقين من المتوقع اعادة العلاقة مع دولة هامة جدا في المنطقة الى المسار الطبيعي حتى لو كان باردا، على الاقل في بداية الطريق الجديدة.
ومع ذلك، محظور أن يضر الاتفاق بعلاقة اسرائيل مع دول البحر المتوسط، اليونان وقبرص، والجارة في الجنوب، مصر. بل العكس، علينا رعاية هذه العلاقات أكثر. والاتفاق سيؤدي الى سحب الدعاوى ضد اسرائيل في ارجاء العالم ويوقف المعارضة التركية لدمج اسرائيل في المنظمات التي يوجد لتركيا تأثير فيها، وسيسمح ذلك بالتعاون بين الدولتين في منطقة مشتعلة.
عندما سيطبق الاتفاق ستكون الخطوات التي ستشدد على التطوير والتجارة مهمة. ولا سيما المشاريع بين الحكومات حيث أن اتفاق الغاز سيكون أهمها. والاهم هو أن الاتفاق بين اسرائيل وتركيا يرسخ حقنا في فرض الحصار واستخدام القوة العسكرية من اجل تطبيقه. لا توجد لاسرائيل امتيازات كهذه في الساحة الدولية والثمن الذي تم دفعه في الاتفاق كان جديرا.